جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الـمصرية.. صراع من أجل البقاء- من سيختار الشعب لحماية مصر والنهوض بها إلى المعالي شامخة عزيزة؟
حالة من الارتباك والغليان سادت الشارع المصري الأسبوع الماضي بعد صدور عدد من الأحكام القضائية والقرارات السياسية قبيل انطلاق مرحلة الإعادة للانتخابات الرئاسية بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي، وأحمد شفيق أحد رموز النظام السابق؛ فقد قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية انتخابات ثلث مجلس الشعب، وأيضًا عدم دستورية قانون العزل السياسي؛ كما أصدر وزير العدل المصري قراراً يمنح فيه العسكريين ورجال الـمخابرات الحربية والشرطة العسكرية سلطة الضبطية القضائية في الجرائم التي يرتكبها مدنيون.
وقد صعَّدت هذه القرارات مستوى الأزمة السياسية في مصر إلى الدرجة القصوى؛ مما قد يُنْذر بسيناريوهات مخيفة لا يمكن أن يتوقعها أحد، ولاسيما في حالة نجاح شفيق الذي يصف بعضهم نجاحه بالفشل الذريع للثورة الـمصرية.
حيثيات الحكم وأبعاده
وكانت المحكمة الدستورية قد قضت بعدم دستورية انتخابات ثلث أعضاء مجلس الشعب الأخيرة، وعدت في حيثيات حكمها أن المجلس الحالي الذي يحظى الإسلاميون بالأغلبية فيه، غير قائم بقوة القانون بعد الحكم بعدم دستورية انتخابه.
واستندت المحكمة خصوصًا الى إخلال القانون بمبدأ تكافؤ الفرص لسماحه للأحزاب السياسية بالترشح على المقاعد التي تم انتخابها بنظام القوائم وتلك المخصصة للمستقلين التي جرت بنظام الدوائر الفردية.
وكانت الانتخابات التشريعية المصرية قد جرت وفق نظام انتخابي معقد يخلط بين نظام القوائم النسبية التي خصص لها ثلثا مقاعد مجلس الشعب ونظام الدوائر الفردية الذي خصص له الثلث الباقي.
كما قضت المحكمة الدستورية أيضًا ببطلان قانون العزل الذي وضعه مجلس الشعب ورفعه المجلس العسكري في أبريل الماضي إلى المحكمة الدستورية الذي يحرم رموز نظام مبارك، ومن ضمنهم شفيق، من ممارسة حقوقهم السياسية لمدة عشر سنوات.
المجلس العسكري يستعيد السلطة التشريعية
وفي السياق ذاته، أكد المجلس العسكري أنه استعاد السلطة التشريعية، وسيباشر تشكيل اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور.
القانونيون يستغربون حل المجلس بأكمله
قال قانونيون: إن الحكم بعدم دستورية بعض نصوص قانون انتخابات مجلس الشعب يعني بطلان عضوية ثلث الأعضاء، مستغربين الحكم بحل مجلس الشعب بأكمله، فضلا عن الحكم بحل مجلس الشورى.
من جهته أكد جابر نصار أستاذ القانون الدستوري في مصر، أن كافة القوانين والأعمال في المجمل التي صدرت من قبل مجلس الشعب قبل الحكم، هي أعمال صحيحة، ولا تتأثر بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية.
ردود أفعال القوى السياسية
رأت القوى السياسية المختلفة قرار المحكمة انقلابًا دستوريًا وردة إلى الوراء، فقد حذر الدكتور محمد مرسي المرشح للرئاسة من مغبة هذا القرار قائلاً: «إن الشعب لن يسمح بعودة نظام مبارك».
وأكد الدكتور محمد يسري إبراهيم الأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح في تصريح له تعقيبًا على حكم المحكمة الدستورية العليا بقوله: «إن هذا لن يفت في عضدنا ولن يوهن من عزمنا».
وأضاف في تسجيل مرئي بث على الإنترنت: «لقد عاهدنا الله عز وجل بأن نبذل جهدنا لنصرة ديننا وتحرير أمتنا واستعادة هويتنا وتحقيق ريادتنا اليوم وغدًا بإذن الله تبارك وتعالى».
كما أوضح أنه «بالرغم من كل التحديات والصعوبات التي تواجهنا الآن، فإن الثقة بالله عز وجل تدعونا لنقول إنا لمنصورون»، ودعا إلى العمل والتفاؤل والأمل، والله خير مستعان وخير مرجو وأكرم مسؤول.
القرار أعاد مصر إلى ما قبل 25 يناير
على صعيد متصل، أكد حزب النور السلفي المصري أن قرار المحكمة الدستورية العليا بقبول الطعون المقدمة ضد البرلمان ليتم حل ثلث مقاعد المجلس، وعدم دستورية قانون العزل السياسى، أعاد مصر إلى ما قبل يوم 25 يناير.
وقال الدكتور يسرى حماد عضو الهيئة العليا لحزب النور، فى بيان له الخميس: لو أضفنا إلى حكم الدستورية العليا قرار وزير العدل الذى أعلن بالأمس «الضبطية» بعد أن ظل حبيس الأدراج أسبوعًا كاملا لعلمنا أن السيناريو معناه إعادة إنتاج دولة مبارك بما فيها من قانون الطوارئ، وإعادة إنتاج أمن الدولة فى صورة جديدة واعتداء على جميع أبناء الوطن، ولا عزاء للحريات.
وأضاف عضو الهيئة العليا لحزب النور: ليفرح الإعلام الفاسد الذي مهد لحل البرلمان؛ لأنه لم يأت بأغلبية تروق لتوجهاتهم، وهلل لعودة أحمد شفيق فى ثوب الفارس على الحصان الأبيض، وعتاب لنا جميعًا عندما اعتقدنا أن كل من جاء بهم مبارك على رؤوس أجهزة المؤسسات والشركات والوزارات قد تطهروا جميعًا بمجرد قيام الثورة فلم نطبق عليها قانون الثورات، وانتظرنا أن يكون القضاء مثاليًا ليلبي رغبات شعب ضحى بدمه من أجل نجاح ثورة جيل.
القرار سياسي وليس دستوريا
كما صرحت الجماعة الإسلامية تعقيبًا على قرار المحكمة بأن هناك ما يشير إلى وجود أبعاد سياسية لأحكام المحكمة الدستورية العليا بشأن قانون العزل وقانون انتخاب مجلس الشعب، وذلك لتوقيت صدورهما في 14/ 6 قبل جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة بيومين، وسرعة التعجيل بنظر قضية بطلان ثلث المقاعد الفردية بصورة تخالف ما استقر عليه عمل المحكمة الدستورية العليا في القضايا المماثلة، التي كان يستغرق نظرها عدة سنوات.
فإذا ما أضيف إلى ذلك قرار وزير العدل بإعطاء الضبطية القضائية للشرطة العسكرية ورجال المخابرات العامة ورفض لجنة الانتخابات الرئاسية تسليم المرشحين نسخة من جداول الناخبين، ومساندة بعض الجهات في الدولة لأحمد شفيق، فإن هذا يعني أن هناك إصرارا على فرض مرشح الحزب الوطني المنحل على الشعب، مما يعني إنتاج النظام القديم من جديد.
القوى الليبرالية تندد بالحكم
في غضون ذلك، نددت بعض القوى السياسية الليبرالية في بيان صدر الجمعة بالمجلس العسكري الحاكم عدته «قائد الثورة المضادة»، ودعت هذه القوى نواب مجلس الشعب الذي أعلنت المحكمة الدستورية بطلانه إلى العودة الى صفوف الثوار لوقف ما وصفوه بـ «سيناريو الانقلاب العسكري».
وقال البيان: إن هناك سيناريو «أعده المجلس العسكري منذ فبراير العام الماضي لتصفية الثورة» متمثلا في «مسلسل البراءات لقتلة الثوار وأحكام قضية مبارك وانتهى بقرار المحكمة الدستورية».
وأضاف البيان أن «كل هذه الإجراءات المتتالية كشفت عن أن المجلس العسكري عازم على إعادة إنتاج النظام القديم وأن الانتخابات الرئاسية مجرد مسرحية هزلية لإعادة إنتاج نظام مبارك».
ودعت هذه القوى الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة إلى «سحب مرشحهم محمد مرسي من جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية بعد أن ثبت للجميع أن الانتخابات مجرد مسرحية هزلية لشرعنة وجود المجلس العسكري على رأس السلطة في مصر».
{إنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
وفي كلمة تذكيرية وجهها الشيخ ياسر برهامي عبر موقع الدعوة السلفية قائلاً: لا ينبغي لنا ونحن في خِضَمّ مشهد سياسي مضطرب يحار فيه الحليم ويضطرب فيه الساكن، وتختلف وجهات النظر حتى لربما تفَرَّق المجتمِع، واجْتَمع المُفْتَرِق في أيام، بل في لحظات - لا ينبغي لنا أن نهمل التدبر في آيات القرآن الكريم وقصص الأمم السابقة حتى نأخذ منها منهجًا لعملنا، وقوة لقلوبنا وعزائمنا، وثقة بوعد الله لنا لنصرة دينه وليس نصرة أنفسنا، ونلتزم بما شرع الله لنا دون بغي أو ظلم، ودون اعتداء أو معصية؛ فهذه سبب الإخفاقات والفشل.
وعلينا أن نوقن بأن المُلك لله وحده يؤتيه من يشاء، يقلِّب قلوب العباد كيف يشاء، وأنه الآخذ بنواصيهم، ونوقن بأن الأرض ملك له يورثها مَن يشاء مِن عباده، فعلينا أن نحقق العبودية له، ونسعى بنشرها في الأرض -كما أمرنا-وأن ننطلق في عملنا بكل قوة متحسسين الخير راجين التوفيق، وألا نيأس من روح الله مهما وجدنا من عقبات أو حصل لنا مما نكره؛ فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا.
والطريق ما زال طويلاً، وتهيئة المجتمع للمشروع الإسلامي ما زالت تحتاج لجهد هائل وعمل صالح، ودعوة صادقة، وسلوك وخلق قويم في التعامل مع الناس؛ نكسب به ثقتهم ونستميل قلوبهم للحق -بإذن الله- ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء.
جولة الإعادة صراع بين الحق والباطل
مع انطلاق جولة الإعادة السبت الماضي بدأ العد التنازلي لملامح الدولة المصرية التي ستتضح بعد الإعلان عن نتائج تلك الانتخابات، ولا شك أنه صراع من أجل البقاء، صراع بين الحق والباطل، ويصف هذا المشهد الدكتور محمد موسى الشريف الداعية الإسلامي في كلمة موجزة قائلاً: لم أر في حياتي معركة بين أهل الإسلام وغيرهم كالمعركة الدائرة في مصر اليوم لمنع الإسلاميين من الوصول إلى حكم الكنانة، فالأكاذيب العجيبة والفجور في الخصومة وتلفيق التهم وتشويه الصورة وقلب المفاهيم، كل ذلك استعمل بقوة لصد الناس عن التصويت، لكن لا بأس فالله تعالى بالغ أمره ومنجز وعده وناصر عبيده، وقدره ماض، وأمره نافذ وقضاؤه متحقق وكائن ولو كره المفسدون، فلنستبشر ولنسلم له فللكون إله يسمع ويرى سبحانه وتعالى وإن غدًا لناظره قريب، والله أكبر والعزة للمسلمين الصالحين.
وأخيرًا: على الجميع الاحتشاد وحماية الصناديق
وفي نداء للكاتب الصحفي جمال سلطان وجهه للشعب المصري قائلاً: على الجميع الاحتشاد، وحماية الصناديق، واليقظة الكاملة فى كل مراحل التصويت والفرز، ورصد أى ممارسات للتزوير، وعلى كل القوى الوطنية النبيلة أن تتعاون مع مرشح الثورة وحملته، كل حسب طاقته وحسب خبراته وحسب ما يحسن، إنها معركة كل فرد فينا، قبل أن تكون معركة محمد مرسى أو حزبه أو جماعته، فهل سينصر الشعب الـمصرى ثورته؟
أثق كل الثقة فى أن الله ناصر هذه الثورة، وأن الشعب المصرى سيحسم معركة الانتخابات هذا الأسبوع لصالح مرشح التغيير والإصلاح والثورة محمد مرسى، بل أثق أنه لن يكون نصرًا عاديًا، بل نصرًا مؤزرًا.
لاتوجد تعليقات