يا باغي الخير أقبل
دخل علينا موسم الخيرات ومضاعفة أجور الطاعات، وزمن البركات؛ إنه شهر رمضان المبارك، الذي تصفد فيه مردة الجن، وتغلق فيه أبواب النار، ولله فيه عتقاء من النار في كل ليلة، ويغفر للصائمين في آخر ليلة منه، ويزين الله جنته ويقول: «يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى حتى يصيروا إليك»، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر. من صامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وعمرة فيه تعادل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم .
- كل ما مضى يدفعنا جميعا إلى أن نستغل الأوقات فيه بالطاعة، وأن نجعل قلوبنا صافية، وألسنتنا لاهجة بالذكر والاستغفار، وقراءة القرآن، وجوارحنا مشغولة في العبادة بأنواعها المختلفة.
يقول سبحانه: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} (النساء: 27).
فالله -عز وجل- يريد أن يتوب علينا، وشياطين الإنس يريدون أن نلهو، ونضيع الوقت في غير طاعة الله عز وجل.
- الصيام يروض الجسم على الطاعة والصبر وتحمل الآلام، ويقوّم الأخلاق ويهذب النفوس، ويعودها على ترك الشهوات ومجانبة المنهيات. شرع الله الصيام ليبلونا أيّنا أحسن عملا ولنحقق: {لعلكم تتقون}.
- الصيام ليس لمنع الأكل والشرب والاستمتاع المشروع فقط، ولكنه كفّ عن اللغو والرفث والصخب والجدال في غير الحق، عن الكذب والبهتان والهمز واللمز والأيمان الكاذبة، والإمساك عن السباب وعن قذف المحصنات.
- الصيام مدرسة لمحاسبة النفس والتغيير للأفضل والاستغلال الأمثل، وخدمة المسلمين، وترك المحرمات والمعاصي، والإقبال على الطاعات ويمكن فعلها في يوم واحد مثلما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه حيث صام، وعاد مريضا، وتصدق واتبع الجنازة، ثم بشر النبي صلى الله عليه وسلم كل من يقوم بذلك بالجنة فقال: «ما اجتمعت في امرئ مسلم إلا كان من أهل الجنة».
- الصيام فرصة لصلاة التراويح مع الإمام، ففي الحديث «من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليله»، وفرصة لكثرة الصدقات؛ ففي الصحيحين «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل».
- الصيام فرصة لإطعام الطعام، كتفطير الصائم؛ ففي الحديث «من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء».
- الصيام فرصة للاجتهاد في قراءة القرآن وتدبره وتلاوته وفهم معانيه.
- الصيام فرصة لأداء العمرة التي تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار والدعاء والاعتكاف، وتحري ليلة القدر والقيام فيها، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة:186).
وفرصة لنيل وجبة السحور ومخالفة أهل الكتاب وتعجيل الفطور، ففي الحديث: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» (رواه البخاري).
وأعظم البشائر، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال تعالى: «إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته، وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» (رواه البخاري ومسلم).
- الصيام فرصة ليتعرف المسلم على مبطلات الصيام حتى لا يقع في المحاذير الشرعية. نسأل الله أن يعينكم على صيامه، وقيامه ويتقبله منكم، ويعز الإسلام وأهله، ويحقن دماء المسلمين، ويوحد صفوفهم، ويجعل من يتربص بهم كيده في نحره.
لاتوجد تعليقات