رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 17 أبريل، 2016 0 تعليق

حصار الفلوجة.. مجازر إرهابية

      حصار غزة من قبل اليهود، حصار دماج من قبل الحوثيين، حصار الفلوجة من قبل ميليشيات شعوبية؛ سلاح قديم عاد من جديد تحت مرأى العالم ومسمعه، يقصدون به زيادة الجراح الغائرة والنوازل العاثرة والقصص التي تبعث على الأسى والأحزان، نسمعها ونراها فتثير كوامن الأشجان.

     قال تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (البروج:8-9)، الحصار صورة بشعة للظلم والقهر والتخويف والإرهاب لقتل الرجال والنساء والصغار، بل إبادة وتصفية جسدية وإرعاب نفسي بأسلوب قمعي.

     فهذه المشاهد تثبت فشل العالم، والسقوط المدوي لجميعات حقوق الإنسان في العالم كله، وهم أقل وأذل من أن يملكوا حلا لفتح الحصار؛ فهم في صمت مريب، وسكوت مطبق، وصمم غريب، وإعراض عن آهات الثكالى واليتامى والحيارى،الذين عاشوا بعد قصف المدافع ودك الطائرات التي مزقت وحرقت الآلاف وحولتهم إلى رفات ولكن ما زال هناك عرق ينبض فساءهم ذلك.

إنها أحقاد خرجت من قلوب سوداء مليئة بالكراهية والطائفية النتنة لتلتقي الصور مع الأشلاء والهياكل العظيمة ودماء الأبرياء والمساجد والبيوت المهدمة.

لقد شردوا الآلاف قسرا، وخربوا ديارهم، وأرهبوا من تبقى منهم. وأسوأ أنواع الحصار هو الحصار الإعلامي الذي يجرِّم المتعاطف ليكشف الوجه القبيح للطائفية الشعوبية!

      ولكن مهما بلغت قوة الظلوم وضعف المظلوم فإن دعاءه يرفع إلى الحي القيوم فوق الغيوم؛ ليجعل عاليها سافلها؛ ففي الحديث: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول لها الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين» أخرجه أحمد.

لقد ضحى هؤلاء، وتمسكوا بالحق، وسكبوا دماءهم، وناضلوا وصبروا، وسطروا أروع الأمثلة في التوكل على الله -عز وجل-!

     والواجب على المسلم نصرة إخوانه بالدعاء والمال والقلم وإبراز قضيتهم وترجمتها، وإيصالها إلى من يملك القرار أو التأثير على صاحب القرار؛ فدين الله -عز وجل- غالب، وأمره نافذ، وكيد الأعداء في تباب والعاقبة للتقوى، والأرض يورثها الله من يشاء من عباده المتقين، وما حدث ويحدث للمسلمين هو من تداعي الأمم عليه، وقد نزعت المهابة من قلوب العدو، وأصاب أمتنا الوهن، وهو حب الدنيا وكراهية الموت.

وهذه نازلة الجوع والقتل والتشريد ألمت بها، وإن الله -عز وجل- على نصرهم لقدير، وهو قريب؛ لأن بعد العسر يأتي اليسر، وبعد الشدة يأتي الفرج.

     إن الواجب على الأمة أن تكون كالبنيان المرصوص وكالجسد الواحد، نتألم لألمهم، ونحزن لحزنهم، ونقطع علاقتنا مع الخصم من أجلهم حتى نرفع الظلم عنهم؛ ففي الحديث: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيام، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة» متفق عليه.

     إن الميلشيات الطائفية ظهرت في غفلة التجاذب السياسي لتوجد كياناً عسكرياً فرضته بقوة الرصاص، فضلا عن تواطؤ أطراف اللعبة للانقضاض على أهل السنة والجماعة، وهذا امتداد للمشروع الصفوي في المنطقة؛ ليعيثوا في العراق الفساد في لحظات الضعف والفراغ الأمني، وسلاحهم في ذلك تهجير أهالي بغداد بالضغط بسياسة الحصار والتجويع التي مات خلالها المئات؛ بسبب نقص الدواء والغذاء، وعلى كل حال فالله -سبحانه وتعالى- يبتلي المسلمين بالسراء والضراء؛ ليميز الصادق من الكاذب، والقوي من الضعيف، والمحق من المبطل، قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}(آل عمران: 139).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك