رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إعداد: د. سلمى هاني 14 نوفمبر، 2016 0 تعليق

الآثار السلبية للتدخين على الأسرة والمجتمع

المشكلات والأخطار الصحية التي يسببها التدخين ليس فيها شك، ومع هذا لماذا تستعبد هذه العادة أشخاصًا كثيرين؟ قسم من الصغار يعتقد أن التدخين يضفي عليه مظهر الرجولة والنضج ، وبعضهم يقلد والديه أو إخوته الكبار، وعند تعودهم على التدخين فإنهم يدمنون هذه العادة، ويصلون بالتعلق بالتدخين إلى حالات نفسية مختلفة خلال حياتهم الروتينية، ولا شك أن الآثار السلبية لهذه العادة الخبيثة على الأسرة والمجتمع آثار هائلة نذكر بعضًا منها في هذا المقال.

حرامٌ شرعًا

     بدايةً فالتدخين حرمته الشريعة؛ لأنه من الخبائث وقد قال الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (الأعراف:157)، ومحرم؛ لأنه ضار بالصحة وسبب للوفاة، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}(النساء:29-30)، والأدلة على ذلك كثيرة لا يتسع المجال هنا لذكرها، ولكن يكفي المسلم الذي ليست لديه القدرة على معرفة حكم الله في المسألة أن يسأل أهل العلم، ويعمل بما يفتونه به.

حقيقة مؤسفة

     إن الحقيقة المؤسفة أن المدخن يستنشق حوالي 15% فقط من محتويات السيجارة، بينما ينفث 85% من طرفها المحترق إلى الهواء ليستنشقها الآخرون (التدخين السلبي)، ويطلق مصطلح (التدخين السلبي)، أو (التدخين اللا إرادي) passive, involuntary or second hand smoking. على الناس غير المدخنين أوشركاء المدخنين وجلسائهم، الذين يتعرضون يوميا للغازات والمواد المنبعثة من تدخين السجائر من زملائهم في العمل، أو تعرض الأسرة عندما يكون أحد أفرادها يدخن، أو في الأماكن العامة مثل وسائل النقل العامة وغيرها.

     وتجزم الدراسات أن المدخنين يستنشقون 15 بالمائة فقط من دخان السجائر، فيما ينتشر 85 بالمائة من الدخان المتصاعد في الجو، ويهدد حياة غير المدخنين في أماكن العمل والأماكن العامة، ويتفق المجتمع العلمي الآن مدعوما في ذلك ببراهين ودراسات مؤكدة على عدم وجود أي مستوى من الأمان الصحي عند تعرض غير المدخنين لدخان التبغ.

آثار التدخين السلبي

مضاعفات التدخين السلبي وآثاره الخطيرة؛ حيث ينقسم الدخان المنبعث نتيجة التدخين وتعاطي التبغ إلى 3 أنواع:

- الدخان المنبعث مباشرة من السيجارة المشتعلة.

- الدخان المطرود من فم المدخن.

- الدخان المخلوط الناتج عن اختلاط النوعين المذكورين سابقا.

     وتحتوي السجائر على أكثر من 4000 مادة كيميائة على شكل غازات ومواد معظمها سام ومضر بصحة الجسم، ولا توجد هذه المواد كلها في الدخان الذي يستنشقه المدخن فحسب؛ بل وفي الدخان المنبعث منه أثناء الزفير، الذي يجد طريقه إلى المجاري التنفسية لعشرات الناس الذين يجلسون أو يعيشون معه، كما تبقى هذه الغازات لفترة متطايرة في فناء الغرفة؛ بحيث تؤثر في صحة الجسم حتى في غياب المدخن.

آثار بعيدة المدى

     وللتدخين السلبي آثار بعيدة المدى وآثار فورية (قريبة المدى)، أما بالنسبة للآثار بعيدة المدى فمن المعروف أن التعرض للتدخين السلبي يعد سببًا في الوفيات الناتجة عن أمراض القلب والسرطانات، فقد أثبتت الأبحاث العلمية أن غير المدخنين الذين يستنشقون دخان التبغ معرضون للأمراض نفسها التي يعانيها المدخنون.

آثار فورية

أما الآثار الفورية فتتمثل في: حساسية العين، والأنف، والحلق، والحنجرة، والصداع، والدوار، والغثيان، والتهابات الأذن الوسطى عند الأطفال وإثارة نوبات الربو.

     وقد ثبت في الوقت الحاضر أن التدخين السلبي من المسببات الأكيدة لسرطان الرئة عند الإنسان؛ حيث ثبت علميا العلاقة المباشرة بين التعرض لهذا النوع من الأذى والإصابة بسرطان الرئة، بل إنه يعد في التصنيف العلمي من مسببات سرطان الرئة من فئة ( أ) أي التي لا تقبل الشك - نتيجة إثبات هذه العلاقة السببية المباشرة عن طريق دراسات علمية موثقة- حسبما أوردت وكالة حماية البيئة في أمريكا، بل إنها ذهبت إلى أبعد من ذلك بأن أثبتت بالدراسات العلمية أن التدخين السلبي يسبب أكثر من 3000 حالة وفاة من غير المدخنين سنويا في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.

الأطفال والتدخين السلبي

     من الملاحظ أن النساء والأطفال هم أكثر الفئات حساسية للأضرار الصحية التي تنجم عن العيش في بيئات ملوثة بهذا النوع من الدخان، وإن مدى حساسية الأطفال لدخان التبغ يجب أن يأخذ اهتماما خاصاً وحيزاً كبيراً؛ فالجهاز التنفسي للأطفال أصغر، وأجهزتهم المناعية أضعف بالنسبة للبالغين، كما أن الأطفال -ونتيجة لصغرهم- فإنهم يتنفسون بطريقة أسرع من البالغين، وهذا يجعلهم يستنشقون كميات أكبر من المواد الكيميائية الضارة لكل كجم من وزنهم مقارنة بالبالغين في الوقت نفسه.

     كذلك من التأثيرات الثابتة علميا الناتجة عن التدخين السلبي على الرئتين الإصابة بحساسية الشعيبات الهوائية ومرض الربو ولاسيما عند الأطفال، وهو كذلك من مسببات السعال المزمن وزيادة إفراز البلغم والتهابات الصدر المتكررة وضيق النفس، وهو أيضا سبب رئيس من مسببات ضعف كفاءة الرئتين في أداء وظائفها؛ حيث إن التعرض لدخان السجائر من غير المدخنين يؤدي مع الوقت إلى ضعف وهبوط في قدرة الرئتين على استنشاق الهواء والتعامل معه طبيعيا، ويؤدي ذلك حتما إلى الإصابة بضيق الصدر، وضيق التنفس، ولاسيما مع أقل جهد، وكلما زاد التعرض للدخان، أدى ذلك إلى المزيد من الضعف في أداء الرئتين لوظيفتها.

أثر التدخين على التفكير والتركيز الذهنـي

يتوهم بعض المدخنين ولاسيما من الشباب أن التدخين يزيد من نشاطهم الذهني ويساعدهم على التفكير، لكن الأبحاث العلمية أكدت عكس ذلك، فالتدخين يؤدي إلى:

- سرعة التعب وعدم القدرة على مواصلة العمل بسبب تأثير التدخين على الجهاز العصبي والعضلي.

- إبطاء في العمليات العقلية وقلة التركيز؛ لأن التدخين يسبب ضيق شرايين المخ وتصلبها؛ مما يؤدي بدوره إلي قلة وصول الدم إلى المخ، كما أن أول أكسيد الكربون يفسد التوازن الكيميائي للدم فيؤثر على خلايا المخ التي تحتاج إلى نقاء الدم المؤدى إلى صفاء التفكير.

- أن المدخنين غالباً ما يشكون من ضعف الذاكرة.

- أن مستوى التحصيل الدراسي لدى الطلاب المدخنين يقل عن مستواه مقارنة بغيرهم.

- أن تدخين الأم الحامل من أسباب التخلف العقلي للجنين.

نصائح مهمة

- تَفكْر فيمن حولك ولا تكن أنانيًا، تحصل على رغبات نفسك وتضر أقرب الناس من حولك.

- تذكر دائمًا أن الإقلاع عن التدخين ليس سهلا، لكنه ليس مستحيلا.

- تذكر دائما أن سيجارة واحدة قد تشعل رغبتك الشديدة، حتى بعد الإقلاع عن التدخين لسنوات عدة.

- تذكر دائما أن معظم حالات الانتكاسة والعودة إلى التدخين تحدث خلال الأسابيع الأولى من الإقلاع عن التدخين؛ لذا يجب التأهب نفسيا وبدنيا للتغلب على هذه الفترة الحرجة.

- احرص على اختيار التوقيت المناسب للإقلاع نهائيا عن التدخين.

- احرص على أن تشغل نفسك في اليوم المحدد للإقلاع نهائيا عن التدخين، بأحد الأعمال المحببة إليك، مثل الوجود مع الأصدقاء أو القيام بنزهة أو زيارة مكتبة أو الانضمام لنشاط رياضي، إلخ.

- تجنب التسويف والتماس الأعذار لتأجيل اليوم المحدد لترك السيجارة نهائيًا.

- احرص على تدوين قائمة بأسباب الإقلاع عن التدخين، مثل ضياع الوقت والمال والصحة، والاحتفاظ بهذه القائمة في أماكن عدة، مثل المطبخ، والمكتب، والحمام، وغرفة النوم، والسيارة، والحرص على مراجعتها في لحظات الرغبة الملحة للتدخين.

- إذا طلب منك أحد سيجارة، فقل له: «أنا غير مدخن» ولا تقل «أنا مقلع عن التدخين»، ولا تحاول أن تشغل بالك دائما بأنك ستقلع عن التدخين؛ لأن ذلك قد يشعرك بأنك فقدت شيئا ما!

- احرص على وضع قائمة بالفوائد التي بدأت تحصدها منذ اللحظة الأولى للإقلاع عن التدخين، ولا سيما التمتع بالتحكم الذاتي، وادخار المال، والتمتع برائحة الطعام ومذاقه، والشعور بالمزيد من الطاقة والنشاط.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك