الفرقـــــــــــــــان زارت المخيم لاستطـــلاع أوضــــــــــــــــــاع اللاجئــــــين مخيم الزعتري- حكاية شعب خرج من الموت إلى المذلة
حكاية سفر على الألغام من براثن النظام إلى براثن صحراء لا يرحم صيفها بحرّه وغباره، ولا شتاؤها ببرده القارس، وحكاية شعب هاجر بحثا من الموت ليقع في أتون المذلة.
غادرت مطار عمان يحدوني أمل بلقاء أبناء وطني وكنت أحمل الكثير من الأمل ، وعلى أبواب الزعتري كان الأمل يحتضر في داخلي وفوجئت بطابور من الزوار يقفون على بوابة المخيم و آخرون يلوحون بأيديهم من داخله ، ومنهم من يمد يده ليسلم على أخ أو أب أو أم ...
أربع ساعات وقفت فيها أنتظر دوري في الدخول إلى المخيم رصدت فيها آهات الأمهات، وغصات الآباء، ونشيج الإخوة والأخوات، قد حملت بضاعتي التي حملتها معي لأهلي مرات عدة أمام إصرار الدرك في الابتعاد عن البوابة ومنع الزوار من الدخول . تصبرت كثيرا مع المنتظرين وكان بإمكاني أن أدخل بطريقة أو بأخرى ولكنني أردت أن أعيش مع أهلي معاناتهم فكان لي بعد طول انتظار أن أدخل .
الزعتري وما أدراك ما الزعتري !
بلدة تبعد عن عمان ما يقرب من 80 كيلو مترا، وهي بلدة صغيرة لم تكن معروفة في الإعلام وسلط الإعلام أضواءه عليها فأصبحت مشهورة بشهرة معاناة ستين ألف مهجر يعيشون في بقعة من أرضها، وكل واحد منهم يحمل معه ألف حكاية عن وطن لفظهم إلى خارج الحدود ليعيشوا ضمن سور أشبه بسجن كبير لا يسمح بالخروج منه، وقد عبر عن هذا السجن أحد أطفال درعا بقوله: « لقد خرجنا من الموت لنأتي إلى المذلة»
الزعتري حكاية 60 ألف لاجئ عاشوا مع رمال الصحراء حكاية صيف حار وغبار يملأ العيون، وإصرار بالتشبث بأوتاد خيمة لا تقوى أطنابها على حملها. وتبين لي بلقاءات أجريتها في داخل المخيم أن الحكومة الأردنية و بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قامت باستئجار أرض مساحتها تقدر بخمسة آلاف دونم ضمن بلدية الزعتري لتقيم عليها مخيماً للاجئين السوريين بعد أن ازداد تدفقهم بكثرة هربا من جحيم قنابل طاغية الشام، وبهذا لم تعد المخيمات التي أعدتها الحكومة الأردنية مسبقاً كمخيم البشابشة ومخيم حديقة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في لواء الرمثا التابع لمحافظة إربد إداريا تستوعب أعداد اللاجئين التي تتدفق يومياً إلى الأردن وبأعداد متفاوتة يومياً كان يصل أحدها إلى ثلاثة آلاف لاجئ يومياً في بعض الأوقات، ولهذا تم التنسيق لبناء مخيم الزعتري في محافظة المفرق الملاصقة للحدود السورية، وبدأت جميع المنظمات والهيئات بالعمل على هذا المخيم وإعداده إعدادا يتناسب مع استقبال أعداد اللاجئين الكبيرة التي تصل إلى الأردن ,
وكان المخيم في بداياته غير صالح للحياة البشرية فالمنطقة التي يقع فيها ذات طبيعة صحراوية ومناخها صعب لا يطاق كما كانت الرمال والرياح تجعل الحياة شبه مستحيلة في خيام متدنية النوع، وفي ظل هذه الظروف التي تتنافى مع أدنى درجات الإنسانية تعالت الصيحات لتأجيج الموقف الدولي والأهلي، فباشرت الحكومة الأردنية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالعمل على تطوير المخيم، ولم يكن التراجع عن هذا المكان خياراً مطروحاً إطلاقاً، وبدأت الحكومة الأردنية بالتعاون مع المجتمع الدولي لتحسين الوضع في المخيم قدر الإمكان للتخفيف من حدة الطبيعة الصحراوية والمناخ السيء لهذه المنطقة مهما كلف الأمر من جهود.
وفي ظل التعايش مع الوضع الذي لا بد منه بدأ العمل على تقديم أفضل ما يمكن تقديمه فتطور العمل في المخيم، ووصل إلى وضع مقبول، ومن التجديدات التي تمثل نقاطا بيضاء في المخيم وجود مشاف ميدانية تستطيع أن تقدم خدمات طبية محدودة، وتعالج أغلب الحالات التي تردها سواء من المخيم أم من الداخل السوري ممن يهربون بأرواحهم وبجراحهم إلى المخيم , والمخيم يحتوي على 6 مشاف ميدانية وهي: المشفى الأردني والمغربي والإماراتي والسعودي والبحريني والفرنسي، وهذه المشافي تقوم بأعمال طبية محدودة ضمن الحدود المتاحة,
أما على الصعيد الخدماتي في المخيم فهو اليوم يحتوي على أدنى مقومات الحياة من مأكل ومشرب وكهرباء ووسائل إعداد الطعام ووسائل التدفئة، ولكن وسائل التدفئة لم تصل لكل اللاجئين بعد فالكثير منهم يعيشون تحت وطأة البرد الصحراوي، وسجلت وفيات عدة في الأطفال بسبب البرد القارس، وكان آخر ما جرى غرق الخيام بماء المطر، واستحالة الوصول إلى حل دائم لذلك ,وتبرعت جهات دولية ومحلية بتحويل الخيام الى (كرفانات) وهي البيوت الجاهزة ؛ مما سيخفف من حدة مناخ المنطقة، وسيسهل عملية التعامل مع الظروف الجوية في المنطقة، وسيعطي اللاجئين قدرا أكبر من الراحة والاطمئنان ولكن بطء العمل فيها، فضلا عن بطء تسليمها لمستحقيها أجّل الأمان، وجعل اللاجئين أقرب إلى من يتعلقون بقشة وهم غرقى في مياه الأمطار التي اجتاحت المملكة الأردنية الهاشمية,
وفي تصريح صحفي لمدير التعاون والعلاقات الخارجية للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن (على بيبي) أعلن أن الأمطار الغزيرة داهمت في الأيام الماضية 500 خيمة في مخيم الزعتري .
وقال (بيبي) إنه تم بالتعاون مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية تنفيذ خطة طوارئ لتأمين العائلات السورية التي داهمت الأمطار خيامها ونقلهم إلى بيوت جاهزة (كرفانات)، مشيدا بالجهود السعودية في سرعة تأمين (الكرفانات) للعائلات التي تضررت من مداهمة المياه.
وناشد (بيبي) الدول المانحة والمجتمع الدولي تقديم الدعم للأردن والمفوضية للحفاظ على كرامة اللاجئين الإنسانية من خلال تأمين بيوت جاهزة (كرفانات)، وإعادة تهيئة البنية التحتية الأساسية للمخيم لمواجهة الظروف الجوية القاسية.
ومن جانبه، أكد مدير مخيم الزعتري محمود العموش أنه تم نقل اللاجئين الذين تسربت المياه الى خيمهم إلى (كرفانات) تم تجهيزها مؤخرا وما تزال الهيئة تعمل بالتعاون مع المفوضية على نقل باقي المتضررين.
ويتخوّف اللاجئون السوريون في مخيم المخيم من تفاقم الأوضاع خلال فصل الشتاء بسبب عدم جاهزية الكثير من الخيام للظروف الجوية الماطرة وعدم رصف أرضيتها وبعد المرافق الصحية عنها فضلا عن قلتها بالنسبة إلى عدد كبير من اللاجئين.
الجانب التعليمي في المخيم
أما عن الوضع التعليمي في المخيم فهو اليوم أفضل من أي وقت مضى، فلم يكن موضوع التعليم مطروحاً داخل المخيمات البتة في البداية . وقد قامت مملكة البحرين بإنشاء مدرسة متقدمة ومتكاملة بصفوف نموذجية تتسع ل 4000 آلاف طالب وطالبة، وتدعى بمجمع البحرين التعليمي وهو مجمع مجهز تجهيزا متكاملا ومتطورا،عدد الطلبة المسجلين في مدارس مخيم الزعتري إلى تاريخ إعداد هذا التقرير 3211 طالب وطالبة من الصف الأول حتى الصف الحادي عشر مقسمين على أربعة مدارس ضمن المجمع, ونذكر هنا أن عدد الطلبة في مدرسة ثانوية الزعتري وصل ل 634 طالبا وطالبة مسجلين في دفاتر التفقد الخاصة بالمعلمين , بينما العدد الفعلي للملتزمين بالدوام الرسمي هو 400 طالب تقريباً .
وفي لقائي بمدير المدرسة وبالكادر التعليمي تبين أن إقبال الطلاب على الدراسة أقل بكثير من المطلوب وذلك لأسباب أوجزها مدير المدرسة بعدم وجود تثقيف كاف بين المهجرين، فضلا عن تسرب الطلاب الذكور للعمل في البيع في أسواق الزعتري التي يمتلئ بها المخيم للحصول على لقمة العيش، فضلا عن تسرب الطلاب إلى منظمة (SAVE THE CHILDREN) التي تعنى باللعب والمكافآت التي يذهب إليها الطلاب طمعا بملبس أو بمبلغ زهيد من المال، ولا يخفى على المطلعين أن مثل هذه المنظمات لها أبعاد أخرى غير الأبعاد التعليمية والتربوية، وترشح منها رائحة التنصير والتغريب، ومن هنا فإن الحاجة ملحة إلى عملية توعية واسعة النطاق بضرورة التوجه إلى التعليم المنظم ضمن المدرسة العربية في المخيم، وانتشال الأطفال من براثن التنصير والجهل .
كما أشار مدرسون أيضاً أنهم يشتكون من بداية إفراغ المدارس كلها في المخيم من محتواها العلمي، وأنها أصبحت مكانا لتوزيع المساعدات على الطلبة أكثر من كونها مدرسة لتعليم الطلبة , وأشار كثيرون ممن يشاركون في العملية التعليمية في المدارس أن نسبة كبيرة تقدر ب 80 % من الطلبة يأتون للمدرسة للحصول على مساعدات تقدمها جهات ومنظمات خيرية محلية ودولية , وبهذا نشير أن هذا الأمر يدق ناقوس الخطر في سياق العملية التعليمية للطلبة اللاجئين .
أما الجانب الدعوي في المخيم فهو ضحل للغاية يقوم عليه متطوعون من اللاجئين مع بعض الهيئات الخيرية خارج المخيم، وبإمكانات محدودة، ففي المخيم مسجد واحد كبير يتسع ل 300 مصل وقد صلينا في صلاة الجمعة رأس المصلي على ظهر من أمامه؛ مما أدى إلى حالات إغماء بسبب الازدحام، وهذا المسجد قامت جمعية إحياء التراث الإسلامي في دولة الكويت على إنشائه، والتوسع في المخيم وتزايد عدد المهجرين فيها يحتاج إلى مساجد عدة، وما لفت نظري وجود حلقات لتحفيظ القرآن يقوم عليها متطوعون، وهي بذرة خير يمكن لأهل الخير دعمها لتكون حافزا تعليميا ودعويا آخر يتزامن مع حملة أخرى توعوية تختص ببث روح العلم والتربية في صفوف الطلاب وتخرجهم من براثن الجهل والتشرد والتغريب والتبشير .
الجــــانب الإنساني في المخيم
أما الجانب الإنساني فهو شأن مهم غفلت عنه المنظمات الإنسانية والخيرية، ولاسيما ما يتعلق بالجانب الانساني والنفسي للاجئين السوريين في المخيم؛ فالمهجرون بحاجة إلى الدعم النفسي بوجود متخصصين نفسيين يطلعون على واقع اللاجئين ومعاناتهم النفسية التي تعرضوا لها في الداخل السوري وتخفيف آثار ما بعد الصدمة التي يعانونها ولاسيما النساء والأطفال ,
والمهجرات من النساء يعانين الأمرين فمنهن من فقدت زوجها أو ابنها أو أخاها أو...، والمنظمات الدولية و الجمعيات الخيرية غائبة عن هذا الشأن، فهناك توثيق لحالات زواج مبكر، وحالات استغلال للنساء، وحالات حمل كثيرة في أوساط اللاجئين , في حين أن الظرف ليس مناسباً للحمل والولادة والإرضاع وما يرافق الحمل من متاعب للمرأة اللاجئة في ظل هذه الظروف التي يعيشها اللاجئون , فضلا عن غياب لأي دور توعوي للمراة اللاجئة في سياق تنظيم الأسرة ووسائل وقاية المرأة من مضاعفات الحمل والولادة والإرضاع والتشرد والانحراف.
وتبين من لقاءات عدة مع الكثير منهن وجود حالات كثيرة في أوساط النساء اللاجئات ممن يعانين من الاكتئاب والقلق وتقلب المزاج والحزن وآثار ما بعد الصدمة على الصعيد العلمي في التحليل النفسي لحالة هؤلاء اللاجئات المعنفات في الداخل في أوجه متعددة.
وبهذا نتوجه بالنداء لكل منظمات حقوق المرأة في العالم والجمعيات الخيرية بأن تعطي هؤلاء النساء بعض الاهتمام في هذه القضية، وأن توفد مختصين في رعاية المرأة نفسياً وإعادة انخراطها في المجتمع الذي يحيط بها بشكل طبيعي ونفسية أفضل، كما أن إقبال الإناث على التعليم ليس بالشكل المطلوب مقارنة بأعدادهن في المخيم، وهذا يعود لنقص الدور الريادي لمؤسسات دعم المرأة في توعية هؤلاء الإناث للإقدام على التعليم وفوائده، وما المخاطر التي قد يواجهنها في المستقبل في حال عدم حصولهن على التعليم والرعاية المناسبين .
أما على صعيد الأطفال فتقوم منظمات عديدة في التعامل مع شأن الأطفال نفسياً ومنها منظمة ( SAVE THE CHILDREN ) العالمية كما أشرت ؛ فهي تقدم خدماتها في هذا الصدد، وتنشط داخل المدارس الموجودة داخل المخيم بشكل ملحوظ فضلا عن مشاركتها في إيجاد بيئة ترفيهية بسيطة تسهم في التخفيف من معاناة الأطفال النفسية بعد ما شاهدوه من عنف على الأراضي السورية، ولكن هذا النشاط لهذه المنظمة يسهم في انحياز الأطفال إلى اللعب والترفيه على حساب العلم والتربية والدين .
جــــانب المرافق العامة في المخيم
أما المرافق العامة فنشير الى وجود دورات مياه خاصة بالذكور وأخرى خاصة بالإناث موزعة في كافة أرجاء المخيم، ولكنها تفتقر إلى الكثير من الخدمات الأساسية، وتحتاج إلى الكثير من الاهتمام في ظل ظروف قاسية يقول ( أبو محمد) 62 عاما إنني أتحرج من الوضوء في حمامات المخيم بسبب تجمد المياه، وتلوث دورات المياه .
ومن المشاهدات الملفتة للنظر وجود تجارة في داخل الزعتري بين المهجرين الذين لجؤوا إلى البيع والشراء بالعملتين الأردنية والسورية، فعلى جانبي الطريق الذي يتوسط المخيم تجد الكثير من محلات الصفيح والخيام التي تمتلئ بالبضائع التي يجد فيها المهجرون مجالا خصبا للحصول على لقمة العيش، ولكن هذه الظاهرة أفرزت جانبا سيئا أيضا فالكثير من المهجرين لا يملكون المال الذي يسمح لهم بشراء قوت يوم يخرج عما توزعه المفوضية .
وقد حول عشرات اللاجئين خيامهم الصغيرة إلى أكشاك حملت أسماء «الثورة» و»الحرية» يبيعون فيها الخضروات والفواكه والمياه والخبز والفلافل والبهارات والملابس المستعملة والمواد الكهربائية والحلويات والشكولاته.
كما حول بعضهم الآخر خيامهم إلى مقاه وصالونات حلاقة في الطريق الرئيس للمخيم الذي غص بمئات اللاجئين الذين يعملون جاهدين على استعادة الشعور بالحياة الطبيعية التي باتوا يفتقدونها.
وبعيدا عن السوق تعمل العائلات بوسائلها البسيطة على مواجهة فصل الشتاء في المخيم.
ويقول نسيم محمود البالغ من العمر 35 عاما الذي كان يقوم بتثبيت أعمدة خيمته كي لا تنتزعها رياح الشتاء القوية، «أحاول أن أحافظ على الخيمة دافئة قدر المستطاع حتى لا يمرض طفلاي».
ويقول محمود وهو موظف حكومي وأب لطفلين فر من حمص، وسط سوريا، إلى الأردن قبل نحو ثلاثة أشهر: «لا نعرف كم من الوقت سيدوم هذا النزاع لذلك علينا أن نتكيف (...) بصراحة نحن نخاف أن نرجع طالما أن النظام لا يزال قائما».
ويشعر الكثير من اللاجئين بأنهم متروكون. ويقول عصام إبراهيم القادم من درعا بجنوب سوريا، على بعد أربعة كلم عن الحدود الأردنية، وهو جالس على التراب خارج خيمته «هربنا من القصف والدمار والموت، ولم نفكر في عدو آخر متربص بنا اسمه الشتاء».
ويشكو اللاجئون من البرد القارس وعدم كفاية المساعدات المخصصة لهم، وخصوصا الأغطية والفرش والملابس الشتوية.
ويقول إبراهيم (47 عاما) :»رغم البرد القارس، لم أحصل حتى الآن على مدفأة، وعندما يحل الليل فإنني وزوجتي وأطفالي الخمسة نرتجف من شدة البرد، لا تفصلنا عن السماء سوى أغطية بالية وقطعة قماش» في إشارة إلى سقف الخيمة.
فر إبراهيم وهو فلاح قبل نحو أربعة أشهر إلى المخيم مع أعداد كبيرة من سكان مدينة درعا في جنوب سوريا بعد أن تعرضت مدينتهم التي شهدت معارك ضارية بين الجيش النظامي وعناصر الجيش الحر المعارض إلى غارات جوية مكثفة.
وتقول زوجة إبراهيم وهي تخفي وجهها بمنديل: «جئنا جميعنا، كل عشيرتنا تقريبا. مشينا ثلاث ساعات ونصف ونحن نحمل أطفالنا بين أذرعنا وعلى أكتافنا، هربنا من القصف والموت».
ثم تضيف بحسرة «لكن الوضع هنا سيء ولم يكن في بالنا أننا سنعاني الأمرين في هذه الصحراء القاحلة والباردة، وأننا سنقضي فصل الشتاء في خيمة»، وقال أبو عصام : «أغطي أطفالي بخمسة أغطية علني أقيهم من البرد».
وعلى طول شارع المخيم يركض أولاد صغار بملابسهم التي غطاها الغبار وهم ينادون بعضهم. وتقف فتيات صغيرات يرتدين الحجاب وينظرن بخجل. وأخذ أحد الصبية يكتب بالطبشور على إحدى الخيم «سوريا الحرة» في وقت كانت تمر ببطء شاحنات تنقل مياه ومواد غذائية وأدوات بناء دون أن يكترث لها أحد.
وفي آخر المخيم يجري تعديل الأرض وتسويتها ونصب عربات متنقلة جديدة استعدادا لوصول لاجئين جدد.
وتفيد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين والذين ينتظرون التسجيل في الأردن يبلغ 142 ألفا و664. وتقدر الحكومة الأردنية عددهم بأكثر من 290 ألفا.
ويقطن الكثير من اللاجئين في مساكن مؤقتة في الرمثا والمفرق وإربد (شمال) قرب الحدود مع سوريا أو لدى أقارب أو أصدقاء لهم في باقي مدن المملكة.
وما بين الأمل والألم سيبقى اللاجئون يتجرعون مرارة العيش في مخيمات اللجوء طلبا لحياة كريمة وأمن في بلاد احتضنتهم بعد أن لفظهم وطنهم ولم يلفظوه من وجدانهم . هي صرخة لكل ذي ضمير بأن شعبا أبيا لم يعرف الذل يوما بحاجة إلى من يمد له يد العون ليعود كريما إلى أرضه بعد سقوط النظام المجرم الذي شردهم وحرمهم الأمن والأمان .
لاتوجد تعليقات