ماذا أعددت لها؟
- الحديث في البخاري ومسلم.. عن أنس بن مالك:
سأل رجل رسول الله [: متى الساعة يا رسول الله؟ قال: «ما أعددت لها؟» قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله.. قال: «أنت مع مَنْ أحببت».
- ماذا لم يجب الرسول [ الرجل كما أجاب عن ذات السؤال في حديث جبريل.. «متى الساعة؟» .
فقال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل؟»، هكذا بدأ صاحبي حواره.. وهو من المتتبعين للأحاديث المتعلقة بذات الموضوع.
- السائل في الحديث رجل من الأعراب.. فقال الشُراح.. أجابه بما يناسب حاله؛ لأنه لو أجابه بما أجاب جبرائيل \.. لخشي عليه من الفتنة وربما الشك في أمر الساعة، فأراد الرسول [ أن يثبت عند الأعرابي قيامها.. وذلك بالاستعداد لها.
كان المجلس يحوي قرابة الخمسة عشر رجلا.. قبل أن يحين موعد العشاء.. أصبح الجميع متابعا للحوار.. سأل أحدهم.. لم أكن أعرف اسمه لقلة اختلاطي بأصحاب هذا المجلس.. أخذني صاحبي كضيف:
- أليس في هذا تقليل من شأن الفرائض من صلاة وصيام وزكاة؟
- يكون تقليلا لو عُنيت الفرائض.. ولكن روايات الحديث الأخرى تذكر «كثير نافلة صلاة ولا صوم ولا صدقة».. فالمقصود أنه كان لم يكن يكثر من النوافل.. وإنما لا شك أنه يأتي بالفرائض كاملة.. وهذا يشبه حديث ذلك الأعرابي الذي سأل عن الواجبات.. فقال: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال [: «أفلح إن صدق» متفق عليه.
والشاهد في الحديث مكانة هذه العبادة القلبية وهي حب الله ورسوله [.. وذلك بتتمة بعض الروايات.. قال: فقلنا: ونحن كذلك؟ قال [: «نعم» .
يقول أنس: ففرحنا يومئذ فرحا شديدا، وفي رواية أخرى «فلم أر المسلمين فرحوا فرحا أشد منه».
استأذن أحدهم بالسؤال:
- ولكن مكانة الرسول [ في الجنة في أعلى منزلة.. والصحابة تتفاوت منازلهم.. فمنزلة أبي بكر أعلى من الجميع.. وكذلك التابعون لا يبلغون منزلة الصحابة.. ونحن أبعد ما نكون من منزلة القرون الأولى.. فكيف نكون معهم مع تفاوت المنازل في الجنة.. كما أخبر الرسول [: «إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم.. قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء ولا يبلغها غيرهم، قال: «بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين» متفق عليه.
- إن المعية لا تقتضي تساوي المنازل، وهذا مشاهد في الدنيا، ترى تفاوت الناس في المكانة العلمية أو الشرعية أو المادية وتراهم مع بعضهم.. وفي الجنة لا شك أن المنازل تتفاوت تفاوتا كبيرا ولكن من أحب أحدا كان معه.. يراه.. يلتقيه.. يجالسه أحيانا.. والأحاديث في معية الأحباب كثيرة.. كما في الصحيحين: «المرء مع من أحب».. وفي رواية: «يحشر».. وفي الجنة كذلك.. وفي المحشر ينادي الله عز وجل.. «المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء» الترمذي وصححه الألباني.. ولذلك ورد في بعض روايات الحديث بيان ذلك: «إن الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم».. أي قصرت أعماله عن أعمالهم.. فالله سبحانه وتعالى من تمام نعمته على هؤلاء يجعلهم مع بعضهم البعض.. مع تفاوت المنازل.
وبالطبع لا أحتاج أن أبين أن «حب الله ورسوله [».. ليس مجرد ألفاظ وكلمات.. بل إخلاص واتباع.. فإن الله لا يحب المرائين ولا المبتدعين.. والرسول [ يتبرأ من أصحاب البدع؛ فمن أراد أن ينال هذه المنزلة يجب أن يعمل لأجلها.. قلبا.. وجسدا.. ويدعو الله بعد ذلك.
لاتوجد تعليقات