رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: فوزي بن عبد الصمد فطانى 21 مارس، 2019 0 تعليق

أقوالٌ عند التِّيجانية لا يقبلُها شرع ولا يقرُّها عَقل

تُعدُّ الطريقة التيجانيَّة من أكبر الطرق الصوفية؛ وذلك لكثرة معتنقيها في إفريقيا عمومًا، وفي شمالها خصوصاً، وهي اليوم تقدَّم على أنها بديلٌ عن السلفية السّنِّيَّة في كثير من البلدان، وكثيرًا ما رفع أصحابُها شعارَ الاعتدال، وادَّعوا أنهم الممثِّلون الشَّرعيون لمعتقد أهل السنة، وأنه لا ينكر عليهم إلا شرذِمة مخالفة للسَّواد الأعظم تنتسب للسلفية، وهذه الدعوى إذا طلب من أصحابها البيِّنة على كلامهم عادةً ما يخرجون عن الموضوع، ويأتون بكلام لا يُسمن ولا يُغني من جوع، ونحن سوف نسلِّط الضوءَ على ما يذكرونه في كتبهم من معتقداتهم التي يعتقدون ويصرِّحون بها، ونترك المسلمَ الحياديَّ يحكم بنفسه بما علم ضرورةً من دينه، وحكمت به بدهيات العقل، وصدَّقته الفطرة، ونذكر من ذلك ما يلي:

 

وحدة الوجود

- أولا: قولهم بوحدة الوجود، وهذه مسألةٌ صرَّح بها كبراؤهم أجمعون، وَصَرَّفُوا العبادة حولها، حتى بدت أوضحَ من الشمس في رابعة النهار، من ذلك قول الشيخ التيجاني: اعلم أنّ أذواق العارفين في ذوات الوجود أنهم يرون أعيـانَ الموجـودات كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ؛ فما في ذوات الوجود كلِّه إلا الله -سبحانه وتعالى- تجلَّى بصورها وأسمائها ظاهرة بصورة الغير والغيرية، وهي مقام أصحاب الحجب الذين حُجبوا بظاهر الموجودات عن مطالعة الحقِّ فيها، وقال عبيدة بن محمد الصغير: القائلون بوحدة الوجود أولو الذَّوق الصحيح والكشف الصريح، وأهل هذا التصديق الجامع؛ فإنهم قائلون بأن الله -تعالى- هو الوجود المطلق بالإطلاق الحقيقي.

صلاة الفاتح

- ثانيا: تفضيل صلاة الفاتح على القرآن، وهذه من أشنع بدَعهم، وهي تفضيل صلاة الفاتح على كتاب الله -عز وجل- مطلقًا بمجرد الظنون والأوهام، يقول الشيخ التيجاني: إنّ المرَّةَ الواحدةَ من صلاة الفاتح تَعْدِلُ كلَّ تسبيحٍ وقَع في الكون، وكلّ ذِكْرٍ، وكلّ دعاءٍ كبيرٍ أو صغيرٍ، وتعدلُ تلاوةَ القرآن سِتّةَ آلافِ مرّة، ويذهبُ عمرُ بن سعيد الفوتي التيجاني إلى زيادات أُخر هي أقرب إلى طرق شركات الاتصال في الخدمات منها إلى الأجور الشرعية فيقول: وتتضاعف ستة آلاف مرة، ثم تحسب ألسنة جميع المخلوقات من كل ما سوى الله -تعالى-وتتضاعف فيها تلك الجمعية بعد مضاعفتها ستة آلاف مرة، تتضاعف أيضا على عدد ألسن العوالم جميعها من كل ما سوى الله -تعالى-، ثم تتضاعف مضاعفة ثالثة على قدر مرتبة كل إنسان؛ فإن من الألسن من ليس له من ذكره إلا مرة واحدة من كل لفظ، وفيهم من له التضاعف مائة مرة، كل كلمة من كل ذكر، وفيهم من له عشرة آلاف، وفيهم من له ألف ألف إلى عشرة آلاف ألف إلى مائة ألف ألف إلى ألف ألف ألف إلى ما وراء ذلك مما يكثر ذكره.

معاذير غير مقبولة

     وقد اعتذروا عن هذا القول بمعاذيرَ أسوأ منه، منها أن هذا بالنسبة لمن لا يعرف القرآن أو لا يعمل به؛ فالقرآن شاهد عليه؛ فتكون صلاةُ الفاتح بهذا الاعتبار أفضلَ في حقِّه، وهذا عجيبٌ؛ من حيث إن التفضيل مبناه على الدليل لا على مجرَّد التشهِّي، ومن جهة أخرى هذا تحكُّم في النّص؛ لأن النصَّ لم يُحِلْ إلى هذا المعنى ولا أرشدَ إليه، والتيجاني لم يدَّع أن مبنى كلامه على النصوص الشرعية، وإنما مبناه على ما يدَّعيه هو من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظةً وإخباره بذلك.

لا نسلم بهذا الخبر

     ونحن لا نسلِّم برؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم يقظةً، ولا نسلِّم بهذا الخبر، بل لا نسلِّم أن صلاة الفاتح أفضل من الصلاة الإبراهيمية؛ فكيف بالقرآن؟ ودليلنا على ذلك منطوق الوحي؛ فعن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرَّت عيناه، وعلا صوته، واشتدَّ غضبه، حتى كأنه منذرُ جيش يقول: صبَّحكم ومسَّاكم، ويقول: «بعثت أنا والساعة كهاتين» ويقرن بين إصبعيه: السبابة والوسطى، ويقول: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ بدعة ضلالة»، فخير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .

تفضيل التيجاني

- ثالثا: تفضيل التيجاني على سائر البشر ما عدا الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، قال عمرُ الفوتي التيجاني: إن الله -تعالى- لما ختم بمقامه مقامات الأولياء، ولم يجعل فوق مقامه إلا مقامات الأنبياء، وجعله القطب المكتوم، والبرزخ المختوم، والخاتم المحمدي المعلوم، وقال محمد العربي السائح التيجاني: فقد ثبت عنه من طريق الثقات الأثبات من ملازميه وخاصته أنه أخـبر تصريحًا على الوجه الذي لا يحتمل التأويل، أن سيِّد الوجود أخبره يقظة بأنه هو الخاتم المحمدي المعروف عند الأقطاب والصديقين جميعهم، وبأن مقامه لا مقام فوقه في بساط المعرفة بالله.

     والغريب هو ما يلزم على هذا التفضيل من لوازم خطيرة، منها: أن هذا الرجل أفضل وأعرف بالله من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أفضل من الحواريِّين ومن قوم موسى ومن الخضر على القول بولايته، وكل هذا مخالف لصريح الكتاب وصحيح السنة. ومن ناحية أخرى؛ فإنه يلزم من هذا الفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم كتَم عن أمته بعض الخير وأخبرها بما هو دونه؛ فكيف أخبر الصحابة بأويس القرني ويطلب منهم أن يلتمسوا دعاءه، ويخبر كذلك بالمهدي، ولا شك أن هذه النصوص المنقولة عن القوم تفيد تفضيله على كل هؤلاء؛ فكيف لم ترشد النصوص إلى ذلك، ولا أشارت إليه ولو من طرف خفي؟!

من يتبنى طريقتهم

 - رابعا: ادعاؤهم أن من تبنى طريقتهم دخل الجنة وشفع في الكفار، ذكر الشيخ إبراهيم نياس عن شيخه عبد الله ولد الحاج أنه قال: إن من كرامات الطريقة التيجانية أن إبراهيم بن سالم صار من أهل الجنة مع كونه أميرًا فاسقًا ظالِمًا، وسبب ذلك أنه اغتصَب امرأة متزوجةً بغيره، ونزعها من زوجها بقوة، وعاشرها طول حياته معاشرةً غير شرعية حتى مات، ولكن تلك المرأة كانت أخذَت الطريقة التيجانية، ومحقق أنها لا تذكر أورادها، ولكن ليس ذلك رفضًا لها، بل كسلًا فقط؛ فبسبب هذه المرأة صار ذلك السلطان الكافر الفاسق الظالم من أهل الجنة بغير إسلام ولا توبه.

القصة المشهورة

والقصة مشهورة معروفة متداولة مع توثيقها العلمي؛ فمما زالوا إلى اليوم يتداولونها.

     ولك -أيها القارئ الكريم- أن تنظر إلى هذا الانحلال، هل يمكن أن يكون من عند الله، أم يقره عقل صريح أو دين سليم؟! فهذا هو الاعتدال والوسطية الذي يبشِّرون به المسلمين، وهذا هو الحق الذي من خالفه عدَّ غاليا في دين الله مكفرِّا للمسملين بغير حق، والغريب أن عقيدة وحدة الوجود التي يصرحون بها في كتبهم ويقررونها في مقالاتهم ويُنَظِّرُونَ لها أنكرها العلماء من المذاهب كلها، ونصُّوا على مناقضتها للإسلام ومخالفتها لأصوله، هذا مع ما ينتج عن ادعاء رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظةً من بدعٍ عملية تأتي على بنيان الشرع من القواعد؛ فلم يكن لكتب الحديث ولا لكلام أئمة الجرح والتعديل أي معنى ما دام النبي صلى الله عليه وسلم يُرى يقظة، وتأخذ عنه الشرائع، بل انعقاد الإجماع مستحيل والشرع قابل للتبديل والتخصيص والنسخ من جديد، وهذا ما التزمه القوم؛ فالتيجاني يصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم خصَّه بصلاة الفاتح دون سائر الأمة بما في ذلك الصحابة -رضوان الله عليهم-وهل هي من الدين أم لا حتى يصح إمكان كتمان رسول الله لها؟!

     يجيبك التيجاني من خلال ما تقدم من النصوص من أنها أفضل أجرًا من القرآن بستة آلاف مرة؛ فهذا الخير الكثير الذي من حق الأمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلا من أن يعلمهم إياه أسرَّ به لرجل من متأخرة الزمان؛ فهل يرضى عاقل بهذا الخطل الذي لا يقره شرع؟!

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك