على أبواب المدرسة
يبدأ الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة بتكوين مفهومه حول ذاته، وحول البيئة المحيطة به؛ لذا فهو دائم البحث عن كل جديد لتجربته واكتشافه. وهذا ما يجعله في حالة نشاط دائم؛ للتعرف على كل جديد من حوله, وتمثل الاستقلالية بالنسبة له رغبة تُشعره بذاته. وبأنه أصبح كبيراً يعتمد على نفسه، فهو مندفع لتقليد الكبار في الكثير من شؤونهم، وتقليد أقرانه في الالتحاق بالمدرسة, فنفسه التواقة تدفعه للتقليد والتجريب والاستقلال, ومع هذا الاندفاع هو خائف من ترك أمه له، فهي تجربة جديدة لم يعهدها من قبل.
لذا تُعد الفترة الانتقالية للطفل من البيت للمدرسة، مرحلة شديدة الأهمية بالنسبة لصحته النفسية ومستقبله التعليمي؛ فهي محطة الاستقلال الحقيقي عن الأم؛ حيث ينفصل فيها الطفل عن ملازمة أمه، ليخرج للمجتمع، ويتعامل مع الأطفال من حوله، وينجز الكثير من احتياجاته باستقلال.
تهيئة الطفل
ولا يخلو الأمر من صعوبة للطفل والأم معاً, لا سيماً إن كان الطفل الأول الذي تعود على وجوده بجانب أمه معظم وقته؛ ولهذا يجب أن يتم الترتيب للمرحلة الانتقالية بتدرج وسلاسة؛ ليكون الاستقلال ناجحاً دون مشكلات تُذكر.
وتبدأ تهيئة الطفل مبكراً قبل سن دخوله للمدرسة بالحديث الإيجابي عن المدرسة، لنحدث الانطباع الإيجابي لديه عنها, ولنرسمها في مخيلته بطريقة لطيفة ومشوقة، لتحل بدلا من الخوف منها. كما أن الثناء على من فيها وعلى الأطفال المُلتحقين بها، يشجعه بطريقة إيحائية غير مباشرة للالتحاق بها.
ومع الأسف نلاحظ بعض الأمهات دون قصد تتحدث عن المدرسة أمام الطفل، كما لو كانت هي أسلوب عقاب، سيحرم من خلالها اللعب والحرية في النوم الباكر والعناء في الواجبات؛ مما يغرس لديه الخوف من الإقدام عليها. ومن المهم التعرف على مخاوف الطفل تجاه المدرسة بأسلوب حواري مطمئن، يحمل في طياته الكلمات المحفزة والتشجيع المادي والمعنوي.
فضلا عن تحفيزه بشراء كتب وبرامج تعليمية جميلة وملونة، تحثه على المزيد من التعلم وتحفز رغبته بالالتحاق بالمنشأة التعليمية، عندما يشعر أنه يتعلم باللعب، ويستمتع أثناء التعلم، وأن التحاقه بالمدرسة ليتعلم لن يحرمه من اللعب والحرية.
التعويد المسبق
ويعد إلحاق الطفل بالروضة قبل المدرسة أمرا بالغ الأهمية؛ ليتعود الحياة الاجتماعية والتعاون، ويكتسب بعض المعلومات والمفاهيم الاجتماعية اللازمة قبل دخوله المدرسة، كالتعاون بينه وبين زملائه، والاستقلال وتقبل الآخرين، وتعلم النظام وحدود الحرية الشخصية, كما وتهيؤه للاستقلال التدريجي عن أسرته، وتغرس في نفسه حب المنشآت التعليمية عندما يتعلم ويلعب ويجد ما يثير انتباهه ويشبع رغباته. قبل أن ينتقل للتعليم الرسمي الذي سيفرض عليه الالتزام بطريقة أكبر.
ثم تبدأ المرحلة الأساسية عند بلوغه سن المدرسة, باصطحاب أحد الوالدين الطفل للمدرسة، وتعريفه بمحتوياتها، وتعريفه بزملائه وأساتذته، وتقبل ما يصدر منه من بكاء واعتراض على المدرسة بحلم ودون أي عنف، بل بالتشجيع والصبر ولاسيما في الأيام الأولى من التحاقه؛ لأنها سلوكيات طبيعية، تختفي بالتدريج كلما أحسنا التعامل معها. ومن هنا يجب التركيز على طرائق انسحاب من يرافق الطفل تدريجيا من المدرسة، وعدم الاستجابة لمطالب الطفل بمغادرة الفصل أو المدرسة؛ لأن في الاستجابة له سيكون تكيفه في الأيام القادمة أصعب وبكاؤه أكثر.
التعاون المشترك
وبالتعاون بين الأسرة والمدرسة ولاسيما في الأسبوع التمهيدي الأول، بتشجيعه وتقديم المغريات له، وإلحاقه بجماعة الرفاق للعب معهم، والتي تعزز لذهابه للمدرسة نغرس في نفسه حبها والحرص عليها. وتدريجياً يبدأ الطفل يتقبل فكرة ذهابه للمدرسة وحده مستقلا عن والديه وأسرته.
فعلى أعتاب عام دراسي جديد، نحن بحاجة لتهيئة أبنائنا نفسياً، كما نهيئهم مادياً بالاحتياجات اللازمة للمدرسة, فلكل انطلاقة إعداد يتناسب معها، لتكون الانطلاقة أكثر قوة واستمرارية.
لاتوجد تعليقات