رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إعداد: لجنة الإعلام 12 مارس، 2012 0 تعليق

إحياء التراث تنظم ندوة تحت عنوان:-«منهج السلف في التعامــل مع المخالف»

 

أعداء الأمة يتصيدون بعض الخلافات، ويقومون بتكبيرها حتى تلتبس على ضعاف النفوس

د. عبدالله شاكر: كانت الأمة في بدايتها في عافية من انحراف المنحرفين، ولكن لما ابتليت بالفرق المختلفة المخالفة قام أهل السنة والجماعة بالدفاع عن عقيدة المسلمين

الشيخ جمال المراكبي: قيض الله تعالى لهذه الأمة فئة من العدول يحملون هم الدعوة، ويحملون هم رد الشبهات والبدع التي يروج لها أهل الضلال

الشيخ محمد حسان:  فالخلاف في أصل الملة هو الخلاف المذموم، ودعوتنا لجمع الصفوف ووحدتها على غير كتاب وسنة بفهم سلف الأمة تفرق ولا تجمع وتجرح ولا تضمد

الشيخ د. محمد يسري : موضوع العقيدة لا يسوغ فيه الاجتهاد ، ولهذا ينكر أهل السنة بالتشديد على من خرج على أصل كلي من أصول العقيدة ، بل ويخرجونه من دائرة السنة وأهلها

نظمت اللجنة الثقافية التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي محاضرة عامة بعنوان: «منهج السلف في التعامل مع المخالف» حاضر فيها كل من: الشيخ د.عبدالله شاكر، والشيخ جمال المراكبي، والشيخ د. محمد يسري، والشيخ محمد حسان.

 وفي بداية المحاضرة تحدث الشيخ د. عبدالله شاكر والذي أوضح بأن أعداء الأمة يتصيدون بعض الخلافات، ويقومون بتكبيرها حتى تلتبس على ضعاف النفوس، أو من لم تكن عنده حصانة علمية يتبين فيها الحق من الباطل ، فيقومون بطرح الشبهات على عقائد المسلمين .

        ثم تطرق بعدها الى بيان منهج السلف في الدفاع عن العقيدة والرد على المخالف ، فقال:  الحقيقة كانت الأمة في بدايتها في عافية من انحراف المنحرفين، ومن فرق المخالفين لمنهج السنة والجماعة، ولكن لما ابتليت الأمة بالفرق المختلفة المخالفة قام أهل السنة والجماعة بواجب مشكور في ذلك، وتصدوا في الدفاع عن عقيدة المسلمين، وألفوا كتباً متعددة في ذلك لبيان وجه الحق، وبيان عقيدة أهل السنة والجماعة مدعمة بالدليل من الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح، والدفاع عنها، ومن ذلك كتاب التوحيد لابن خزيمة، وغير ذلك من الكتب التي ألفها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، بالإضافة لما كتبه العلماء المعاصرين .

        كما بين هؤلاء العلماء كيفية الرد على المخالفين، ومن هؤلاء أحمد بن حنبل الذي كتب رسالة عظيمة في ذلك، كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم من العلماء الذين ألفوا الكتب في مواجهة هؤلاء المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة، وهذه أصول عظيمة دافع بها هؤلاء عن المعتقد الحق معتقد السلف القويم الذي أرسى قواعده رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم .

موضحاً بأن طلاب العلم كانوا يجلسون عند هؤلاء العلماء الربانيين ويستمعون إليهم.

       وفي عصرنا الحاضر أيد الله تعالى هذا العقيدة الصحيحة بهذه القنوات الفضائية الإسلامية الحريصة على نشر مذهب أهل الحق، والرد عن هذا الدين والدفاع عن عقيدة المسلمين.

        تحدث بعد ذلك الشيخ جمال المراكبي حول «منهج السلف في الرد على المخالف والدفاع عن السنة»، موضحاً بأنه لو قعد أهل العلم عن واجبهم في الرد على المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة، ولم يردوا شبهات الضالين والمنحرفين لعمت الطامة، لأن عموم المسلمين ربما تمر عليهم هذه الشبهات، ويتلقون الكثير من البدع على أنها سنة وينسبونها إلى الدين ، ومن هنا فقد قيض الله تبارك وتعالى لهذه الأمة فئة من العدول يحملون هذا الهم، هم الدعوة، وهم تفصيل المنهج وتوضيحه، ويحملون هم رد الشبهات والبدع التي يروج لها أهل الضلال.

        وينبغي أن نعلم أن من وسائلهم في الترويج لبدعهم وضلالهم النيل من عقائد أهل السنة، فهم يصفون أهل السنة بأنهم عامة ولا يعرفون فقه النصوص، وأنهم أصحاب هوى، حتى أن بعضهم ليسيء الأدب جداً وهو ينال من أهل السنة والجماعة ويصفهم بأوصاف لا تليق بهم.

       ويرون أن في إثبات الأسماء الحسنى والصفات لله عند أهل السنة والتي أثبتها الله في كتابه وأثبتها رسوله صلى الله عليه وسلم ، يرون أنها تشبيه لله عز وجل في الخلق، وهذا كذب وافتراء لأن أهل السنة يثبتون هذه الصفات لله عز وجل من غير تكييف ولا تشبيه.

        وعندما ظهرت فرقة الخوارج، والتي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم  وصفاً دقيقاً ينطبق عليهم، وذلك عندما جاء رجل يقال له ذو الخويصرة الى النبي صلى الله عليه وسلم ورآه يقسم قسمة، فقال هذا الرجل بصلافة عجيبة:  اعدل يا محمد، فإنك لم تعدل، وهذا منهجهم في الاعتراض على الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «ويحك من يعدل إذا لم أعدل؟!»، فأراد بعض الصحابة أن يقطعوا رأسه بالسيف، فقال له دعوه: «فإنه يوشك أن يخرج من ضئضيء هذا الرجل قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».

       تحدث بعد ذلك الشيخ د. محمد يسري حول (الضوابط في الرد على المخالف عند أهل السنة والجماعة)، فقال: إن إقامة الدين لا تتأتى إلا بتنزيهه عما يخالفه فبضدها تتميز الأشياء، ولما تعددت السبل كان حقاً على أهل العلم أن يحرروا منهج أهل السنة والجماعة ومسلك السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم حتى يظهر نقاء السنة واضحاً للعيان.

        وبين الشيخ يسري بأن المناهج المخالفة لسبيل الحق متعددة كثيرة، والرد عليها تحكمه قاعدة واحدة هي قاعدة السياسة الشرعية، التي تعتمد على إقامة المصالح وتكثيرها، وترك المفاسد وتقليلها ، ولهذا فإن المطالع لكتب أهل السنة والجماعة والمتابع لمسيرتهم عبر التاريخ يرى طرقاً متعددة في الرد على أهل البدع، فتارة نرى أن أهل السنة يأخذون أهل البدع بالمداراة والتألف، وتارة يأخذونهم بالهجر والمجافاة، وتارة يردون عليهم بغير محاباة، وقد تختلف السبل على بعض السالكين لمنهجهم في هذا الزمان، هل سيكون هجر ومجافاة، أم رد وإنكار بغير محاباة، فلا يصلح بحال أن يكون الرد بإطلاق قائماً على المداراة، أو بإطلاق قائماً على المعاقبة والزجر والمجافاة، لأن المقصود إقامة الدين.

       والناظر الى واقع السلف رضوان الله تعالى عليهم يجد أنهم في الرد على المخالفين ينظرون في حال المنكر، فهم يفرقون بين بدعة مخففة ومغلظة، وبين مفسقة ومكفرة، وبين بدعة خرجت عن طريق اجتهاد وأخرى وقعت نتيجة تبني أصل من أصول أهل البدع والأهواء، وبين بدعة شاعت وذاعت فقلد فيها بعض أهل العلم من غير روية ولا تبصر، وبين أخرى أصلت لها أصول وتفرعت عنها فروع، أو بين بدعة تمس أصل العقيدة تفضي إلى إبطالها وإخراج الإنسان عن جادة أهل السنة، وأخرى وقعت في جانب فروع العمل.

       كذلك كان السلف رحمهم الله يفرقون بين واقع الاستضعاف والقوة، ففي حال القوة، فإن أهل السنة يغلبون فيه جانب الزجر، وجانب الهجر وجانب الإنكار والرد الشديد لقمعها، حتى أنهم وصلوا إلى الإنكار بها إلى حد القتل لرؤوس أهل الأهواء والبدع.

       وكانت الوصية في أزمنة الضعف والاستضعاف الحفاظ على أهل السنة والرفق بهم، وأن لا يعرضوا إلى ما يستأصل شأفتهم، لأن في ذلك الكثير من الفساد ما الله به عليم، فهم يترفقون بأنفسهم ولا يتعرضون لمثل هذه المواجهات التي لا يقدرون عليها، والتي تفضي إلى اختفاء أهل السنة وسطوع البدع وأهلها، لذلك يجب التفريق بين حال التمكين والاستخلاف وحال الاستضعاف.

وقد تشتبه بدعة مع مسألة اجتهادية، فقد رأينا من بعض مشايخنا يفتي بمسألة أنها بدعة، وآخر يفتي بأنها لا تجوز، إذن هذه المسألة لا تنكر كما تنكر البدعة الأصلية الحقيقية التي تتفرع منها الكثير من الجزئيات، وهذا يحتاج الى تفصيل ليس هذا موضعه.

        كان آخر المتحدثين في هذه المحاضرة الشيخ محمد حسان، والذي تحدث حول أنواع الخلاف، وأسباب الخلاف، مبيناً بأن الخلاف نوعان: خلاف في أصل الملة، وخلاف في مسائل الفروع والأحكام، أما الخلاف في أصل الملة فهو مذكور في قوله تعالى: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}، قال الشاطبي رحمه الله: الخلاف المذموم باتفاق أهل السنة هو الخلاف في أصل الملة، أما الخلاف في مسائل الفروع والأحكام فقد وقع ممن هم أهل رحمة الله جل وعلا وهم الصحابة رضوان الله تعالى.

       وأضاف الشيخ محمد حسان بأن الناس ثلاث أصناف : مؤمنون وكفار ومنافقون، وأن أهل الإيمان قلة في جانب أهل الكفر، وهذه حقيقة ثابتة شرعاً وقدراً، والآيات الدالة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله}، وقال تعالى:  {وما آمن معه إلا قليل}.

       فهذا أصل لا بد أن نعلمه حتى نقف أصل الخلاف، فالخلاف في أصل الملة هو الخلاف المذموم، ولا ينبغي لأهل السنة التهاون في هذا النوع من أنواع الخلاف، فلا نتنازل عن أصولنا أبداً، ولن نضيع ثوابتنا ما دام الخلاف بيننا وبين أهل الكفر أو أهل الفرق الضالة في أصل معتقدنا وديننا، ولا طالما حذر أئمتنا قديماً وحديثاً من تمييع أصولنا باسم مصلحة الدعوة، أو باسم جمع القلوب، إن دعوتنا لجمع الصفوف ووحدتها على غير كتاب وسنة بفهم سلف الأمة تفرق ولا تجمع وتجرح ولا تضمد، فالوحدة التي تنصر ديننا هي وحدة مبنية على التوحيد الخالص، ونعلنها صريحة أننا نختلف بكل حسم وقوة ووضوح مع من يختلف معنا في أصول وأركان هذا الدين.

        أما النوع الثاني من الاختلاف، فهو الاختلاف في مسائل الفروع، فهذا لا حرج فيه على الإطلاق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الاختلاف في مسائل الأحكام أكثر مما ينضبط، ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء من مسائل الأحكام تهاجرا لا بقي مع المسلمين عصمة ولا قوة، فقد وقع مثل هذا الاختلاف مع الصحابة وهم أهل رحمة الله تعالى، بل حصل الخلاف بين الأنبياء والمرسلين.

       وأضاف الشيخ محمد حسان بأن الذي يؤجج الخلاف بين أهل السنة أنه يتكلم من لا يعلم، ومن لا يحسن أن يفرق بين الدليل وبين مراتب الدليل ومناطات الدليل والعام والخاص والناسخ والمنسوخ.

        وأن الخلاف في مسائل الفروع لا يستساغ فيه الإنكار على المخالف، وهذا الخلاف راجع إلى عدة أمور منها: طبيعة البشر، حيث لا نرى اثنين على وجه الأرض يتفقان في كل شيء لا في الشكل ولا بالصمات، وهذه من الآيات الدالة على عظمته تعالى، فطبيعة البشر مختلفة في فهم الأدلة والاستدلال بها وطريقة التعامل معها.

        والسبب الثاني عدم بلوغ الدليل، فقد نختلف مع الآخرين في العديد من المسائل، لأنه لم يبلغنا الدليل في تلك المسائل التي اختلفنا فيها، واختلف الصحابة رضي الله عنهم بسبب عدم بلوغ الدليل.

كذلك فإن الاختلاف في فهم الدليل سبب من أسباب الخلاف، ونسيان الدليل سبب أيضاً من أسباب الخلاف.

       ونصح الشيخ حسان طلبة العلم بأن يطالعوا كتب المصنفين من أهل العلم المتحققين من العلم الشرعي من علماء السلف، فهم أفضل من غيرهم، قال عبدالله بن مسعود: من كان مستناً فليستن بمن قد ما ، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، فأصحاب محمد[ كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفا، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وإقامة دينه، نعرف لهم فضلهم، ونتمسك بما استطعنا من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.

        فالله الله بالعودة الى منهج الصحابة وسلف الأمة الصالح، فلا عصمة للأمة، ولا نجاة لنا إلا بالعودة الى هذا المنهج الصافي، وقد قال الرسول[: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك