السبيل لاتقاء فتنة النساء
حذّر النبي [ من فتنة النساء، فما الحكمة من ذلك، وما السبل الكفيلة لاتقاء فتنتهن؟ وما نصيحتكم للنساء المتبرجات بزينة؟ جزاكم الله خيراً.
صحّ عن النبي [ من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: “ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء” (أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له)، فبيّن [ أن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن، يشهد لذلك قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ}، فبدأ بهن قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك، وما ذاك إلا لأن المرأة مع كونها ناقصة عقل ودين فإنها تحمل الرجل على ما فيه نقص العقل والدين كشغله عن أمور دينه، وحمله على التهالك في طلب الدنيا وهذا أشد الفساد، وأخرج مسلم في (صحيحه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» وأسباب الافتتان بالمرأة كثيرة مثل هيئتها ومشيتها ولبسها وزينتها مع ما ركَّب الله في نفس الرجل وطبعه من الميل إلى المرأة.
ولهذا حذّر النبي [ النساء فقال: «صنفان من أهل النار لم أرهما..” وذكر منهما» ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.. وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا..”..
وأمرهن سبحانه بوسائل العفة وحفظ الفروج فقال: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور: 31) فذكر سبحانه في هذه الآية أصول الستر والعفاف بما يحفظ المرأة ويحفط لها كرامتها وشرفها وطهرها وعفافها، فأمرها بغض البصر فلا تطلق لناظرها العنان هنا وهناك؛ فإنها قد ترى ما يفتنها ويجر عليها البلاء، وأمرها بحفظ فرجها وهو المقصود الأعظم من الستر والحجاب، ونهاها عن إبداء الزينة إلا ما يظهر مما لا يمكن إخفاؤه كالجلباب والمقنعة ونحوهما، ولم يستثن من ذلك إلا المحارم ومن لا أرب له في النساء، والأطفال؛ فإنه لا حرج على المرأة من أن تُظهر أمامهم بعض ما يظهر غالباً من زينتها كشعرها ووجهها ورقبتها ويديها ونحو ذلك. وأمرها بضرب الخمار على الجيب وهو فتحة العنق من الثوب، وهذا يعني إسباغ الخمار فيغطي الوجه والرقبة ونحوها، وفي آخر الآية زجر عن الضرب بالأرجل ليعلم ما تخفي من زينة كخلخال ونحوه، وكان هذا من فعل النساء المشركات في الجاهلية، وفيه إشارة إلى أنه إذا كان شيء من زينة المرأة مستوراً فتحركت بحركة لتظهر ما هو خفي فإن ذلك داخل في هذا النهي، كما تتمايل المرأة في مشيتها ونحو ذلك، وأيضاً من وسائل الستر في شرعنا أن المرأة نهيت عن التعطّر والتطيّب حال خروجها من بيتها فيشم الرجال طيبها، وفي الجملة فإن الإسلام عني بجانب المرأة وحفظها والحرص على البعد عن كل ما يعرضها للفساد والإفساد وتطاول أيدي الأشرار إليها كما حفظ لها، حقوقها وأمرها بالقرار في المنزل فهو الأصل في المرأة: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}(الأحزاب: 33) إلا إن كانت لها حاجة في الخروج فتخرج متسترة متعففة مبتعدة عن الزينة وكل ما يثير الرجال.
كما أن الإسلام حماها من الابتذال والفساد والحالة الدونية التي كانت عليها في الجاهلية والتي أيضاً تعاني منها المرأة في المجتمعات غير المسلمة، فإنه أيضاً حفظ لها حقوقها فلها حقها زوجة ولها حقها أماً ولها حقها بنتاً ولها حقها أختاً وعمة وخالة.. وهكذا، ولا يعلم حتى الآن نظام جمع بين حفظ المرأة وسترها وعدم خروجها وابتذالها وبين حفظ حقوقها وإعطائها ما تستحقه من التكريم ومن سائر الحقوق المادية والمعنوية سوى شريعة الإسلام التي رضيها الله لنا دينا.
فحقيق بالمرأة المسلمة أن تحرص كل الحرص على تعاليم دينها حتى تعيش عزيزة كريمة، وإلا فسوف تعيش ذليلة مهانة محتقرة كما كانت في الجاهلية، وأعداء الله الذين يغرونها ويزخرفون لها القول هم أشد الأعداء لها ولعفتها وسترها، وهم أفرح الناس بفسادها وإهانتها واحتقارها، وما المجتمعات الكافرة عنا ببعيد، فعلينا أخذ العظة والعبرة. حفظ الله على نسائنا سترهن وعفتهن، ووقاهن شرَّ الأشرار.
لاتوجد تعليقات