قصة (حزب الله) اللبناني
إقدام حركة أمل على ذبح الفلسطينيين بوحشية عز نظيرها خدمة لإسرائيل، وجميل يطوّق عنق اليهود الذين سيحفظون للصفويين
من بركات ثورة الشعب السوري أنها فضحت أكاذيب الحزب وبشار وإيران وتبجحهم بالمقاومة والممانعة
بعد أن أزكمت رائحة حركة أمل أنوف العرب والمسلمين والأحرار في العالم بمساعدتها القوات الإسرائيلية بقيادة المجرم شارون على ذبح الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا -وفي مناسبات أخرى- وإسهامها في قتلهم بنذالة ولؤم, لم يعد من الممكن أن تدعي ولا أن يدعي سادتها ومحركوها أنها حركة تقاوم إسرائيل, وإنما صار واضحا أنها هي والإسرائيليون في خندق واحد، وهي حريصة مثلهم على إبادة الفلسطينيين ونزع سلاحهم، كيف لا وهم مسلمون (سنة)؟ وليس مهما بعد هذا إن كانوا متمسكين بدينهم أم غير متمسكين، وإنما يكفي لإبادتهم أنهم سنة كما يسمونهم.
وترى حركة أمل ومن على شاكلتها ومن وراءها أن بقاء السلاح في أيدي أمثال هؤلاء يهدد المشروع الصفوي الساعي بجد إلى السيطرة على الخط الجغرافي الذي يبدأ من إيران ويمر في العراق ثم في سوريا وينتهي -أو لا ينتهي- في لبنان؛ وإذا تحقق لهم هذا المقصد الفاسد تصبح سواحل البحر الأبيض ابتداء من لواء إسكندرون -الذي تقطنه نسبة من النصيريين- وحتى فلسطين المحتلة تحت رعايتهم، وعليه فلا خوف من سواحل فلسطين المحتلة؛ إذ بين اليهود والصفويين علاقات خفية سوف تفضحها الأيام إن شاء الله، وبهذه السيطرة المأمولة يصيب الصفويون هدفين كبيرين في وقت واحد:
1- يعزلون المسلمين (وهم الأمة) في مناطق داخلية لا سواحل لها وهذه طعنة كبرى في الأمة كلها.
2- تصبح هذه السواحل التي سيطروا عليها متنفسا استراتيجيا لدولة كسرى المعمم إذا ضاق الخناق على إيران في الخليج العربي، ولا يغرنك تهديد إيران الإعلامي بإغلاق مضيق هرمز، فإنها تتضرر هي بهذا الإغلاق كتضرر غيرها، ولا تنفعها كثيرا السواحل المحدودة خارج الخليج العربي؛ لأن مراقبتها والسيطرة عليها ليست صعبة على الغرب إن أراد ذلك، هذا إذا كان بين إيران والغرب عداوة حقيقة فضلا عن أن سواحلها خارج الخليج العربي بعيدة عن خطوط الإمداد من الدول التي تتوقع منها ذلك.
إن إقدام حركة أمل على ذبح الفلسطينيين بوحشية عز نظيرها خدمة لإسرائيل، وجميل يطوق عنق اليهود الذين سيحفظون للصفويين هذا الجميل، زيادة على أنه تدمير للمسلمين الفلسطينيين الذين لابد أن ينحازوا إلى أمتهم في المواقف المفصلية لمواجهة المشروع الاستعماري الصفوي، ولا نتوقع من الغرب الصليبي أن يضع حركة أمل هذه على قائمة الإرهاب، بل ليس من المستبعد أن يكافئها سرا على ما قدمته من خدمات لليهود، وحسبها معاونة شارون ومنافسته في ذبح الفلسطينيين.
تبين مما سبق أن رائحة حركة أمل النتنة قد انتشرت، وصار من المتعذر أن يصدقها أحد بما تتظاهر به من مقاومة العدو، بل لم يعد من المقبول أن تبقى حركة مسلحة؛ ولئلا يقال إن الصفويين وحافظ أسد أعداء للمقاومة جاءت الأوامر من الخارج بأن تنصرف حركة أمل الى العمل السياسي وتتحكم في لبنان من هذا الجانب، أما السيطرة على لبنان بقوة السلاح فسيكون لها حل على الطريقة الباطنية.
جاء الحل المخادع بإنشاء ما سمي بـ(حزب الله) الذي استطاع أن يخدع كثيرا من العرب والمسلمين بمتاجرته بفلسطين، والتظاهر برفع راية المقاومة كذبا وتضليلا، وقد ظهر -ولاسيما في الآونة الأخيرة- أن كلام الحزب عن المقاومة إنما كان حجة لإتخام الحزب بالسلاح الذي لا يضاهيه سلاح الجيش اللبناني نوعا وكما، وكان هذا السلاح يتدفق من إيران عبر سورية المنكوبة بالاحتلال الطائفي المقيت.
وهكذا أمسك الصفويون بتلابيب لبنان في تقاسم للأدوار بين أمل وحزب الله، بل وتداخل بالأدوار أحيانا، فقد أمسكت حركة أمل بالجانب السياسي, وسيطر حزب الله بالسلاح على الأمرين معا وصار دولة فوق الدولة، وهل ينسى اللبنانيون كيف جُرَّ لبنان إلى حرب مدمرة سنة 2006؟ وهل ينسون أيضا احتلال الحزب لبيروت سنة 2008 احتلالا عسكريا منكرا أرعب أهلها مسلمين ومسيحيين وروعهم؟ كما لا ينسون أيضا إصرار الحزب على الثلث المعطل في الوزارات على الرغم من أنه لا يملك الأكثرية.
أما الاغتيالات والتفجيرات التي بدأت أيام وجود الجيش السوري في لبنان فقد استمرت وتتابعت, وما أظن أن خبيرا بالشأن اللبناني يجهل مصدرها ومرتكبيها، وقد أدرك كثير من الناس -وإن تأخر إدراكهم- أنه كان هناك هدف خفي خبيث دفع إلى تأسيس ما يسمى بـ (حزب الله) -علاوة على ما مر- وهو التدخل لحماية النظام الطائفي في سورية , ذلك النظام الذي كان يتوقع عميده حافظ أسد أن ينتفض الشعب للتخلص منه مهما طال صبره وسكوته على الظلم والقهر والسلب والنهب ومحاربة الأمة وعقيدتها، وقد كان ذلك فانتفض الشعب وقام الحزب بدوره وبالمهمة التي كانت أحد أسباب تأسيسه.
وأنه لمن بركات ثورة الشعب السوري أنها فضحت أكاذيب الحزب وبشار وإيران وتبجحهم بالمقاومة والممانعة, وأثبتت للعالم أجمع أن ذلك الكلام، إنما كان للاستهلاك وكسب الرأي العام, كما أظهرت طائفية الحزب عارية لا يسترها شيء.
نعم اكتسب ما يسمى (حزب الله) شهرة وشعبية بعمليات فدائية رائعة قام بها في السنوات الأولى لتأسيسه, ولاسيما عندما كان صبحي الطفيلي أمينه العام، وعلى الرغم من أن شباب الشيعة شاركوا في تلك العمليات الفدائية, إلا أن قليلا من الناس يعرفون أن أعظم العمليات التي تمت تحت راية الحزب وباسمه إنما قام بها من نجاه الله من أفراد المقاومة الفلسطينية من مذابح القوات الأسدية ومذابح شارون وحركة أمل، وكان اشتراك الفلسطينيين في العمليات عندما كان الحزب يسمح للفلسطينيين بالعمل تحت رايته.
ومن الجدير بالذكر أنه كان لا بد من هذه البداية ليتمكن الحزب من تمرير أكبر عملية خداع تاريخية لأمتنا, وليتمكن من إداء دوره القذر في السيطرة على لبنان ثم من احتلال سورية، ومعاونة بشار المندوب السامي لفرق الباطنية في ارتكاب المجازر الوحشية التي سيذكرها المسلمون جيلا بعد جيل، ويورثون ذكراها للأجيال.
وبعد تفاهمات1996 صار دور الحزب وعمله الذي لا يخفى إلا على البلهاء حماية حدود إسرائيل الشمالية، ولم يعد الحزب يقبل في صفوفه إلا الموثوقين من طائفته ليصبح طائفيا خالصا على المكشوف, كما لم يعد باستطاعة أحد مهما كانت مقدرته أن يخترق دفاعات الحزب وحراساته ليقوم بعملية في أراضي فلسطين المحتلة، وهذا شيء مشاهد لا يحتاج إلى دليل، ولكن من الأدلة أن العمليات الفدائية توقفت بعد تلك التفاهمات إلا ما يقرره الحزب وسادته من مسرحيات، ومن الأدلة أيضا ما قاله الشيخ صبحي الطفيلي الذي كان أول أمين عام للحزب في برنامج زيارة ولاسيما مع سامي كليب على قناة الجزيرة ومع جوزيال خوري على قناة العربية: من أن وظيفة الحزب بعد التفاهمات هي حماية حدود إسرائيل الشمالية، وقد كرر هذا الشيخ صاحب الرأي الحر كلاما قريبا من هذا بعد غزو الحزب لسورية مع مجموعات طائفية أخرى، والحق أن من أسر سريرة ألبسه الله رداءها ولله در من قال:
ثوب الرياء يشف عما دونه
فإذا اتشحت به فإنك عاري
وبعد هذا مما ذكرناه ومما جرى ويجري الآن على أرض سورية إذا كان هناك من لم يعرف حتى الآن إن ما يسمى حزب الله حزب طائفي، وحزب إرهابي محتل لسورية ويؤيد الظالم القاتل، وأن الممانعة التي يتحدث عنها ستار لإخفاء حقيقته، وإذا كان هناك من لا يعرف هذا حتى الآن نقول له متى ستفهم أيها العبقري؟ ولعمر الحق إن بطن الأرض خير لك من ظهرها. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لاتوجد تعليقات