البنيان المرصوص (6)
قال الله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} (فاطر: 32) هناك عباد من عباد الله وسماهم الله عباده؛ لأنه اصطفاهم ليكونوا من عباده، وحتى يتمسكوا بكتابه، فهم ورثوا الكتاب كما يرث الوارث المال، وانقسموا إلى ثلاث فرق: الظالم لنفسه، والمقتصد، والسابق للخيرات، فأما الظالم لنفسه فهو المفرط في بعض الواجبات والمرتكب لبعض المحرمات، خلط عملا صالحا وآخر سيئا مع أنه من أهل الإيمان، أما كيف يظلم الإنسان نفسه فبأن يبخسها حقها ولا يحاسبها ولا يوفر لها سبل الثبات على دين الله والاستقامة، وبأن يقصر في حق ربه فيكون ظالما لنفسه؛ لأنه لم يؤد حق الله، ولنذكر صور ظلم النفس وظلم الآخرين حتى يتبين لنا ما الظلم، فمن صور ظلم الإنسان لنفسه:
• أن يعرض عمن يذكره بآيات الله وينصحه لما فيه الخير له، ظانا أن هذا الناصح يريد الاستهزاء به وأنه لا شأن له به لينصحه، ومقابلة النصح شر مقابلة.
• عدم التصديق بالحق بالتكذيب بالقرآن والسنة وتفسيرهما على غير مراد الله ورسوله[.
• التقرب إلى المفسدين ورفاق السوء والابتعاد عن المتقين والرفقة الصالحة، فلا يأتي إليهم ولا يستشيرهم ولا يحبهم
• قضاء أغلب الأوقات في غير فائدة، وذلك هو الغبن الذي ذكره النبي [ بقوله: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ» رواه البخاري عن ابن عباس.
• اتباع الباطل والجري وراءه حتى عند التأكد من ضرره وحرمته، وهذا من شدة الظلم.
• عدم الاهتمام بمصالح الدنيا والدين؛ فالدين فيه العصمة، والدنيا فيها المعاش، والآخرة إليها المعاد.
• التغافل عن فناء الدنيا والخلود في الآخرة، فيعيش ولا ينظر لخاتمته، فإما خاتمة حسنة، وإما سيئة عياذا بالله!
• سماع المواعظ وعدم الاستماع إليها، وذلك بعدم الاستفادة منها وظنه أنه غير مخاطب بها.
• تجاوز الحد والطغيان والإسراف على النفس في المعاصي وطاعة أهلها والدعوة إليها.
• القسوة والتعنت وعدم طلب الاسترشاد بالحق.
• إتيان الفواحش التي بها فساد البر والبحر، وقد تنزل على إثرها العقوبات الإلاهية.
• الجرأة بقول الزور وفعله واتهام الآخرين به.
• دعاء غير الله كعبادة القبور وشد الرحال إليها والنذر عندها والعكوف عليها.
• الصد عن طريق الاستقامة والتجافي عنه والإقبال على سبل الشيطان.
• مخالفة العمل للقول، وقد قال تعالى: {يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}.
• الظهور بمظهر الفسقة، والتزيي بزيهم، وإثارة الشبهات حوله.
• إنفاق المال في الباطل.
• مصادمة الفطرة بإتيان ما نهى الله عنه من شهوات أو شبهات.
وأما ظلم الآخرين فمنه:
• اعتداء الظالم على المظلوم في نفسه أو ماله أو عرضه.
• فمن قتل إنسانا أو ضربه أو شتمه أو سبه أو لعنه أو آذاه أي إيذاء في نفسه؛ فهو ظالم.
-------------------------------
• ومن أخذ مالا لإنسان أو تسبب في أخذ مال له بغير حق، صغيرا كان هذا المال أو كبيرا؛ فإنه ظالم.
• من عاب إنسانا يستنقصه، أو اتهمه بالفحش، أو شنع على غير من يعرفه بأمر هو بريء منه، أو ليس بريئا لكنه مستور ولم يجاهر بما يفعل من الذنوب؛ فإنه ظالم.
• ومثله ما إذا لم يفعل ذلك بنفسه ولكنه سلط أتباعه ليفعلوا ذلك.
• من عاكس فتاة بغير علم أهلها أو وقع في فاحشة مع فتاة؛ فهو ظالم.
• من منع وصول حق لأي إنسان فهو ظالم، سواء أدفع رشوة أم لم يدفع، وسواء أكان المنع مباشر أم غير مباشر.
• من استغل منصبه في إذلال الناس أو إيذائهم أو منع حقوقهم فهو ظالم.
• من تلاعب بمشاعر إنسان مستغلا حاجة هذا الإنسان للعمل أو القوت لنفسه وعياله فهو ظالم.
• من استنفد قوة عامل في عمل من أعماله ثم لم يعطه الأجر على ما يستحقه عرفا، مستغلا ضعف العامل أو حاجته أو كثرة أمثاله؛ فهو ظالم.
• تفضيل عامل على آخر في الأجر وهما متساويان في الرتبة.
• من أعان أخاه على غيره بالباطل فهو ظالم؛ قال تعالى: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون} (النمل: 52).
• إطلاق الأوصاف والأسماء المشينة على الآخرين.
• التكبر على الغير والحقد والحسد.
• إنقاص الكيل وعدم إتمامه وبخس المكاييل والموازين.
• إلقاء الشبه على الناس واتهامهم بغير وجه حق.
لاتوجد تعليقات