السياسة الشرعية – الشريعة والقانون الوضعي في الميزان (6)
الكليات الخمس هي: «الدين, النفس, العقل, العرض, المال» وهي ضروريات الحياة وجُلُّ مشكلات بني آدم، وسنرى كيف تتعامل معها كل من الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية, وأي منهما تحافظ عليها وتصونها كالآتي:
فيما يتعلق بالدين: فالإنسان حر في تغيير دينه دون أية عواقب وفقًا للقوانين البشرية, أما في شريعتنا الغراء فقد قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} (آل عمران: 19), وقَالَ رَسُولُ اللَّه[: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» متفق عليه، فالدين الإسلامي دين إلهي منزل من عند رب السموات والأرض لا تبديل فيه ولا تحريف.
وفيما يتعلق بحفظ النفس: من الجائز أن يُحكَم على القاتل بالسجن المشدد, ومعه يضيع دم المقتول, هذا ما نجده في التشريعات الوضعية, أما في الشريعة الإسلامية فقد قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 179) وقال أيضا: {وَكَتَبْنَا عَلَيهمْ فِيهَا أَنَْ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (المائدة: 45).
وما يتعلق بالعقل: فالتشريعات الوضعية قد سمحت بالتجارة في الخمور والمسكرات, وإنشاء مصانع التبغ والسجائر وكل هذه الأشياء من أهم ملوثات العقل، أما الشريعة الإسلامية فإنك تجد فيها كل ما هو صالح لنفسك وبدنك وعقلك، قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} (المائدة: 90).
أما العرض وحفظ النسل: فالتشريعات الحالية تجدها لم تحرم الزنا إلا في حالات قليلة جدًا, فلا تكون هناك جريمة أصلاً إلا بشكوى من الزوج, وفي حال أسقط الزوج حقه عن الزانية فيعد حكمًا تنازلاً عن الزاني أيضًا، أما بالنسبة إلى أن تكون حرية ممارسة الزنى ضد حقوق الإنسان والحريات الشخصية فهو قول خاطئ؛ فإن المرأة (الزوجة أو الابنة أو الأخت) لا يحق لهن الإقدام على تلك الفاحشة باعتبار أنها حق شخصي؛ لأن ذلك مرتبط بحقوق آخرين، وعليه فإن الشريعة الإسلامية قد وضعت أقسى عقوبة للثيب الزاني وهي الرجم حتى الموت، والجلد إذا كان بكرًا, قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} (النور: 2)، وكل هذا حفظ للأعراض وعدم اختلاط للأنساب بين المجتمعات الإسلامية.
وإليك ما يتعلق بحفظ المال: فإن عقوبة السارق في القوانين الوضعية لا تحد من جشعه وظلمه للناس، بل تشجعه على أن يسرق مرات ومرات أخرى بل امتهان واحتراف تلك الوظيفة, فضلاً عن أن تلك القوانين تبيح التعامل بالربا وذلك في معظم بنوك العالم الربوية؛ لذلك كانت عقوبة قطع يد السارق في التشريع الإسلامي هي عقوبة رادعة مانعة لكل من تسول له نفسه الإتيان بمثل هذه الجرائم.
واليكم المزيد في العدد القادم.
والله الموفق والمستعان.
Abuqutiba@hotmail.com
Abuqutibaa@
لاتوجد تعليقات