مدارس القدس ومناهج التهويد
مع بداية عام دراسي جديد تتجدد معاناة أهل القدس وأبنائهم، فقد قامت بلدية الاحتلال الصهيوني بتوزيع تعميم جديد على المدارس الخاصة، ومدارس البلدية في مدينة القدس المحتلة تلزم بمباشرة عملية توزيع الكتب – يهودية المنهج - من الصف الأول ولغاية الصف العاشر بدلاً من المنهج الفلسطيني؛ حيث إن مضمون مناهج الكتب قد حرفت وبدلت الكثير من الحقائق، فبعد طمس معالمها، وتشويه تاريخها، وعبرنة أسماء شوارعها والتضييق على أهلها، أتى دور تهويد مناهج التعليم للطلبة الفلسطينيين، في محاولة لتهويد عقول الجيل النشء لتحقيق عبارة «الكبار يموتون، والصغار سينسون»، ففرضت بلدية القدس قرارا لها أرادت تطبيقه مع بداية العام الدراسي 2011، مفاده إلزام المدارس الحكومية بالتقيد بشراء الكتب المطبوعة من قبل إدارة البلدية، وعدم السماح لهم بشراء الكتب المدرسية المنهجية من مصادر خارجية أخرى.
فتلك المناهج – على سبيل المثال - لا تشير إلى أنّ القدس هي مدينة مُحتلة، فقد شطبت البلدية جزءا من قصيدة «جذور» للشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد، الذي يقول: «القدس... أنا منها وأفديها بالمال وبالنفس ولا أرضى لها ذُلاً».
وشمل القرار إسقاط أي إشارة إلى الانتفاضة الفلسطينيّة، وذلك عن طريق حذف كل من قصيدة الانتفاضة ونشيد الانتفاضة في كتاب اللغة العربيّة من منهج الصف السادس.
وتعمل الآن بلدية القدس – الصهيونية – على تهويد المناهج الفلسطينية، وفرض تعليم التاريخ المحرف والزائف لأبناء القدس، كما فرضت المناهج اليهودية على أبناء الأراضي المحتلة عام 1948م ، وذلك ضمن سلسلة الإجراءات الصهيونية لطمس الهوية الفلسطينية، ولفرض قيم وعادات وسلوك وثوابت جديدة تخدم ذلك الاحتلال ووجوده على الأرض المباركة، ولم تسلم من ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والأحداث التاريخية لشطب الإرث الحضاري والإنساني للشعب الفلسطيني.
وقد استنكرت اللجان الشعبية والمؤسسات الإسلامية تلك الإجراءات مؤكدة أن أي إجراء من شأنه التدخل في المنهاج التعليمي الفلسطيني باطل ولا يحق للاحتلال بوصفه (محتلا) التدخل في صياغة أي توجه فلسطيني في أي من مناحي حياته وحضوره بوصفه كياناً يمتلك إرثاً ثقافياً وحضارياً كباقي شعوب العالم، مشيرةً إلى أن إجراء تحريف المنهج الفلسطيني يعد عملاً إجرامياً يتنافى مع أبسط المعايير الأخلاقية والإنسانية، تهدف من خلاله إسرائيل إلى شطب الإرث الحضاري والإنساني للشعب الفلسطيني.
ودعت كذلك إلى تأكيد رفض المؤسسات التعليمية والأهلية لقرار البلدية بتشويه المنهاج الفلسطيني من خلال رفض تسلم الكتب والتحضير لإضراب عام في المدارس تحت شعار (الحفاظ على الإرث الحضاري والإنساني للشعب الفلسطيني في المناهج التعليمية) والتأكيد على أن أي تحريف أو تشويه للحقيقه الفلسطينية يعتبر عملاً باطلاً لا يمكن التسليم به تحت أي ظرف ولتكن معركتنا الثقافيه معركة نؤكد فيها على عروبة القدس.
وكان بيان صادر عن الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين بالقدس وشبكة المنظمات الأهلية، قد أوضح أن القرار الذي أصدرته بلدية القدس يهدف إلى إلزام دائرة المعارف للمدارس المقدسية الخاصة، بشراء الكتب عن طريق إدارة بلدية القدس ودائرة معارفها، مؤكدًا أنها تقوم بحذف أجزاء من الكتب الفلسطينية، باعتبار أنها تحمل قيمًا ومعاني تحريضية، وذلك من أجل العمل على إعاقة التعليم الفلسطيني في القدس، وعدم السماح للمدارس في المدينة المقدسة باتباع البرامج التعليمية الفلسطينية المقررة في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة، وقد أشار بعض المختصين القانونيين في القدس إلى أن هذا القرار باطل قانونياً، فمدينة القدس مدينة تحت نير الاحتلال، ولا يحق للمحتل أن يغير مناهجها .
وأشار البيان إلى أن القرار الأخير يأتي استكمالاً لجملة من القرارات والقوانين التي سبق أن سنتها وشرعتها دولة الاحتلال للتضييق على الفلسطينيين، والقضاء على الوجود الفلسطيني في المدينة كقانون الولاء، وقانون اعتبار دولة الاحتلال عاصمة لكل يهود العالم، وقانون اعتبار القدس أولوية وطنية، وقانون الاستفتاء، وقانون عبرنة الشوارع المقدسية، وقانون أملاك الغائبين، وغيرها من القوانين، وشدد البيان على أن دولة الاحتلال تسعى حاليًا إلى تهويد القدس من خلال التعليم، مشيرًا إلى أن دولة الاحتلال استهدفت المناهج التعليمية في القدس منذ احتلالها في العام 1967، واستمر ذلك بعد توقيع اتفاقية أوسلو، محذرًا من تداعيات تقصير الفلسطينيين، خاصة في ظل عدم وجود رؤى وبرامج تجاه قضية التعليم في القدس، داعيًا إلى ضرورة مجابهة قرار الاحتلال، وعدم اقتصار التصدي على دائرة المعارف الصهيونية، بل العمل على إيجاد رؤى واضحة ومرجعيات محددة وواحدة في التعليم بالقدس، فضلاً عن وضع استراتيجية وطنية لدعم التعليم في القدس، والاجتهاد في حل مشكلات تلاميذ القدس، حيث يواجه أكثر من عشرة آلاف تلميذ الانسلاخ عن أطر التعليم، بسبب ممارسات الاحتلال؛ إما بالجدار، أو الهوية، وشدد البيان على ضرورة وضع خطط للتحرك الفعلي القادم لمواجهة مخاطر التعليم، وحمايته من التهويد.
لا شك أن اليهود يعملون بخبث ومكر لنزع الصفة الإسلامية عن القدس كاملة فادعوا المقدسات وغيروا المعالم وبدلوا المسميات وهودوا التاريخ، وكأن كل المقدسات الإسلامية هي مقدسات يهودية الأصل، وأن المسلمين دخلاء على تلك الأرض, وهذا القرار من ذلك السياق الذي يسعى إلى مسخ الهوية الفلسطينية، وإرساء مفاهيم الاحتلال ومضامينه، ويهدف إلى تشويه مفاهيم النشء الفلسطيني، وإحداث حالة اضطراب بين قناعاته وما يتم تدريسه له في المناهج المدرسية، وقد أثبت التاريخ أن تلك المشاريع فاشلة ، ولن تجدي نفعاً للاحتلال أياً كان.
لاتوجد تعليقات