رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الأمين سوادغو 19 أكتوبر، 2015 0 تعليق

الدعوة الإسلامية في بوركينافاسو «الخيارات الملحة»

بوركينا فاسو هي دولة تقع في غرب أفريقيا وغالبية مواطنيها مسلمون، ولكن المسلمين يعانون العديد من المشكلات، ولاسيما العلماء والدعاة، ونحاول تسليط الضوء على بعض الخيارات الملحة على الساحة الدعوية، والتوجيهات الفكرية الموجودة هناك، فضلا عن التحديات العقدية والسياسية التي تعترض مسيرة الدعوة الإسلامية ودورها في تصحيح المفاهيم.

     تسعى بعض الطرق الصوفية بكل جدّ للدخول في معترك السياسة في غرب أفريقيا، يسعون جاهدِين للدخول في قبة البرلمان الأفريقي بعامّة، وغرب أفريقيا بخاصّة، إذا أخذنا البرلمان السنغالي مثلاً نجد أنَّ أكثر من 12 برلمانياً من ممثلي مختلف الطرق الصوفية في السّنغال أغلبهم من مدينة طوبى معقل المريدية في السّنغال، وخَولاك؛ فبوجودهم في البرلمان السنغالي قدموا خدمة كبيرة للطرق الصوفية وللتوجه الصوفي السنعالي والعمل على حمايته من القوانين الدولة، زار بعضهم إسرائيل سراً وجهراً، ذكرتُ ذلك في مختلف وسائل الإعلام السنغالية، فضلاً عن ذلك، عقدوا مؤتمرات متعدّدة في (داكار) باسم محاربة التطرف في أفريقيا، وكل مَن يتابع مؤتمراتهم حول التطرف يدرك بوضوح أنهم يقصدون بالمتطرفين (أهل السنة والجماعة) في أفريقيا، حيث أنهم يسقطون الجماعات المتطرفة في أفريقيا وأفعالها الإجرامية على جسم (أهل السنة والجماعة) لا يميزون بينهم عمداً، مثل إجرام (داعش) و(بوكوحرام) وغيرهما. ولن يمنعوا -أي الكتلة المتصوفة- في البرلمان السنغالي أي قرار في البرلمان يفرض قيوداً على نشاطات (أهل السنة والجماعة) في الدولة تحت ذريعة مكافحة التطرف.

المشاركة السياسية

     الخيارات الملّحة هي أن نفكّر ملياً وبجدّ في مسألة المشاركة في صنع القرار في (بوركينافاسو)، وندرسها جيداً بما لا يتعارض وديننا الحنيف، لنحدّد موقفنا من المشاركة مِن عدمه، ولندرس تبعاتها، وكيف نردّ عليها، لحماية ديننا من القرارات الغربية الجارفة على المسلمين في أفريقيا؟ لا يخفى أحدكم قوانين الزّواج المثلي والحرية المطلقة للجنس، كادوا أن يقروها في (بوركينافاسو) لولا الله ثم جهود بعض الدعاة والعلماء في نقدها وتحريض الرّأي العام عليها وخروج مظاهرات تندد بها؛ لهذا عليك أن تعرف -أخي الكريم- أنَّ المال لا يصنع الأفكار والرّجال الأقوياء هذا متفق عليه عند العقلاء، ولكن الذي ينبغي أن نعرف هو أنّ الأفكار التي تبني الرّجال لا تخرج إلى حيّز التّنفيذ بدون المال ووعي لما يَجري حولنا وحول غيرنا؛ فنحن بحاجّة اليوم إلى وعي للتعامل مع واقعنا المرير.

أولويات المرحلة

      يبدو أنّنا ركّزنا على الشّيعة الرّافضة في أفريقيا؛ لأنَّها المطروحة بقوَّة في هذه الأيام بسبب الملف الإيراني النووي والحوثي وسوريا، وأهملنا القاديانية الأحمدية اللاهورية المرزية الغلامية، وتمدّدها في (بوركينافاسو) بطريقة لافتة للنظر وإن كان بطيئاً، قبل أيام نشر موقع (فاسو نِتْ faso net) خبراً، مفاده أنَّ السّيّدة راجية أميني، عضو منظمة Humanity Fisrt من بريطانيا قدمتْ دعماً يبلغ قيمته 22 مليون فرنك سيفا لبوركينافاسو، ويتمثل هذا الدعم في معدات داخل حاوية كبيرة، وقد عقد حفل الاستقبال الرَّسمي للحاويَّة يوم الأحد، الموافق 13 سبتمبر، 2015 في المركز الطبي التَّابع للطائفة الأحمديَّة في وأغادوغو، بحضور شخصياتٍ مهمَّةٍ من الدولة. تحتوي هذه الحاوية على مواد مختلفة، منها: 70 آلة خياطة كهربائية متطوّرة، و400 عكاز للأشخاص المعاقين فضلا عن مجموعة كبيرة من الدراجات الهوائية لهم، و30 بالات للملابس والأقمشة واللوازم المدرسية والمعدات الطبية للمحتاجين والمرضى. السؤال الَّذي يطرح نفسه هنا، ما علاقة الأحمدية بهذه المنظمة الإنسانية Humanity Fisrt في إنجلترا؟ لماذا لا تقدم أمثال هذه المساعدات للدولة مباشرة بدل الأحمدية وتروّج لها إعلامياً؟ هل الدولة متواطئة أم هي تروّج الموجود ولا يهمّها السياسة التي وراءها؟ أليست هذه التّصرفات تعمق في الطائفية، وتصب الزيت على نار الطائفية في بوركينافاسو؟ نعم، هذا لا يفاجئنا كلّنا، ويدركُ كل مَن قرأ قليلاً عن تاريخ الأحمدية، أنّ بريطانيا والهند وراء الطائفة الأحمدية القاديانية؛ فمؤسسها عميل في المخابرات البريطانية. فالخيارات الملّحة هي أنه ينبغي أن نعرف من هذه السيدة؟ وما هذه المنظمة؟ وعلاقتها بالأحمدية؟ كما ينبغي أن نربط بعض مساعداتنا بالدولة البوركينبية شكلياً، فنشارك الشخصيات الحكومية في مناسباتنا الخيرية، وننقلها إعلامياً؛ لأن توغل هذه المنظمات الماسونية التدميرية تتسع وتتعمق في (بوركينافاسو) ويجب أن نقابلها بجهود أكثر مثالية، وبدقة أكثر، وبوفرة الدعم وتنوعه لتعرف أنه إذا رأيتَ الطيور تحوم بحريّة مطلقة في الفضاء وترفرف بدون خوفٍ فاعرف أنّ الصقور غائبة، هل نحن غائبون إذاً مَن هو المقصّر؟

التنصير والدعوة الإسلامية

      وصلت الجمعيات التنصيرية في بوركينافاسو إلى أكثر من 400 جمعية ومؤسسة، وقد ذكرتُها بالتفاصيل في بحث لي نشر في (مجلة قراءات أفريقية) لنعرف أنّ بعض هذه الجمعيات والمؤسسات تعمل في سلك الحكومة البوركينبية، ويحضر قساوسة (بوركينافاسو) في حفلات توزيع المساعدات التابعة لها، وتشارك في التوقيعات التي تبرم بين الحكومة و هذه الجمعيات أو المؤسسات التابعة للتنصير العالمي بقيادة روما وباريس وأمريكا، السؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا لا تربط المنظمات الإقليمية الإسلامية مساعداتها لبوركينافاسو بالدعوة الإسلامية وبالشخصيات الدعوية في بوركينافاسو؟ حيث يزيد اهتمام الدولة بهذه الشخصيات التي تصبّ في صالح الدعوة الإسلامية في بوركينافاسو، فمثلاً لقد قرأنا في الإعلام خبراً بعنوان (البنك الإسلامي للتنمية يمول مشروعات لجامعة بوركينا فاسو ب 14 مليون دولار)، لماذا لم يمول هذا البنك الخاص للإسلام كما هو واضح في اسمه الجامعات الإسلامية في بوركينافاسو قبل الحكومية؟ للحكومة البوركينبية مصادر تمويل كثير من الشرق والغرب والجنوب والشمال في حين يختلف الأمر عند المسلمين، فـ 14 مليون دولار رقم كبير لو أنفق على التعليم الإسلامي في بوركينافاسو لشهدنا تراجعاً للمعتقدات الباطلة في أفريقيا مثل الصفوية الرافضة والأحمدية القاديانية والصوفية القبورية وغيرها من المعتقدات المنحرفة في أفريقيا، قد يقول شخص: أنّ البنك الإسلامي منظمة استثمارية تنموية لا علاقة لها بنشر الإسلام في العالم الإسلامي وفي أفريقيا، فأقول له: هذا هو العبث نفسه، سمي «بنكا إسلامياً» وليس بنكا إنسانياً، عليه دعم المؤسسات الإسلامية قبل غيرها، هل لا زلنا نتجاهل الخطر الذي يحدقُ بنا؟ فنغرّر أنفسنا باسم الإنسانية والتنمية في أفريقيا، فننفق أموالنا عشوائياً على أي مشروع دون دراسة المستفيد منه والخاسر؟ فيستفيد منها النصراني والنصرانية قبل المسلمين والإسلام، أمرنا غريبٌ، نعم الأغلبية الساحقة في بوركينافاسو مسلمة، وهذه الكلية في منطقة ذات غالبية مسلمة لكن هي كلية تابعة للدولة العلمانية نظام التعليم فيها علماني، ينبغي أن ندرك أخطاءنا قبل فوات الأوان، ينبغي أن يراجع البنك الإسلامي سياساته في العالم الإسلامي، ليعرف أولوياته إذا كان بنكاً إسلامياً فعلاً، لكيلا يسقط مراراً في خدمة الأعداء وهو لا يدري، فإذا كان لا يوجد مسوغ للأعمى أن يسقط أكثر من مرّة في المستنقع نفسه، فكيف نسوغ من يبصر ويسمع أن يسقط مرارا وتكرارا في المستنقع نفسه؟!

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك