رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 25 مارس، 2014 0 تعليق

العزيز الحميد

- ما أجمل الكلمة التي كتبها ابن القيم في بيان ما اقترن من الأسماء الحسنى من صفات الله سبحانه وتعالى صفة تحصل من اقتران اسمين أو وصفين وفي ذلك قدر زائد على مفرديهما نحو (الغني الحميد) فإن (الغني) صفة كمال و(الحمد) صفة كمال، واجتماع (الغنى) مع (الحمد)، كمال آخر فله ثناء من غناه وثناء من حمده وثناء من اجتماعهما.

- في أي كتاب وجدته؟

- بدائع الفوائد.

- أنا أعرف (الفوائد).

- هذا منه، ولذلك كان بدائع الفوائد.

- وماذا عن اقتران (العزيز) بـ(الحميد)؟

كنت وصاحبي نتمشى في منطقة جديدة تم رصف شوارعها والبنية التحتية لبنائها، إلا أن الكهرباء لم تصل لها بعد، المكان هادئ، والإضاءة التي تصل من الشارع المجاور تكفي لرؤية ما حولك.

- اسم الله (العزيز) ورد في سبع وثمانين آية من كتاب الله، واسم الله (الحميد) ورد في القرآن في سبع عشرة آية، واقترن الاسمان (العزيز الحميد) في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم هي:

{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (إبراهيم:1).

{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (سبأ:6).

{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (البروج:8).

     و(الحمد) عكس الذم، وهو الثناء والمدح، و(الحميد) صيغة مبالغة من (الحمد)، أي الذي يحمده ويثني عليه جميع خلقه، وهو المستحق للثناء والمدح سبحانه وتعالى، فهو سبحانه (محمود في عزته) ولو تدبرنا هذه الآيات الثلاث، في آية (إبراهيم)، نسب الصراط إلى (العزيز الحميد)، إشارة إلى عزة سالكه ومدحا لما تؤول عاقبته، فهو {صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، وكذلك في الآية من سورة (سبأ).

وأما آية (البروج)، فيقول سبحانه {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ}، أي: وما عابوا عليهم، وهذا أسلوب حصر، في أنهم لم يكن «عيبهم» إلا أن آمنوا بـ(العزيز الحميد)، وهذه أسماء لله عز وجل تحمل أوصاف العز والحمد، فكأن المعنى... وهل يعاب على من يؤمن بـ(العزيز الحميد)؟!

(العزيز) الذي يغلب كل شيء وكل أحد و(الحميد) الذي يحمد في كل صفاته وأفعاله سبحانه وتعالى، ثم قال: {الذي له ملك السماوات والأرض... والله على كل شيء شهيد).

     والمقصود، عجب أمر  أصحاب الأخدود أن يعيبوا ويظلموا ويعذبوا أناسا لمجرد أن آمنوا بالعزيز الحميد الذي له ملك السماوات والأرض، ثم جاء الوعد والوعيد: {والله على كل شيء شهيد}، شاهد على كل شيء، وسيجازي الظالمين على ظلمهم، ويوفي المؤمنين الصابرين أجرهم.

- سبحان الله، إن المرء يحتاج أن يعيد قراءة ما يحفظ من سور القرآن القصيرة ويتدبر معاني الأسماء الحسنى فيها فإنه تورث إيمانا جديدا متجددا، هؤلاء عابوا على المؤمنين وعذبوهم، مع أنهم لم يفعلو شيئا إلا أن آمنوا بمن يستحق العبادة والإيمان (العزيز الحميد)، وقوم لوط، طردوا لوطا وأهله من قريتهم لمجرد أنهم {أناس يتطهرون}(الأعراف: 82)، إن الحق والفضيلة عند أهل الأهواء جريمة توجب العقاب في الدنيا، والله على كل شيء شهيد، وهو (العزيز الحميد).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك