كتب وإصدارات
إكرام الموحدين في بيان تحقيق وصية رب العالمين
تأليف: عبدالله بن صالح العبيلان
الكتاب يتناول التوحيد وأقسامه، ويرد على الأفكار المنحرفة وتأويلات المخالفين ومناهجهم التي هي السبب الرئيس لفساد العقائد، ولتوضيح ما يحمله الكتاب من معان جليلة في ثناياه ندع المؤلف يجول بنا في ساحات الكتاب ويشرح لنا الأسباب الداعية لتأليفه مثل هذا الكتاب، حيث يقول: فإنه في هذا العصر الذي غلبت فيه المادة على عقول كثير من الخلق، وعظمت الدنيا في قلوبهم، «فإنه يزداد الخوف على الموحدين، ولاسيما إذا كان الفهم للتوحيد ناقصا أو ضعيفا، فإني رأيت كثيرا من الناس يفسرون التوحيد ببعض ما يضاده من مظاهر الشرك: كدعاء الموتى، والاستغاثة بهم، أو الذبح لهم، وهذا وإن كان مما لا يصح التوحيد إلا بتركه، ولكن التوحيد شيء يطلب من العبد فعله، قال تعالى: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد}، فدلت الآية على أن اجتناب الشرك لا يكفي بل لا بد من الإنابة».
ويقول أيضا: وقد رأيت من النصيحة للمسلمين أن أجمع ما كتبه الشيخان: شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه المحقق ابن القيم، عليهما رحمة الله، في بيان التوحيد، بعد الاستقراء والتتبع من كافة ما وقع تحت يدي من كتبهما، فرتبته وبوبته، فوضعت العناوين للأبواب والفصول والمسائل؛ وربما نقلت عن غيرهما وبينته في موضعه، قاصدا بذلك تقريبه لقارئه وسامعه، ومذكرا بجهود الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب وعلماء الدعوة من بعده عليهم رحمة الله، وسميته (إكرام الموحدين في بيان تحقيق وصية رب العالمين).
ويضيف: «أحب أن أنبه على أمور، منها:
أولا: أن التوحيد يكون في الطلب، وتعلقه بالربوبية، ويكون في المطلوب، وتعلقه بالألوهية.
والإلهية تتضمن الربوبية، والربوبية تستلزم الإلهية؛ فإن أحدهما إذا تضمن الآخر عند الانفراد، لم يمنع أن يختص بمعناه عند الاقتران.
ثانيا: أن الإيمان بالقدر والرضا بالله ربا متعلق بتوحيد الربوبية، والواجب على المسلم التسليم لحكم الله وقدره، وذلك في ثلاثة أمور:
الأول: الصبر عند حلول المصائب.
الثاني: الشكر عند حدوث النعم.
الثالث: الاستغفار بعد الوقوع في الذنب.
ثالثا: أن الأمر والنهي متعلقان بالألوهية، وقد صرح تعالى بهذا في قوله: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (الذاريات: 56).
فالعبادة هي الغاية التي خلق لها الجن والإنس والخلائق كلها.
رابعا: أن توحيد الألوهية: يجمع كمال المحبة وكمال الذل، فالعابد محب خاضع، بخلاف من يحب من لا يخضع له، بل يحبه ليتوسل به إلى محبوب آخر، وبخلاف من يخضع لمن لا يحبه، كما يخضع للظالم؛ فإن كلا من هذين ليس عبادة محضة، وإن كل محبوب لغير الله، ومعظم لغير الله فيه شَوْبٌ من العبادة، كما قال النبي [ في الحديث الصحيح: «تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعد عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش».
خامسا: أن الشرك، إن كان شركا يكفر به صاحبه، نوعان: شرك في الإلهية، وشرك في الربوبية:
فأما الشرك في الإلهية: فهو أن يجعل لله ندا؛ أي: مثلا في عبادته، أو محبته، أو خوفه، أو رجائه، أو إنابته، فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه؛ قال تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين} (الأنفال: 38)، وهذا هو الذي قاتل عليه رسول الله [ مشركي العرب؛ لأنهم أشركوا في الإلهية.
سادسا: أن التوحيد له ضدان: الكبر والشرك؛ ولهذا روي أن نوحا \ أمر بنيه بلا إله إلا الله، وسبحان الله، ونهاهم عن الكبر والشرك، في حديث قد ذكرته في غير هذا الموضع؛ فإن المستكبر عن عبادة الله لا يعبده، فلا يكون مستسلما له، والذي يعبده ويعبد غيره يكون مشركا به، فلا يكون سالما له، بل يكون له فيه شرك.
سابعا: بيان السبب الذي جعل المحبة شرطا في التوحيد، والخوف من واجباته:
وذلك «أن الخوف يتعلق بالأفعال، وأما الحب فإنه يتعلق بالذات والصفات؛ ولهذا يزول الخوف في الجنة، وأما الحب فيزداد، ولما كان الحب يتعلق بالذات، كان من أسمائه الودود.
ثامنا: اسم (الله) دال على جميع الأسماء الحسنى، والصفات العليا بالدلالات الثلاث؛ أي: دلالة التضمن، والالتزام، والمطابقة؛ فإنه دال على إلهيته المتضمنة لثبوت صفات الإلهية له، مع نفي أضدادها عنه.
تاسعا: أنه سبحانه كامل في أسمائه وصفاته، فله الكمال المطلق من جميع الوجوه، الذي لا نقص فيه بوجه ما، وهو يحب أسماءه وصفاته، ويحب ظهور آثارها في خلقه، فإن ذلك من لوازم كماله، فإنه سبحانه وِتْرٌ يحب الوتر، جميل يحب الجمال، عليم يحب العلماء، جواد يحب الأجواد، قوي والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف، حييٌ يحب أهل الحياء، وفيٌ يحب أهل الوفاء، شكور يحب الشاكرين، صادق يحب الصادقين، محسن يحب المحسنين.
عاشرا: أن الحد الجامع لتعريف التوحيد هو: إفراد الله بالتعلق تعبدا واستعانة.
فإفراده بالعبادة: يخلصه من الشرك في الإلهية.
وإفراده بالاستعانة: يخلصه من الشرك في الربوبية.
والأول: متعلق بمحبته فهو له، فغايته أن تطلبه هو بالتأله.
والثاني: متعلق بمشيئته فهو به، وغايته أن تطلب منه، لا سواه، وقد فهم هذا تمام الفهم الأعرابي الذي جاء إلى النبي [ فقال: علمني كلاما أقوله، قال: «قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر والحمد لله كثيرا، وسبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم»، قال: فهؤلاء لربي فما لي؟ قال: «قل: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني».
يقع الكتاب في 1000 صفحة من القطع الكبير، وهو من إصدارات مكتبة ابن تيمية بالشارقة.
لاتوجد تعليقات