هل يُؤلمكم أنكم مسلمون؟
- على دعاة الإصلاح تحمّل مسؤولياتهم تجاه مجتمعهم وأن يعدّوا العدة كلّ بحسب ما يملك من إمكانات ومهارات للرد على أهل الضلال لصدّ ما يدّعونه ويفترونه
عجيب وغريب أمر شريحة من الناس في مجتمعنا وكأنهم متألمون ومحزونون كونهم مسلمين وراثة ولم يختاروا عقيدتهم بأنفسهم، فتجدهم يحنقون ويُنزلون سخطهم على دين الله وضوابطه بفلتات ألسنتهم مرات عديدة، بل ومرات أخرى بقصد وتعمّد هنا وهناك، ويتبجّحون في جرأتهم وسخريتهم على أحكام الدين وآدابه، ونصبوا أنفسهم طبقة مثقفة، وتصدّروا المجالس والمحاضرات، وكأنهم أوصياء على عقول من حولهم من الجماهير ممن يستمع لهم.
وهؤلاء يصنّفون أنفسهم على أنهم مفكرون وخبراء وعلماء في مجتمعاتهم، وهم لا يعلمون أنهم مكشوفو الرؤوس وما عادت تنطلي خبائثهم على مستمعيهم، فهم يظنون -بحكم مناصبهم العلمية- أنهم بعيدون عن النقد والتقييم والتجريح بهم، حينما يتناولون -ببجاحة- أي أمر متعلق بدين الله كان سنّة أو واجبا.السيرة الحقيقية للإنسان
أعزائي القراء، هؤلاء الذين يظنون في أنفسهم العظمة، وأنهم فوق الكل، ولن يقدر عليهم أحد كونهم قد عمّروا سيرتهم الذاتية بما عمّروها، لكنهم جاهلون في تعمير السيرة الذاتية على الحقيقة؛ إذ يظنون أنّ تعميرها بالبحوث والدراسات والمناصب جديرة باحترام الناس لهم وتوقيرهم، بينما السيرة الحقيقية هي تقدير المرء لدينه وعقيدته، ومن ثمّ احترام عقول الناس من حوله؛ فلا يسفّه ما آمنوا به بُغية حظوظ النفس وتعظيمها!كيف نجابه هؤلاء؟
والذي يجدر الوقوف عنده والأخذ بعين الاعتبار له والجدية، هو الكيفية التي نجابه بها هؤلاء، وصدّهم عن بغيتهم في الاستهزاء بالدين، وعده ألعوبة وضحكا ومادة يتفكّهون بها أمام جماهيرهم، وفي حال آخر تجدهم إذا واجهناهم بالحجة والبرهان تراجعوا وتهربوا من المواجهة، وتحوّلوا إلى الرقيّ في الكلام؛ إذ لسان مقالهم وحالهم «العفو والسموحة لم نقصد كذا وكذا» ويبدؤون بنواعم الكلام إلى القهقرى شيئا فشيئا، مدّعين اللطف والهدوء والاتزان، وأنّ مقاصدهم حسنة، وإلى آخره من أساليب الخبث التي يتقصّدونها من أجل الحفاظ على مكانتهم، ومنعا لإحراج ذواتهم التي ضخّموها على حساب الحق والحقيقة.لا تنصتوا لهم
عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة، هؤلاء القوم لا يستحقون منّا أن ننصت لهم، ولا أن نحضر لهم محاضرات؛ فهم ليسوا أمناء على كرسي المحاضرات ومكبّر الصوت الذي به يُسمِعون جماهيرهم زيف أقوالهم؛ لذا ومن هذا المنبر الإعلامي نؤكد أهمية الانتشار الواسع من جهة أهل العلم الشرعي وأهل الصلاح بمتابعة مزالق أهل الضلال لصدّ ما يدّعونه والردّ عليهم.الدعاة وتحمل المسؤولية
ومن جهة أخرى على كل داعٍ إلى الإصلاح الاجتماعي ألا يتنحّى عن تحمّل مسؤولياته تجاه مجتمعه، وأن يعدّ العدة كلّ بحسب ما يملك من إمكانات ومهارات، أنْ يُدلي بدلوه مجتمعيا، ويكون ذا همّة مبدعة خلاّقة في مجال ما يملك من قدرات، ولا يتوانى على أن يجعل له ملفات إنجاز لعمليات الإصلاح للبلاد والعباد، ولا يكتفي بإلقاء دورة شرعية، وتنظيم نادٍ، ولقاء هنا وهناك في المناطق، وإنما نحن بحاجة إلى دعاة يملكون رؤية أوسع وأكبر. ومثال ذلك أن يعمل في مجال الإعلام الصحفي وله ملف إنجازي في ذلك، وله ملف آخر في برامج (البودكاست) الإلكترونية، وملف ثالث زيارات مجدولة ثابتة للشباب في نواديهم الرياضية، وملف رابع مع ذوي الاحتياجات الخاصة من شريحة الأحداث في دور الرعاية الاجتماعية، ونشاط آخر في مجال نشر العلوم المتنوعة، في: الاقتصاد والاجتماع والتربية والثقافة والسياسة من منظور شرعي، وفق الكتاب والسنة وفهم الصحابة والتابعين والعلماء المعتبرين من بعدهم، وتسليط الضوء على قضايا الأمة والحلول البديلة لها، وغيرها من الأمور، وتتبع قضايا المجتمع التي يعاني منها، وهي وبال عليه ولها تداعيات مخرّبة لجسم التكافل الاجتماعي الذي دعا له ديننا الإسلامي، من مثل: العنصرية والطبقية والولع بالتنافس على أعلى مستويات الفحش في الثراء، من خلال النصب والتزوير والسرقات تحت مظلة غير مكشوفة! وهكذا فالإصلاح للمجتمعات يبدأ دوما من إصلاح القاعدة والبنية التحتية في الشعوب، وترتقي بإصلاحها حتى ينتشر أكثر فأكثر في مختلف طبقات المجتمع وشرائحه.صناعة الإنسان
أعزائي القراء، حينما نعمل وننجز بإخلاص لله وحده لا لحظوظ النفس ولا لسمعة ولا رياء ولا لتسجيل موقف هنا وهناك أمام الناس، ولا لدرء نظرة الناس لنا، وننشغل بماذا يقولون عنّا؟ عندما نعمل بوصفنا خلايا النحل وأسراب النمل المنظمة في جهودها لصناعة عقول البشر، عندها نكون قد بلغنا أفضل الصناعات وأشرفها في العالم، وأعلاها وهي صناعة الإنسان والمجتمع الإنساني الذي منه تتكون الدولة في بنائها.
لاتوجد تعليقات