رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 26 مايو، 2015 0 تعليق

67 عاماً على ضياع فلسطين – لن يطول الانتظار.. إذا تمسكنا بأسباب عزنا ونصرنا

67 عاماً والمخيمات الفلسطينية تعيش حالة من البيؤس والأوضاع المأساوية

منذأيام النكبة وأبواب فلسطين مشرعة لاستقبال اليهود على حساب طرد أهلها الفلسطينيين

 

قبل سبعة وستين عاما أعلنت القوات البريطانية إنهاء انتدابها على فلسطين وانسحابها منها في مساء 14 مايو 1948م، وبعدها بسويعات أعلن المجلس الوطني اليهودي في 15 مايو 1948م (قيام دولة إسرائيل)! وبعدها بدأت الحرب بين العصابات الصهيونية من جهة وبين الفلسطينيين والجيوش العربية من جهة أُخرى التي لم تكن مستعدة لهذه الحرب، مما سبب هزيمتها، وسُميت بنكبة فلسطين.

     سبعة وستون عاماً مضت نجح خلالها جيش الاحتلال اليهودي في سيطرته على ما تبقى من أرض فلسطين، وهزيمة الدول العربية المشاركة في الحرب1967م، فخلال بضعة أيام سقطت الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس، وقطاع غزة، واحتلت الجولان السورية وسيناء المصرية،  وأعلن عن توحيد شطري القدس تحت الإدارة اليهودية، وأطلق العرب مصطلح النكسة على تلك الحرب!

مسيرة الخداع

     سبعة وستون عاماً ونحن نقرأ ما جاء فيما يسمى وثيقة الاستقلال، التي كانت بمثابة إعلان قيام دولة (إسرائيل) على أرض فلسطين في 15/5/1948م: «إننا نمد يد السلام وحسن الجوار لجميع البلدان المجاورة وشعوبها وندعوهم إلى التعاون مع الشعب اليهودي المستقل في بلاده , وإن دولة إسرائيل مستعدة لأن تساهم بنصيبها في مجهود مشترك لرقي الشرق الأوسط بأسره»! ولا نرى إلا الحروب والدمار وقتل الشيوخ والنساء والأطفال!

     سبعة وستون عاماً ومسيرة الخداع والخديعة تجري بإتقان لسلب أرض فلسطين، وتوطين شتات اليهود على ترابها المبارك، وتحالف عالمي لقطع جميع التحويلات حتى ولو كانت لمسح دمعة أرملة وكسوة يتيم وإغاثة لمسكين لا يجد كسرة خبز! ثم حصار جائر، حرم مليون ونصف من السكان من مقومات الحياة الأساسية!

     سبعة وستون عاماً والمخيمات الفلسطينية سواء في داخل فلسطين أم في خارجها  تعيش حال البؤس والجوع؛ أوضاع مأساوية تفتقر إلى الاحتياجات الإنسانية القصوى. أزقة وحوار ضيقة، وبيوت متلاصقة مثلما تتلاصق زنازين السجون، وكأنها زرائب بشرية، والمجاري تسيل في الزقاق، تلوث وأمراض، وحياة لا تصلح للكائن البشري المسمى (إنسان)!

جدار عازل

     سبعة وستون عاماً من الاحتلال، فُرض في سنواتها الأخيرة على أهل فلسطين جدار عازل يعد أكبر سجن في التاريخ المعاصر، ويضم أكبر عدد من المساجين، وأسواره أطول بثلاثة أضعاف من جدار برلين وأعلى منه  بمرتين، ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية دون سكانها إلى الكيان اليهودي ضماً نهائياً، وضم الكثير من المستعمرات القريبة أصلا من (الخط الأخضر) إلى (الكيان الصهيوني)، بدلا من تفكيكها وإنهاء وجودها، ورسم الحدود على الأرض، وفرض واقعاً سياسياً جديداً، لمنع إقامة أي كيان سيادي فلسطيني على أي جزء من أرض فلسطين!

تهويد القدس

     سبعة وستون عاماً ونحن نسمع القرارات الدولية التي ما زالت تفتقر إلى الجدية والآلية اللازمة لإرغام الكيان الصهيوني على احترام القرارات الدولية التي لم ينفذ منها الكيان اليهودي شيئاً، متجاوزاً الأعراف والمواثيق الدولية في تأسيسه وقيامه، وفي ممارساته وتشريعاته، وفي حقوقه وواجباته!

     سبعة وستون عاماً والقدس بشقها الغربي ثم الشرقي ترزح تحت الاحتلال الذي عاث فساداً.. تهويداً وإغلاقاً للمؤسسات المدنية والمراكز العربية...اعتداءات وضرائب وسحب هويات وتقطيع أوصال، وأطواق من الأحياء اليهودية، وتزوير طال كل ما هو إسلامي وعربي في بيت المقدس، بعد أن أطلقوا العنان للتجار اليهود لممارسة أبشع أشكال التجارة والسرقة غير المشروعة للمعالم الأثرية فلم تبق خربة إلا وعاث فيها اللصوص خراباً وتدميراً.

السلام المزعوم

     سبعة وستون عاماً وهم يوهمون الشعوب في عالمنا العربي والإسلامي أن تحقيق السلام هو رغبتهم المخلصة، وعلى الفلسطينيين ومن حولهم قبوله والرّضَا به لتتحقق لهم المنافع المادية التي ستعود عليهم من جراء استتباب الأمن لليهود على أرض فلسطين!، وواقع حالهم يقول: «يجب أن نتغنى بالسلام، ونفعل فعل الحرب»!. فلا نرى إلا الكذب اليهودي مستمراً على الأمم والشعوب، فقد رفضوا كل خطة طرحت لتحقيق السلام المزعوم على أرض فلسطين!

كيانت بلا حدود

     سبعة وستون عاماً والكيان اليهودي له خصوصية قد انفرد بها عن العالم وخرج بها عن المألوف في الممارسات والإجراءات! فهو الكيان الوحيد في العالم الذي اعترف به عضوا في الأمم المتحدة بشروط لم تتحق إلى الآن! ولم ينفذ أي منها! والكيان الوحيد في العالم الذي ليس له حدود جغرافية دولية محددة مع من حوله من الدول، فلا يوجد له إلى الآن حدود.

سبعة وستون عاماً وأبوابه مشرعة لاستقبال اللاجئين من الجنس اليهودي، على حساب طرد أهل فلسطين وسكانها، وتوطين الغرباء من غير أهلها لكونها دولة للأفراد اليهود في جميع أنحاء العالم.

ممارسات إجرامية

سبعة وستون عاماً وهو الكيان الوحيد الذي يبارك فيه قتل الأطفال والشيوخ والنساء العزل من المدنيين؛ ويسوّغ له كل الممارسات الإجرامية؛ وقادته في معزل ومأمن من العقاب على كل ممارساتهم ومذابحهم الجماعية.

     سبعة وستون عاماً والمقدسات الإسلامية تحول إلى زرائب للحيوانات، وأوكار للخنا والفجور، فقد تم تدنيس أكثر من 200 مسجد في المناطق التي احتلت في عام 1948م، وحولت إلى بارات وملاه ومساكن ومطاعم ومراقص وصور فيها أفلام خليعة! والعالم متفرج بلا حراك!

نظام الفصل العنصري

سبعة وستون عاماً من الاحتلال اعتقل خلالها750 ألف من الفلسطينيين، أي بمعدل واحد من كل أربعة فلسطينيين داخل فلسطين. وهذه النسبة تعني أن 42٪ من الرجال في فلسطين قد دخلوا السجون أي تقريباً واحد من كل اثنين.

سبعة وستون عاماً من تطبيق نظام الفصل العنصري؛ حيث يسمح للفلسطيني باستخدام ما لا يزيد عن 50 متر مكعب من المياه سنوياً، بينما يسمح لليهودي المحتل باستخدام 2400 متر مكعب من المياه سنوياً من مياه الضفة الغربية، أي 42 ضعف الفلسطيني.

     سبعة وستون عاماً من الاحتلال بلغت بسببه نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية جراء الإغلاق والحصار 75٪ حسب نتائج مسح في العام 2007. ودخل الفرد اليهودي في الكيان العبري يصل إلى 30 ضعف دخل الفرد الفلسطيني، ومع ذلك يجبر الفلسطينيون على شراء لبضائع بسعر السوق للكيان المحتل.

سلب الأرض

     سبعة وستون عاماً وما زالت قضية فلسطين أكثر قضية صدر بها قرارات دولية، وأكثر قضية حضوراً في وسائل الإعلام ونشرات الأخبار، وأكثر قضية جعل على هامشها جلسات حوارية ومؤتمرات ومنتديات ومظاهرات وتنديدات وتهديدات، وأكبر قضية زيفت بها الحقائق وأثيرت حولها الشكوك والشائعات والأكاذيب!

     سبعة وستون عاماً والحقائق غائبة، والأكاذيب رائجة، والمسوّغات جاهزة، وأنهار الدماء تنزف، والأرض تسلب، والأشجار تقلع، والبيوت تهدم، والحصار قاتل، والمعاناة مستمرة، وآلامنا أضحت مادة للسخرية من إخوان القردة والخنازير، ومعاناتنا تصدر فيها الفتاوى الحاخامية التي تدعو لاستمرارها، فلم يكتف اليهود بفرض الاعتقالات والاغتيالات والواقع المؤلم على أهل فلسطين، بل أجبروهم على سماع الشماتة والسخرية في معاناتهم وآلامهم.

الطريق إلى فلسطين

     سبعة وستون عاماً وأمتنا مضيعة لطريق خلاصها وتحرير أرضها المسلوبة في فلسطين أرض المسلمين، فالطريق إلى فلسطين طريق واحد لا بديل عنه، هو الإيمان والتقوى والعمل الصالح، وما ضاع المسجد الأقصى إلا لأننا فرطنا في إيماننا، وضيعنا معالمه وأوامره، ولا يرجع المسجد الأقصى إلا أن نرجع لتدارك ما فرطنا، فنعود إلى رب العالمين، باتباع كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على منهج السلف الصالح.

المستقبل لمن في فلسطين:

     يقيننا أن المستقبل للمسلمين في فلسطين بمدنها وبساتينها وبحارها وسهولها وجبالها ووديانها، ليس شعاراً نرفعه لنتكئ على الأمل والرجاء، بل هو منهج وعقيدة، نؤمن يقيناً، بأن أرض فلسطين ستعود.. ولن يطول الانتظار إن رجعنا وتمسكنا بأسباب عزنا ونصرنا؛ مهما أدلهمت الظلمات، وتكالبت الأعداء، وتداعت الأمم، وتحالف المخذلون، سيبزغ نور الفجر من جديد بإذنه تعالى.

     نعم، مرت سبعة وستون عاماً من الاحتلال، ولكن الظلم سيزول كما زال ظلم الجبابرة على مر العصور، ونقول لكم يا من احتللتم أرضنا أنكم راحلون، ونحن باقون، رغم المآسي والآلام، ورغم الجراح والشتات، ونحن على يقين بأن المستقبل لنا، لعودتنا إلى فلسطين، وعودة فلسطين إلى أمتنا التي دافعت عنها، وروتها بدمائها وفلذات أكبادها،

     فدولة الظلم والعدوان لن تعيش طويلاً، لأنها وليدة متعلقة بحبل سري، فلولا الغرب لما كان لهم جولة وصولة! ومهما احتفلوا وابتهجوا فإن المستقبل لديننا على أرضنا، أرض المسلمين، وكلما تقادم الزمان ازددنا تمسكا ومطالبة بحقوقنا المسلوبة، فلا يظن ظان أننا سنتنازل على أرضنا.

     لقد صرف اليهود مليارات الأرض وذهبها من أجل أن يجعلوا فلسطين وأهلها ذاكرة في التاريخ، وأنى لهم ذلك! بل نقول لهم أنتم التاريخ الزائل ونحن باقون.. مدافعون.. متمسكون بكتاب ربنا، وسنة نبينا، فهي أرضنا الطاهرة، فما زلنا نحمل مفاتيح بيوتنا ومساجدنا وبساتيننا.

     ونقول لليهود الذين تعالت أصواتهم واحتفالاتهم هذا العام باستفزاز لكل مسلم:. يا آل صهيون، لا يأخذكم الغرور، فعقارب الساعة إن توقفت.. لا بـد أن تدور، وطنوا ما شئتم هي ليال وأيام تفصل قدومكم عن رحيلكم، ونحن يقيناً عائدون، وانتم يقيناً خارجون، وبمشيئة الله تعالى سيعود أهل الديار إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها.

     ويا آل صهيون، لن تحميكم الجدر والحصون فإن أردتم الحياة، فاخرجوا من أرضنا وديارنا إلى شتات الأرض كما كنتم، فاسدون مفسدون، وليعد (الأشكناز) إلى ديارهم، و(السفارد) إلى مأواهم، و(الفلاشا) إلى قارتهم، وسيعود أهل فلسطين إليها، فإنها لن تكون إلا لأهلها المسلمين، وستقوم الساعة على ذلك هذا ما أخبرنا عنه الله تبارك وتعالى.

     يا آل صهيون نذكركم، لقد ظل الصليبيون محتلين لبيت المقدس واحداً وتسعين عاماً، هتكوا خلالها الحرمات، وقتلوا نحو سبعين ألفاً من المسلمين، وغيروا المعالم وعاثوا فساداً.. وفي النهاية كان مصيرهم الزوال عن أرض المسلمين، فأرض الرسل والرسالات لن تدوم بيد قتلة الرسل والأنبياء.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك