رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: القاهرة - الفرقان: أحمد عبد الرحمن 12 مارس، 2012 0 تعليق

تطهير البلاد من فلول صالح وهيكلة الجيش والمؤسسات الأمنية ملفات صعبة تواجه جنرال الجنوب – محور منصور- باسندوه هل يعيد الاستقرار لليمن؟

 

مهام جسام وتحديات عديدة تواجه الرئيس اليمني المنتخب عبد ربه منصور هادي بعد فترة قليلة من انتخابه رئيسًا توافقيًا لليمن في مرحلة ما بعد علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد أكثر من 32 عامًا وخرج من السلطة وفق تسوية خليجية برعاية المملكة العربية السعودية سعيًا لضمان نوع من الاستقرار في البلاد التي مرت بموجات شد وجذب منذ توحيدها في مايو عام 1990م.

       ولعل أولى هذه المهام هي المحافظة على وحدة البلاد في ظل وجود مساع مكثفة من قوى ما يطلق عليه الحراك الجنوبي لتكريس انفصال اليمن الجنوبي انطلاقًا من الغبن الشديد الذي وقع على الجنوب اليمني منذ توقيع اتفاق الوحدة وحيث انتكست أوضاع الجنوب السياسية والأمنية والاقتصادية بعد الوحدة، بل إن القوى المسيطرة على المشهد الجنوبي قد تحاول استغلال المأزق الذي يعانيه اليمن عموماً وهادي خصوصاً لتكريس هذا الانفصال.

       ولكن هادي رغم ذلك لديه فرصة لتطويق هذه الدعوات فخلفيته الجنوبية ووجود رئيس وزراء جنوبي محمد سالم باسندوه في السلطة تعد فرصة لإجراء مصالحة واسعة النطاق مع الفرقاء الجنوبيين لإقناعهم بالعدول عن خيار الانفصال ومحاولة بناء شراكة حقيقية بين الشمال والجنوب.

       بل إن هادي قد أفصح عن سعيه للدعوة لحوار وطني لمواجهة جميع الملفات الشائكة التي تواجه حكمه وفي مقدمتها النزعة الانفصالية في الجنوب الذي شهد معدلات تصويت متدنية في الانتخابات مما يعكس رغبة حقيقية في فض الارتباط مع الشمال وإعادة دولة اليمن الديمقراطية.

ملفات شائكة

       ولا تعد قضية انفصال الجنوب الملف الشائك الوحيد فهناك ضغوط شعبية كثيرة لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية اليمنية بما يضمن تطهير هذه المؤسسة من أبناء علي عبدالله صالح وأقاربه الذين أحكموا سيطرتهم على هذه المؤسسة، بل استخدموها طوال العقود الثلاثة الماضية لإرهاب خصوم صالح وضمان هيمنته على المشهد اليمني أيًا كانت المعارضة له شعبية كانت أو نخبوية.

       وتعد عملية الهيكلة من أهم ما سيجابه هادي فهو مطلوب بالحسم لمجابهة فلول نظام صالح داخل المؤسسة العسكرية كونهم أنهوا الطابع الوطني للجيش اليمني وحولوه إلى جيش عائلي أو قبلي، فضلاً عن الإقطاعيات الأمنية والعسكرية التي حولتهم لدولة داخل الدولة.

       يضاف إلى ذلك أن تقليص نفوذ صالح على المشهد اليمني يعد من المهام الصعاب المطلوب حسمها باعتبار ذلك من أهم مطالب الثوار بل إن صالح قد زاد الضغوط على هادي عبر وصوله المفاجئ إلى قصر الرئاسة اليمني للمشاركة في تنصيب هادي رئيسًا، بل إن صدور بيان عن الجيش اليمني يؤكد أن ولاءه للشرعية والرئيس قد زاد من التكهنات بسيطرة الفريق الموالي لصالح على المشهد السياسي والعسكري في هذه المرحلة على الأقل.

استقالة ضرورية

       وقد دفعت هذه الأجواء الغامضة قوى وطنية يمنية لمطالبة الرئيس هادي بفض ارتباطه بالنظام السابق وتقديم استقالته من المؤسسة العسكرية ومن مؤتمر الشعب العام الذي ما زال صالح يترأسه إذا كان جادًا في إيصال رسالة للشعب اليمني مفادها أن هناك خطوات جادة تتخذ لتحقيق أهداف الثورة اليمنية.

       ولا شك أن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وتقليص نفوذ أسرة صالح داخلها، هما ما سيحكم أن على هادي إذا كان رئيسا بمعنى الكلمة أم جاء لأداء دور مرسوم له في فترة انتقالية قد تعيد أحد أبناء صالح أو مقربين منه للسلطة مجددًا وتفريغ الثورة اليمنية من مضمونها والتأكيد بأن قواعد اللعبة مازالت تدار وفق النهج القديم.

 

نفوذ متنام

       انفصال الجنوب وهيكلة الجيش رغم صعوبتها إلا أنهما لا يعدان حجر الزاوية في ظل وجود مشكلات شديدة التعقيد ينبغي حسمها، ومنها التصدي للنفوذ المتنامي لتنظيم القاعدة في وسط وجنوب اليمن حيث استغل التنظيم الأوضاع المضطربة واشتعال الثورة ضد الرئيس صالح لتعزيز نفوذه داخل البلاد وتأمين دعم مالي من قبل أطراف إقليمية راغبة في إضعاف اليمن.

       ويزيد من صعوبة الموقف أن الحرب على القاعدة لا تعد همًا يمنيًا في ظل الدور الكبير الذي تضطلع به القوات الأمريكية في مواجهة التنظيم عبر تكنولوجيا الطائرات بدون طيار والقصف المركز لأهداف محددة لاستهداف قادة التنظيم، بل إن هذا الدور قد سمح لواشنطن بالدخول على خط الأزمة والمطالبة بمشاركتها في إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وهو الأمر الذي رفضه هادي وحكومة باسندوه بشكل عاجل.

       ويعد ملف التمرد الحوثي من المشكلات المعقدة التي ينبغي على حكومة هادي التعامل معها بهدوء وروية وتعقل فالحسم العسكري لن يكون مجديًا، بل ينبغي فتح حوار مع هذه المجموعة وإعادة الاعتبار لخيار الحوار والتفاوض مع القوى الوطنية والاعتداد بسيادة القانون وقيادة مشروع تنموي شامل يعيد الهدوء إلى صعدة ويقطع الطريق على التدخل الإيراني في هذه المنطقة الملتهبة من اليمن.

       وتمتد الملفات التي ينبغي على هادي إيجاد تسوية لها إلى الملف الاقتصادي حيث تسببت الأوضاع الاقتصادية المضطربة في إشعال الثورة على حكم صالح في ظل ارتفاع معدلات البطالة والتضخم والفقر الذي بلغت معدلاته ما يقرب من 45% من الشعب فيما تجاوزت نسبة البطالة حوالي 40%؛ لذا فالوضع الاقتصادي لليمن في أسوأ حالاته في ظل تردد أغلب الداعمين في تقديم مساعداتهم وتأجيل هذا الدعم تحسبًا لما ستؤول إليه التطورات السياسية في البلاد.

       لذا فهذه الملفات شديدة التعقيد تشكل صعوبات بالغة أمام بدء عبد ربه منصور لمهامه في مرحلة اليمن ما بعد صالح، فهناك التحديات كما يؤكد السفير سعد عزام مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية حيث يرى أن الأوضاع في اليمن تبدو غامضة جدًا في ظل المشهد الملتبس فيبدو أن حقبة الرئيس صالح لم تنته حتى الآن ونفوذه وسطوة المقربين ما زالا واضحين ولاسيما أن الرئيس الجديد يفتقد حتى الآن لمظلة تحميه من عبث أعوان صالح المسيطرين على المؤسسات الأمنية والسياسية.

       بل إن هذه السيطرة -والكلام ما زال للسفير عزام- قد يشعل العلاقة بين ثوار الميادين والحكم الجديد، بل يهدد باستنزاف النظام الجديد واحتمال دخول البلاد إلى أعتاب حرب أهلية شديدة الخطورة.

       وأشار إلى أن التحديات الشديدة سواء الأمنية أم السياسية أم الاقتصادية ستجعل حكومة هادي تعمل داخل برميل بارود يوشك أن ينفجر في وجهها في أي لحظة بشكل يطلب التفاف الشعب اليمني حول هذه الحكومة وأن يضع الفرقاء السياسيون من حراك الجنوبيين أو المتمردين الحوثيين مصلحة اليمن في المقام الأول لتجاوز المأزق.

دعم إقليمي

       التفاف اليمن رغم أهميته إلا أنه يبقى عاملاً من عوامل عدة ينبغي الالتفاف حولها للخروج من المأزق كما يؤكد د. جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس إذ ينبغي على اليمنيين أن يتحلوا بالصبر ويعطوا هذا النظام الذي يهيمن عليه ولو ظاهريًا شخصيتان جنوبيتان مما يقلل من حالة الغبن التي يشعر بها اليمنيون تجاه هذه الوحدة.

       وأضاف أن الدعم الإقليمي لليمن يبدو مهما غير أن هذا الدعم لا ينبغي أن يتحول إلى أداة ضغط ولاسيما من جهة الولايات المتحدة الأميركية التي ينبغي عليها تأمين دعم لحكومة هادي وعدم التدخل في شؤونها بل إيصال رسالة واضحة للجنوبيين برفضها لخيار الانفصال وهو أمر تستطيع دول الجوار ومنها المملكة العربية السعودية أن تدلي بدلو مهم فيه.

       ومع هذا يرى د. سلامة أن معالجة ملف نفوذ القاعدة المتنامي وتسوية أزمة التمرد الحوثي وحل أزمة وجود حوالي 70 مليون قطعة سلاح، كل ذلك يتطلب نوعًا من التوافق الوطني حول سبل معالجة هذه الملفات وضمان دعم لجميع الفرقاء لجهود بناء دولة جديدة في اليمن مفرداتها القانون وسيادة الدولة والشراكة الوطنية، وهي مفردات قادرة على انتشال اليمن من هذا المأزق إذا أحسن التعامل معها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك