رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مصطفى مهدي 25 مارس، 2014 0 تعليق

(أزمة المساجد)… من مشكلات المسلمين في اليونان – أثينا.. عاصمة بلا مسجد

أثناء صلاة الجمعة في (أثينا) يجتمع المسلمون في الأنفاق والغُرَف الضيقة، وتعدُّ المرافق المؤقتة غير قانونية، إلا أن هذا المجتمع الكبير ليس لديه خيار آخر، وأما أثينا التي تعد إحدى المدن العواصمية الواقعة على حافة العالم الإسلامي، فهي إحدى العواصم القليلة بالاتحاد الأوروبي التي لا تحتوي على مساجد.

     فمنذ أن حصلت اليونان على الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية عام 1832 لم تسمحْ أيُّ حكومة ببناء مسجد في المدينة، ويعده الكثيرون «غير موافق للطبيعة اليونانية»، وفي غير موضعه المناسب بالمدينة التي يعد أكثر من 90% من سكانها من النصارى الأرثوذكس، ولكن نتيجةً لكون اليونان أصبحت نقطةَ الدخول الرئيسة إلى الاتحاد الأوروبي؛ فقد تضخَّمت كثافتُها السكانية المسلمة.

وتشير بعض التقديرات إلى أن المسلمين في أثينا وحدها يشكِّلون نحو 300.000 مسلم، في مدينة تبلغ كثافتها السكانية نحو خمسة ملايين نسمة، وهذا في ظل ارتفاع المطالبة بالحصول على مكان رسمي للصلاة.

     وفي هذا الصدد يقول «سيد محمد جميل» - عضو الجمعية الباكستانية الهيلينية -: «إنها لمأساة كبيرة لنا نحن - المسلمين - حيث لا يوجد مسجد هنا، لقد أنتجت اليونانُ الديمقراطيةَ والحضارة واحترام الأديان؛ إلا أنهم لا يحترمون المسلمين؛ حيث لا يمنحوننا مسجدًا قانونيًّا ثابتًا».

 ويقول (أشيفاق أحمد) - أحد مصلِّي الجمعة -: «أشعر أننا معزولون عن المجتمع على نحو ما، عندما يكون لدينا احتفال لا يوجد مكان يناسبنا لنجتمع فيه، المجتمع لا يتقبَّلنا».

مشروع بناء الثكنات

لقد ازدادت الضغوط على الحكومة لتوفير مسجد آمن يخضع للحماية، في ظل استمرار تنامي حزب الفجر الذهبي الفاشي الجديد، ويتهم موقف أعضائه بضرب المهاجرين، والتخريب المتعمد لبعض غُرَف الصلاة بالأنفاق.

وقد صرح نائب رئيس الحزب (إلياس بناحيوتراوس) في فترة مبكرة من هذا العام أنه يجب وضعُ الألغام الأرضية على حدود اليونان مع تركيا قائلاً: «إذا مات المهاجرون أثناء محاولتهم القفز إلى بلدنا، فإنها مشكلتُهم حينئذٍ».

وعود سياسية كاذبة

     لقد اختيرت الثكنات العسكرية بالقرب من وسط المدينة بوصفها موقعٍا لأول مسجد في العاصمة، فخلف الأبواب الثقيلة تقع المباني القديمة، والزجاج المكسور، والحصباء المبعثرة على جميع الأرض؛ فالهياكل المتدهورة حاليًّا هناك سيتم هدمها لتوفير مساحة لمسجد يمكن أن يسعَ 500 مُصلٍّ، وإذا تم بناؤه، فإن المسلمين الذين سيترددون عليه سيَرَوْن إحدى الكنائس الصغيرة جوارهم؛ حيث سيصبح الدينان في نهاية الأمر يُمارسان جنبًا إلى جنب بصورة رسمية.

 وتُصِر الحكومة على الاستمرار في القيام بالمشروع، إلا أنه في الماضي بُذلت وعودٌ مماثلة؛ فقط من أجل الوقوع تحت طائلة التنافس السياسي.

ولا تزال الأزمة الاقتصادية بعيدةً عن التفكير؛ فالحكومة التي تبذل جهدًا كبيرًا لتوفير الكتب المدرسية، أو الرعاية الصحية، ستجد أنه من الصعب الإعلان عن مسجد مموَّل بمال الدولة بتكلفة مليون يورو (814 ألف جنيه إسترليني، 1,3 مليون دولار).

      وفي هذا الإطار يقول (ستارتوس سيموبولوس) - سكرتير عام وزارة التنمية -: «في الماضي كان هناك خوف في بعض قطاعات المجتمع اليوناني من بناء أحد المساجد، ولكن يجب أن نتخطَّى هذا الخوف»، وأضاف: «الأزمة الاقتصادية مشكلة، الحكومة لديها أولويات أخرى للوقت الراهن، ولكن هذا المسجد يجب أن يُبنى، ويمكن أن نكون في موقف لبدء العمل خلال أشهر قليلة».

هاجس الهيمنة الإسلامية

     لقد رحبت الكنيسة اليونانية بفكرة المسجد، إلا أن بعضَ الرموز الكنسيَّة الكبيرة لا تزال معارضة، ففي الخدمات الدينية بكنيسة (سان نيكولا) في (بيرايوس) الواقعة خارج أثينا - تتضح قوة الالتزام الديني، فالأفراد المشاركون في الاجتماعات الدينية يقبِّلون الأيقونات، ويصلِّبون على أنفسهم بصورة متكررة؛ فالنصرانية الأرثوذكسية تخترق إلى قلب ما تعنيه أن تكون يونانيًّا وأسقفًا هنا؛ حيث يؤكد (سيرافيم) أن أمته يجب أن تحافظَ على هُويتها.

ويقول: «اليونان عانت خمسة قرون من القهر الإسلامي في ظل الحكم التركي، وبناء أحد المساجد يمكن أن يثيرَ الشهداء الذين حققوا لنا الحرية».

     ويضيف: «اليونان لا تكره أحدًا»، ولكنه يعتقد «أن غالبية المسلمين أتوا إلى هنا بصورة غير قانونية»، وهذا من أجل ما أسماه «أسلمة أوروبا، نحن لسنا دولة متعددة الثقافات، نحن أمة يونانية، وكل شيء سوى ذلك بدعة «النظام الجديد» والصِّهيونية، يحاولون إفساد شخصيتنا».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك