رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الهيثم زعفان 7 ديسمبر، 2015 0 تعليق

التربية العسكرية الصهيونية.. صورة واقعية (2)

بعد أن تحدثنا في المقال السابق عن التربية العسكرية عند اليهود، نتكلم اليوم عن التربية العسكرية في العالم العربي والإسلامي، لنرى البون الشاسع بين كلا الطرفين، وقبل تناول هذه الجزئية وحتى لا نفتح مجالاً للهزيمة النفسية قبالة العدو الصهيوني نؤكد على حقيقة مهمة أنه على الرغم من توظيف الصهاينة لكافة الأساليب التربوية في التنشئة العسكرية لكل المجتمع الصهيوني، إلا أن أساسها العقدي باطل، ولو استخدم المسلمون الأساليب التربوية العسكرية ذاتها في تنشئة أطفالهم عسكرياً وفق الضوابط الشرعية ما خرج يهودي واحد من بيته.

     ويبقى أنه رغم هذا التوظيف اليهودي المتميز لأدوات التربية العسكرية إلا أن مخرجات هذا المحضن التربوي في النهاية تفتقر إلى الشجاعة القتالية الحقة التي تستلزمها المعارك الحربية وتوفرها التربية العسكرية الإسلامية، يقول الله تعالى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} (الحشر :14).

واقع التربية العسكرية

     أما بالنسبة لواقع التربية العسكرية عندنا فنجد أن الغارة على العالم الإسلامي عمدت منذ لحظاتها الأولى على تغييب فريضة الجهاد تماماً عن العقل والوجدان العربي والمسلم، وعن كافة المحاضن التربوية في العالم الإسلامي، وظل هذا الأمر قائماً حتى يومنا هذا، حتى ولو كان الرمز للجهاد شكلياً، وما الحرب على المناهج الشرعية والدراسية في العالم الإسلامي لحذف كل ما له صلة بالجهاد منها إلا جزء من هذه الغارة؛ ولذا فإن الصور على طمس التربية العسكرية كثيرة حتى يكاد المتابع يجزم أنه لا يوجد إلا نزر قليل من التربية العسكرية في العالم الإسلامي.

إعادة النظر

     والعالم العربي والإسلامي بحاجة إلى إعادة النظر في توظيفه للأساليب التربوية العسكرية مقارنة بتوظيف اليهود لها؛ لأن المرحلة القادمة من التصعيد الصهيوني تستدعى جيلاً متفرداً من المقاتلين المسلمين المربين تربية عسكرية إسلامية وفق قواعد فريضة الجهاد دون إفراط أو تفريط، ومن هنا يمكن تلمس بعض الومضات التربوية العسكرية التي يمكنها أن تعين في بناء هذا الجيل.

ومضات تربوية

(1) إحياء سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم  والصحابة الكرام في غزواتهم مع الكفار والمشركين وكذا المواقع الحربية التي انتصر فيها المسلمون عبر التاريخ، وكيف كان بذلهم وتضحياتهم من أجل خدمة الدين الإسلامي وإعلاء رايته؟! وهذا الإحياء واسقاطه على الواقع الراهن يكون بكافة الوسائل التربوية داخل المجتمع؛ فالأسر تغرس في نفوس الأبناء هذه العزة وتلك الانتصارات، والعلماء والدعاة يرفعون من جرعة تناولهم التربوي لهذا المجد، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة تكثف من موادها الإعلامية التي تحوي تلك المضامين بما يخدم العملية التربوية، والقائمون على أمر التعليم يكثفون من تضمينهم لتلك الانتصارات والفتوحات في الكتب الدراسية وصياغتها بطريقة تربوية تناسب المراحل العمرية المتعددة.

مشروع بعثي

(2) قيام إحدى دور النشر أو المراكز البحثية بعمل مشروع بحثي قومي يعمد إلى جمع التراث الإسلامي في المجال العسكري وتوثيقه منذ بداية الغزوات الإسلامية إلى عهدنا هذا لخروجها في موسوعة ضخمة من داخلها يتم نشر مجموعات وسلاسل متوسطة الحجم تؤرخ للأمجاد العسكرية الإسلامية مع صياغتها بطريقة تربوية تنمي في المجتمع روح البسالة والشجاعة والصمود. وهذا المشروع الضخم يحتاج إلى تمويل وفير، ويمكن عمل وقفية خاصة به تمكن فريق البحث من إنجازه في أسرع وقت وبأفضل جودة.

(3) على درب الخطوة السابقة يمكن للباحثين والمتخصصين أن يقوموا بالبحث في سير أعلام قادة المسلمين عبر التاريخ وكيف رباهم الإسلام، وما الذي صنعوه ليصبحوا أعلاماً عسكريين؟ وتقديم هذه النماذج للمجتمع في صورة قدوات عسكرية إسلامية ينبغي الاقتداء بها.

(4) تضمين مادة مستقلة خاصة بالتربية العسكرية لكل المراحل العمرية في المدارس والجامعات؛ وتكون مادة إجبارية وتستهدف تقوية عقيدة المسلم، وغرس قيم الصمود والاستبسال في المقاومة بداخله، فضلا عن تفتيح مدارك الطلاب العسكرية لفهم واستيعاب خطوط سير المعارك مع العدو ومخططاتهم واستيعاب ذلك في غزو الأمة. وهذه المادة يمكن إسناد تدريسها إلى الضباط المتقاعدين؛ حيث يتم تأهيلهم تربوياً وتعيينهم في المدارس والجامعات ليتولوا تدريسها.

(5) إعادة ربط الجيش بالمجتمع وتكوين علاقة وجدانية فيها حب وألفة بين أفراد المجتمع والجيش.

رحلات طلابية

(6) تنظيم الرحلات الطلابية للوحدات العسكرية والمتاحف الحربية لترسيخ الصورة العسكرية في نفوس الطلاب.

(7) العمل على تنشئة الفتيات على الإيجابية في الحروب ليكون لهم أدوار أثناء الحروب، ولاتتسم مواقفهم بالسلبية أو الضعف، وهذه الإيجابية يمكن أن تكون في صورة التدريب على التطبيب، مع التهيئة للقيام بأدوار معاونة للمقاتلين في ساحات المعارك من إعداد الأطعمة وحياكة الملابس، والبذل والعطاء بالمال وغير ذلك من وسائل المعاونة.

ثقافة الأسرة

(8) على مستوى الأسرة؛ فالآباء مطالبون بتضمين ثقافة التربية العسكرية ضمن أساليبهم التربوية مع أبنائهم، والمصحوبة بتقوية العقيدة الإسلامية في نفوس الأبناء، وفي ظل الأجواء العدوانية الراهنة المتمثلة في الاحتلال الصهيوني للأراضي الإسلامية يتم تنمية روح المقاومة والاستبسال والصمود في نفوس الأبناء، والحرص على تنشئتهم على روح الأخوة مع المسلمين المستضعفين هناك، وأن القضية ليست مسألة شعب يبحث عن حقه في الأرض ولكنه صراع بين حق وباطل لابد فيه للحق أن ينتصر بإذن الله.

وبعد فهذه بعض الومضات التربوية السريعة في المجال العسكري والساحة مفتوحة لطرح مزيد من الرؤى والأفكار المعينة لتضمين ثقافة التربية العسكرية داخل المجتمعات الإسلامية لتكون محصنة وصامدة ضد أي عدوان عليها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك