رسالة إلى صديقي
الصديق هو نفسك الجديدة التي تختارها بعناية، الصديق هو الأخ الذي لم تلدهُ الأُم، هو الصاحب لكل مواقف الحياة، وخير ما يجد المرء في هذه الأيام صديق تزيد الحياة به حياة، الصداقة الصدوقة هي الكنز الحقيقي والعملة التي لا يمكن أن تخسر أبدًا ، لذلك كانت رسائلي هذه.
من صديقك الذي تختار ؟
رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنًا، قال ابن عباس: صديقي الذي دخل منزلي؛ فزيارة الصالح في بيته بركة ورحمة على العبد في دينه ودنياه.
صديقك الذي يجب أن تتمسك بصداقته هو من صمم أن يتغافل عن أخطائك أكثر من مرة حتى لا يخسرك؛ فهذا الصديق نادر الوجود؛ فتمسك به ولا تُقدم على مودته أحدا.
يا صديقي، إذا أردت أن تعرف كيف يَصنع الرجل الواحد الفارق في أجيال؛ فانظر إلى رجل كتب الله له القبول في كتبه، أو في من ربى من رجال.
كن واقعيًا
- يا صديقي، حطم مثاليتك، بعضهم يمكر لك ليل نهار، ويكرهك فقط؛ لأنك لست فاسدًا مثله، لا تشغل نفسك كثيرا لماذا؟ إنها الدنيا، فقط استمر.
- يا صديقي، قال الله القوي -جل وعلا-: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}، رددها صيحة إفاقة بعد كل سكرة كبر؛ فبعضنا ينسى نفسه، وكلنا في الضعف سواء
- يا صديقي، حطم مثاليتك الحياة البشرية أقسى بكثير من قراءة كتب التنمية البشرية؛ لذا تظل الممارسة العملية أعظم مُعلم.
- يا صديقي، لن تقدر أن تقود غيرك حتى تقود نفسك، ولكن دعني أنقل لك الواقع العملي، قيادتك لغيرك خطوة مهمة في قيادتك لنفسك، ولكن إن كنت منتبها لذلك.
آخرتك بوصلتك، وقرآنك قائدك
- يا صديقي، من وقع في حب القرآن بصدق، قام به القرآن ليغير نفسه بحق، من أعطى القرآن من وقته، ومشاعره، وأفكاره، أعطاه القرآن من فيوضه وأسراره.
- يا صديقي، لا تجعل آيات القرآن جسرًا لأغراض دنيوية، ولا تُسخر الآيات لعاطفتك وهواك، ولا تجامل متابعيك بصنعة تدبر وبلاغة حرف، الواقع أعقد من صنعتك، (لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُم) (الفاقات بُسُطُ المواهب) ابن عطاء الله: كم من هبة من الله تنظر بساط فاقة أو بلاء.
- يا صديقي، قلبك أعز ما تملك؛ فكم تصرف له من وقتك؟ وكم مرة تتفقده في يومك؟ وكم مرة تستنطقه فينطق؟ فردوسك في الدنيا داخلي لا خارجي؛ فانتبه.
- يا صديقي، بمنتهى الصراحة والوضوح، والمباشرة لو لم تضبط شغفك وتعلقك ووقتك مع الموبيل والإنترنت؛ فأنت مُعرض للحرمان؛ فبينما أنت بين هؤلاء في العالم الافتراضي، غيرك تفرغ لبناء العالم الحقيقي.
- يا صديقي، خيالك وخواطرك صنعا لك ذنبا لا تستطيع أن تفارقه كما ذكرت، اصنع من الخيال والخواطر نفسها طاعة لا تفارقك أيضا أينما رحلت، استثمر خيالك.
- يا صديقي، عدم فهم الحكمة من وجود البلاء في حد ذاته بلاء، وربما يكون أشد.
- يا صديقي، لا تجعل مستجدات واقعك وأخباره تطغى على مستجدات قلبك وأحواله؛ فلن يضرك غبار الخارج، طالما لم ينفذ إلى داخلك.
هؤلاء هم قدوتك
- يا صديقي، أعذرك وأتفهم قناعاتك لو أنك من أتباع نوح، فلا عجب أن تنتظر النصر في الطوفان، ولكنك من أتباع النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم؛ فعملك في بناء الإنسان.
- يا صديقي، أصحاب أعظم مهام على وجه الأرض الأنبياء -عليهم السلام- كانوا يستعينون على قضاء حوائجهم وإنجاز مهماتهم بكثرة الاستغفار؛ فبهداهم اقتده.
- يا صديقي، طالما تملك الاختيار -بإذن الله-؛ فلماذا ضيقت أدوار القصة في دورين فقط، إما قابيل وإما هابيل؟ لماذا لم تختر أن تكون آدم أو محمدا صلى الله عليه وسلم؟.
- يا صديقي، يقيناً أنت لست يونس، ويقيناً أيضاً أنت في ظلمة بطن الحوت، أرجوك لا تنادي على أحد ليرافقك، نادي ربك لينقذك.
- يا صديقي، ارفق بنفسك؛ فنحن في زمن تغيير قواعد اللعبة، ما تربيت عليه أنا وأنت الآن يتغير، وأصعب الأوقات هي قواعد ذي القرنين، غير قواعد فتية الكهف.
- يا صديقي، كل عمل تغييري لا يقرن بعلم وعمل ورحمة هو مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم ، في التغيير كان همه صلى الله عليه وسلم صناعة إنسان العلم والعمل والرحمة، لا ممارسة القهر عليه
ما أهدافك ؟
- يا صديقي، بعض خطوط الإنتاج في مصنع حياتك تعمل بمنتهى الكفاءة، ولكنها تخرج منتجات ليس لها أي قيمة، في رحلة هدفك ركز حتى لا يضيع مجهودك ووقتك.
- يا صديقي، لا تكن بطلا لهذه القصة التي يلخصها المتنبي في بيت من الشعر في النّاسِ أمثِلَةٌ تَدورُ حَياتُها كَمماتِها ومَماتُها كَحَياتِهَا.
- يا صديقي، الاستثمار الحقيقي للعُمر، هو بذل كل ما تملك من جهد ووقت ومال ومشاعر وتفكير، من أجل أن تُبقي قلبك سليماً، القلب السليم نعيم.
- يا صديقي، اجعل هدفك مثل (روما)، كل طرق يومك تؤدي إليه؛ فالتركيز على هدف في حد ذاته هدف.
- يا صديقي، صناعة الفارق على وجه هذا الكون، يصنعه -بعد توفيق الله والإخلاص- سبعة: الإيمان، الحماس، التركيز، الصبر، الشكر، الإبداع، والجماعية.
- يا صديقي، أرجوك، انتقل وبسرعة من الانشغال إلى النتائج والأفعال، أنت منشغل، ولكن من غير إنجاز.
- يا صديقي، كيف تدعي أنك كبير وفكرك، وهمك، وجهدك، ونفسك ليل نهار شغلتها الصغائر؟ من أشهر حيل النفس، شغلك بالصغائر الهامشية لتبعد عن العظام الرئيسية.
- يا صديقي، كن رجلا، لا من أجل موقف يمضي ويمر، ولكن كن رجلا من أجل حياة تبقى وتستمر، كن رجلا؛ لأن الرجولة تليق بك؛ فإما أن تبحث عن مهام تناسب قدراتك، أو تسأل الله قدرات تناسب مهامك.
- يا صديقي، خطيئة اللا فعل، لا تليق بك، تحرك لا تقف هكذا.
هذا ليس صديقك
- يا صديقي، من حيل الشيطان الواضحة، إن لم يستطع أن يوقعك في الحرام إذن يغرقك في المباح النوم والطعام كمثال، وهذا لا يليق بأهل المبادرة والهمة.
علاقاتك إلى أين؟
- يا صديقي، في حياتك، في عملك، الناس تبحث عن المساهمات لا الكلمات، مهما كانت الكلمات، المساهمات هي الأهم عندهم، لا تضيع عمرك في كلام من غير مساهمة.
- يا صديقي، قال الله -تعالي-: {هو أعلم بمن اتقى}، أحرق مراكب الخوض في نيات البشر بنور هذه الأية.
- يا صديقي، من أشد أنواع الألم، أن يظن مُحبك أن قسوة قرارك اختيار ولا تقدر أن تخبره، أو تُفهمه أنك محاط بالاضطرار ألم الصبر على ظنه مُر لا يمُر.
- يا صديقي، يطالبك أحدهم بالتفكير خارج الصندوق، ولا يعلم أنك لا تملك صندوقا من الأساس بل لم تسمع عنه ولو مرة فأضرك من حيث أراد أن ينفعك.
- يا صديقي، حدثني عن ابتسامة ترتسم على وجهك أمام شاشة هاتفك، وتختفي أمام وجه والدتك ووالدك ثم تسألني عن نقص البركة في عمرك.
- يا صديقي، تخير معاركك؛ لأن المعارك التافهة هي المصنع المعتمد لمُنتَج البطل التافه، قل لي من عدوك؟ وما معركتك؟ أقول لك من أنت.
- يا صديقي، التمس العذر لبعضهم؛ فأنت ساحة بطولته الوحيدة، فشله يحاصره من كل مكان؛ فوجد نفسه في السب والشتم واللعن من وراء كيبورد، لو نطق لسبه هو.
- يا صديقي، كل قليل أصل يمُر بحياتك، هو دورة تدريبية؛ ليكون عملك خالصا لله، هذا النوع لن ينقرض، المهم ألا يجعلك مثله، ادْفَعْ بِالَّتي هيَ أَحْسن.
- يا صديقي، أفضل طريقة للرد على مُنتقديك أن تُخيب ظنهم السيئ فيك لله -جل وعلا- لا لهم مهما زاد ظلمهم، فالإخلاص خلاص من شباك الناس
- يا صديقي، من أكثر من العتاب رخص عتابه أولا، وإذا زاد وبالغ رخص هو ثانيا: فن العتاب: هو معرفة متى؟ وأين؟ ومع من؟ وكيف نتعاتب؟
- يا صديقي، كلهم من استمرارك وثباتك منبهر، وكلهم أيضا لا يعرف أنك حتى الآن لم تختبر، لا تغتر وبعد الاختبار يثبت الانبهار وعافية الله خير.
أنت والتغيير
- يا صديقي، أعظم عمل إصلاحي تقوم به، هو ألا تزاول الأمور نفسها التي تريد أن تغيرها، بعد أن تمكنت طلبت التغيير في كل شئ إلا في نفسك.
- يا صديقي، أنت لا تريد التغيير، أنت تريد نفسك، أنت لا تبحث عن أحرار، أنت تبحث عمن يوافق هواك ألا أنقدك؟ ولكن أذكر نفسي حتى لا أسلك مسلكك.
- يا صديقي، أنا لم أرفض التغيير، وإنما علمتني التجارب أن التغيير الذي لا يأتي من أحرار، إنما يأتي فقط ببديل له الصفات نفسها، ولكن بمسميات مختلفة
- يكفيك سوء ظنك، وطريقة تفكيرك، وتفسيرك للأمور، لتكون من أحزن خلق الله.
لاتوجد تعليقات