ساعة مكة.. هل تحل محل «غرينتش»؟
لحظات للتاريخ سوف يسجلها طويلاً، إنه أول أيام شهر رمضان المبارك للعام 1431هـ، والذي شهد بدء دوران عقارب ساعة مكة المكرمة، المطلة على الحرم المكي، والتي تعلو بارتفاع يصل إلى 400 متر، وبحجم 40 متراً. لتصبح بذلك أضخم ساعة تقام في العالم حتى الآن.
فعلى هذا الارتفاع الشاهق، أصبحت ساعة مكة المكرمة معلماً عالمياً في مكة والسعودية والعالم أجمع، حيث يمكن للزائرين مشاهدتها من بعد 8 كيلو مترات.
وتقع ساعة مكة المكرمة ضمن برج وقف الملك عبدالعزيز للحرمين الشريفين، والذي يبلغ ارتفاعه 601 متر، وهو بذلك يحتل المركز الثاني عالمياً من حيث الارتفاع بعد برج خليفة في دبي. ويصل ارتفاع الساعة من قاعدتها إلى أعلى نقطة في قمتها نحو 251 متراً.
98 مليون قطعة فسيفساء تزيّن الساعة
وتنار الساعة العملاقة 5 مرّات في اليوم خلال فترات الأذان بنحو 21 ألف مصباح ضوئي باللونين الأبيض والأخضر، أما خلال بعض المناسبات الإسلامية كدخول الأشهر الهجرية والأعياد، فسينطلق من الساعة 16 شعاعاً ضوئياً للأعلى بقوّة 10 كيلوواط للحزمة الواحدة، ما يجعل الضوء يصل أفقياً إلى أكثر من 10 كيلومترات.
والساعة العملاقة هي عبارة عن أربع ساعات بالاتجاهات الأربعة للبرج الذي يحملها، تطل الرئيسة منها والتي تحمل لفظ الجلالة (الله) على الكعبة المشرفة في الحرم المكي. وتتوسط الساعة علامة السيفين والنخلة شعار المملكة العربية السعودية.
وتتكون الساعة من 4 واجهات، يبلغ حجم الواجهتين الأمامية والخلفية 43 متراً في 43 متراً، بينما يبلغ حجم الواجهتين الجانبيتين نحو 43 متراً في 39 متراً، ويمكن رؤية أكبر لفظ تكبير (الله أكبر) في العالم فوق الساعة، حيث يصل طول حرف الألف في كلمة لفظ الجلالة (الله) إلى أكثر من 23 متراً، ويبلغ قطر الهلال 23 متراً، وهو بذلك أكبر هلال تم صنعه حتى الآن. كما تمت تغطية واجهة الساعة المزخرفة بـ 98 مليون قطعة من الفسيفساء الزجاجية الملونة.
وتتكون واجهات ساعة مكة كاملة من مادة “الكاربون فايبر” المتطورة التي تستخدم في صناعة الطائرات الحديثة، ويبلغ طول عقارب الدقائق 22 متراً وطول عقارب الساعة 17 متراً، ويزن كل عقرب 6 أطنان صنعت من مادة “الكاربون فايبر”. ومن أجل القيام بأعمال الصيانة يمكن الدخول إلى داخل عقارب الساعة.
ويمكن رؤية لفظ الشهادتين (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فوق الواجهتين الجانبيتين للساعة. وتتكون الساعة، المصممة على الطراز الإسلامي طبقاً لأدق معايير السلامة، من مستوى قاعدي يحتوي على شرفة للزائرين تقع تحت واجهات الساعة الأربع ويبلغ الوزن الإجمالي لساعة مكة 36.000 طن.
وستوفر الكهرباء اللازمة لتشغيل الساعة من قبل شبكة الكهرباء العامة إلى جانب الطاقة الشمسية التي تسببها ألواح شمسية مولدة للطاقة مربوطة بها. فيما تم حماية هيكل الساعة والبرج الذي يحملها بنظام حماية ضد الرياح والأمطار والأتربة وغيرها.
حديث العالم
خلال أيام قليلة جداً، وصلت أنباء الساعة الجديدة في مكة المكرمة إلى جميع أرجاء الأرض تقريباً، فكتبت عنها كبريات الصحف العالمية، ونقلت مشاهد عملها وارتفاعها الكثير من الفضائيات العالمية، وباتت حديثاً متكرراً في وسائل الإعلام، ما بين معجب ومتعجب.. حتى أن بعض الصحف لم تخف مخاوفها من تحويل العالم أنظاره باتجاه هذه الساعة بديلاً عن غرينتش، فكتبت تحذر وتقارن بين مكة ولندن.
وتنقل لنا صحف ومجلات ومواقع إنترنت عربية، آمال الناس في العالم الإسلامي أن تصبح ساعة مكة المكرمة معلماً إسلامياً، ومصدراً لوحدة العالم الإسلامي، مؤكدين أن المسلمين قبل الحكومات ينظرون إلى مكة المكرمة على أنها توقيتهم الأكثر أهمية.. بل إن الكثير من القنوات الفضائية تضع توقيت مكة المكرمة على شاشاتها منذ عدة سنوات، وهي بذلك تؤكد أن توقيت ساعة مكة المكرمة يمكن أن يكون رمزاً جديداً للوحدة الإسلامية.
المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ينظرون إلى مكة المكرمة على أنها قبلة المسلمين الوحيدة؛ لذلك فإن وجود ساعة وتوقيت معين ينطلق من مكة المكرمة يمكن أن يكون مصدرا أساسيا ليس للوجهة فقط بل للتوقيت أيضاً.
وأهابت العديد من الصحف العربية بضرورة تضافر جهود الحكومات الإسلامية لاعتماد توقيت مكة المكرمة كتوقيت أساسي لها، بديلاً عن توقيت غرينتش في بريطانيا، مؤكدة أن مكة ليست فقط قبلة المسلمين والأكثر جدارة أن تكون معياراً للتوقيت، بل أيضاً لأنها تقع في مركز الأرض أيضاً، وتتجه زوايا الكعبة المشرفة فيها للشمال بشكل دقيق.
بريطانيا تعلن مخاوفها
أولى الدول التي أعلنت عن مخاوفها من هذه الساعة الجديدة، هي بريطانيا، التي تضم على أراضيها خط غرينتش الوهمي، والذي يعتبر مركزاً لتوقيت العالم.
وتنظر بريطانيا إلى ساعة مكة على أنها المعادل الإسلامي لساعة «بيغ بن» ولتوقيت غرينتش الذي فرضه الإنكليز على العالم بعد اختراعهم لخط وهمي هو خط غرينتش، والذي يقع في ضاحية غرينتش غرب لندن. هذا الخط الذي ساهمت بريطانيا في جعله مقياساً للمكان والزمان قرباً وبعداً.
ولا تخفي المملكة العربية السعودية نيتها جعل مكة المكرمة مركزاً للتوقيت العالمي، وهي الأجدر بذلك حقيقة وواقعاً، فبحسب القائمين على المشروع فإن التشغيل التجريبي لساعة مكة سيستمر ثلاثة أشهر، ثم سيتم ربط مركز توقيت مكة المكرمة بشبكة التوقيت العالمي “يو تي سي” التي يوجد مقرها في باريس.
وفي تقرير عن ساعة مكة المكرمة.. كتبت شبكة الـ «بي بي سي» البريطانية تقول: “أين تقع أضخم ساعة في العالم”، لتجيب عن تساؤلها في تقريرها بالقول “إنها في مكة”.
فيما كتبت صحيفة «الديلي تليغراف» البريطانية تقول: “إن ساعة مكة العملاقة تسعى لإلغاء توقيت غرينتش”، مشيرة في تقرير نشرته بتاريخ 12 أغسطس 2010 إلى أن ساعة مكة الضخمة الجديدة تمثل الآن تحدياً لسيادة توقيت غرينتش، حيث يمكن أن يضبط ما يقرب من مليار ونصف المليار مسلم توقيت ساعاتهم عليها.
وتضيف الصحيفة بالقول: “إن العلماء المسلمين يأملون أن يمتد نفوذ ساعة مكة إلى أبعد من الأراضي السعودية، وذلك كجزء من خطة لمكة للتفوق على غرينتش باعتبارها مركزاً حقيقياً للأرض”.
ولا تبتعد الصحيفة عن الحقيقة؛ إذ إن علماء الجغرافيا يؤكدون أن مكة المكرمة هي المركز الحقيقي للأرض، وتتجه زوايا الحرم المكي الشريف بشكل دقيق مع زوايا الاتجاهات الأربعة في العالم.
وتؤكد الدراسات الجغرافية أيضاً أن مكة المكرمة تقع في خط مستقيم تماماً مع خط الطول الرئيسي للشمال المغناطيسي في العالم.
صحف العالم والحديث عن مكانة مكة المكرمة
كما لم تخف الصحف الأمريكية أيضاً قلقها من مكانة ونفوذ ساعة مكة، وانعكاساً لامتداد مكانة ونفوذ مكة المكرمة، حيث قالت صحيفة “الواشنطن تايمز”: “إن ساعة مكة ترمز إلى الطموحات الدينية للدين الإسلامي”، معتبرة أن مكة قد تصبح من خلال مركزيتها بالنسبة للمسلمين والساعة الجديدة مركزاً للعالم.
وتضيف الصحيفة أن علماء مسلمين اقترحوا أن تكون ساعة مكة بديلاً لساعة غرينتش في بريطانيا، مشيرة إلى أن الساعة الجديدة قد تحمل مضامين دعوية تبشيرية للدين الإسلامي في العالم. في إشارة إلى أن الساعة ومركزية مكة المكرمة والتوقيت العالمي الذي قد تصبح محورية فيه، ستصبح قوّة كبيرة في زيادة النفوذ الإسلامي وزيادة وقوّة المد الدعوي الإسلامي في العالم.
وقد استغلت العديد من صحف ومجلات العالم الحديث عن الساعة الجديدة العملاقة في مكة المكرمة، للحديث عن مكانة مكة المكرمة لدى المسلمين، وقطبية مكانتها كقبلة واحدة لجميع المسلمين في الصلاة، منطلقين من ذلك للحديث عن أن الساعة الجديدة سوف تجعل التوقيت العالمي يتجه إلى العالم الإسلامي.
وقارنت الكثير من الصحف الأجنبية بين ارتفاع ساعة مكة المكرمة، وارتفاع ساعة «بيغ بن» البريطانية، مؤكدين أن الزعامة العالمية لخط غرينتش البريطاني الذي بقي لسنوات طويلة مرجعاً لخطوط الطول والسفن والملاحة والمناطق الزمنية، تشهد أكبر تهديد لها اليوم بسبب الساعة الجديدة التي تقع في ثاني أطول ناطحة سحاب في العالم.
لاتوجد تعليقات