رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 7 نوفمبر، 2016 0 تعليق

العقيدة والعبر من قصار السور- القارعة

 

- في هذه السورة القصيرة يوجز الله أهوال  يوم القيامة ومآل  البشر جميعهم (شقاء أو سعادة) لا ثالث لهما, وذلك في نهاية الأمر.

- وما المطلوب منا من عقيدة في هذه السورة؟!

- أولاً: الخوف من يوم القيامة، خوفا يدفع   إلى العمل والإيمان بما أخبرنا الله به في هذا اليوم العظيم.

كنت وصاحبي في جلسة هادئة بعد صلاة العشاء ثاني أيام التشريق في زاوية أحد المقاهي.

- (القارعة) من أسماء يوم القيامة، وأصل (القرع) ضرب جسم بآخر بشدة  لها صوت، وتستخدمه العرب في كل أمر عظيم، وحصل التهويل والتخويف من هذا اليوم بثمانية أمور:

1- الابتداء بـ(القارعة) أمر عظيم.

2- الاستفهام المستخدم للتهويل.

3- الإظهار في مقام الإضمار، القارعة في المرة الأولى.

4- الاستفهام عما ينبئ بكنه القارعة.

5- توجيه الخطاب إلى غير معين (وما أدراك).

6- الإظهار في مقام الإضمار للمرة الثانية.

7- التوقيت بزمان مجهول.

8- تعريف الحديث بأهوال ما يحدث فيه.

قاطعني.

- لم أفهم نصف ما قلت, دعنا نركز على العقيدة، فنحن نعلم أن القيامة لا تقوم على مؤمن, ولن يشاهد المؤمنون هذه الأهوال التي يبدأ بها يوم القيامة، فما الغرض؟

- ولكن سيرى المؤمنون  الحشر, وأهوال المحشر والبعث, وهذه هي الأمور التي ذكرت في هذه السورة, لا مقدمات يوم القيامة من انطفاء الشمس واجتماعها بالقمر, واشتعال البحار, وسير الجبال, هذه يراها من لا يؤمن بالله, وحين لا يقال  في الأرض (الله, الله).

أما البعث فيكون للجميع, والمؤمن مطلوب منه أن يخاف من يوم القيامة, وإذا ذكرت أهوال القيامة يقشعر جلده ويجل قلبه.

{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ۗ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}(الشورى 18)

- (الفراش) هو الحشرة المعروفة.

- الأقرب أن (الفراش) هو فرخ الجراد حين يخرج من بيضه من الأرض, يركب بعضها بعضا كما في قوله سبحانه: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ}(القمر: 7).

- أعرف أن العهن هو الصوف.

- نعم, وزيادة تفصيل أنه الصوف الذي ينفك بعضا عن بعضا, وينتفش وهو ذو ألوان مختلفة، وغاية الأمر  ونهايته: {فمن ثقلت موازينه, ومن خفت موازينه}.

- وما الذي يوزن يوم القيامة؟

- نؤمن أن الله يضع (الموازين القسط) العادلة يوم القيامة وتوزن الأعمال, ويوزن الأشخاص ِلا شيء أثقل في الميزان من حسن الخلقٍ (صحيح الترغيب والترهيبٍ, وفي حديث عبدالله بن مسعود ورأي الصحابة دقة ساقه وهو يجني التمر, فضحكوا, فقال[: ِ«مم تضحكونٍ»؟ قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه, فقال[: «والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من جبل أحد- وكل ذلك يحصل دفعة واحدة فإن الحساب سريع, لا ينتظر أحد أحداً, وفي الحديث عن أنس, قال: لقي رسول الله[ أبا ذر فقال: «يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما»؟ قال: بلى يا رسول الله, قال: ِ«عليك بحسن الخلق وطول الصمت؛ فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائق بمثلهما»(السلسلة الصحيحة).

وكذلك حديث: ِ«كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيمٍ» (متفق عليه).

- وختمت السورة بما ابتدأت به.

{وما أدراك ما هية نار حامية}.

- بل هناك اختلاف في البداية، قال الله تعالى: {وما أدراك ما القارعة}، وهنا قال: {وما أدراك ما هية}، ولم يقل: (وما أدراك ما هاوية}.

- ملاحظة دقيقة جيدة، وذلك أن القارعة أمر محسوس، أما الهاوية فليست كذلك ولا يراها إلا من يقع فيها -والعياذ بالله- و(أمه) مأواه، أو أم رأسه؛ حيث يهوي إليها على رأسه، و(الهاوية) من أسماء النار.

أما المؤمن فمصيره {عيشة راضية)، وصفت العيشة بأنها راضية، مع أنها هي سبب الرضا، مجاز عن تمام رضا صاحبها.

فالعقيدة أن العيش في الجنة فيه تمام الرضا، بجميع أنواعه، لا منغصات على الإطلاق، بل متعة دون عناء.

نسأل الله أن يجعلنا من أهل (العيشة الراضية).

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X