رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 9 مارس، 2017 0 تعليق

56-26 مسيرة الاستقلال والتحرير والتنمية

سطر التاريخ بأحرف من ذهب الدور الكويتي المشهود عن مآثرها وعطاءاتها لنهضة الدول العربية والإسلامية ودعمها بكل ما كانت تطلبه

ساهمت الكويت على امتداد سنوات الاستقلال بكل ما يفرض عليها واجبها وضميرها العربي والإسلامي تجاه أشقائها حتى في أحلك الظروف

تزعمت الكويت أول دعوة في تاريخ النضال العربي لمقاطعة الدول المعتدية نفطيا وذلك أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956

 

تعيش الكويت حاليًا فرحة الاحتفال بمناسبات عزيزة على قلب كل كويتي، ألا وهي استقلال الكويت وتحريرها من براثن الغزو العراقي، ويستذكر الكويتيون في هذه الأيام ما بذلوه من أجل المضيّ بمسيرتهم قُدمًا من منطلق حاضر زاهر إلى مستقبل مشرق بمعاني ومكاسب التحرّر والاستقلال والكفاح في المجالات كافة.

يوم الاستقلال

     أعلن استقلال دولة الكويت في التاسع عشر من شهر يونيو عام 1961م في عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح  -رحمه الله- الذي تولى الحكم عام 1950م وكان عيد جلوس سموه في الخامس والعشرين من شهر فبراير، فاتفق على أن يُجمع العيدان في يوم واحد، ومنذ ذلك الحين ودولة الكويت تحتفل بعيدها الوطني في الخامس والعشرين من شهر فبراير من كل عام.

إعلان الاستقلال

     وقد أيقن الشيخ عبد الله السالم الصباح أن معاهدة الحماية البريطانية لم تعد صالحة بعد أن تغيّرت ظروف إمارة الكويت التي سارت خطوات واضحة في طريق الاستقلال وامتلكت الكثير من مقوماته، ولم يعد شعب الكويت يقبل استمرار القيود التي فرضتها معاهدة الحماية رغم إدراكه أن تلك الحماية كان لها إيجابياتها في تلك الفترة، ولكن الظروف لم تعد كما كانت في السابق، ومن ثمّ يجب إلغاء المعاهدة، وبالفعل أبدى حاكم الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح رغبته في استبدال اتفاقية صداقة جديدة تواكب التطوّرات والمتغيّرات بها.

موقف الحكومة البريطانية

     قبلت الحكومة البريطانية الطلب الكويتي؛ حيث أدركت صعوبة رفض هذا الطلب، وتمّ تبادل المذكرات بين المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي في ذلك الوقت السير (ويليام لوسي) وأمير الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح في 19/6/1961م، وتمّ بموجبها ما يلي:

- إلغاء معاهدة الحماية بكونها تتعارض مع سيادة الكويت واستقلالها.

- استمرار العلاقات بين البلدين على أن تسودها روح الصداقة الوثيقة.

- لا تؤثر هذه النتائج على استعداد الحكومة البريطانية لمساعدة الكويت إذا طلبت الحكومة الكويتية مثل هذه المساعدة، وهكذا تمّ إعلان استقلال دولة الكويت في 19/6/1961م.

الاحتلال والصمود والتحرير

     ومن جانب آخر، دخلت القوات العراقية الآثمة أراضي الكويت في الثاني من أغسطس عام 1990م واحتلتها لمدة سبعة شهور، ولكنها وجدت مقاومة شديدة ورفضًا تامًا من أبناء دولة الكويت جميعهم الذين قاوموا احتلال النظام العراقي البائد بشتى الوسائل العسكرية والمدنية، وتعدّدت أشكال المقاومة في وجه الاحتلال العراقي البائد؛ حيث تشكلت فرق المقاومة العسكرية التي ألحقت أكبر الضرر بالقوات العراقية، وكذلك اشتدت المقاومة المدنية التي تمثلت في الامتناع عن العمل في الوزارات والمؤسسات الحكومية، ولم يلتحق الطلاب بالمدارس والكليات، ورفضوا كذلك تبديل أرقام سياراتهم وبطاقاتهم المدنية بأخرى عراقية.

صمود أبناء الكويت أثناء الاحتلال

     عانت الكثير من الأسر الكويتية من قسوة الاحتلال وأساليبه الهمجية، فقد تعرّض الكثير من أبنائها للتعذيب، كما استشهد الكثير من أبنائها البررة، ووقع آخرون أسرى في أيدي الغزاة؛ مما جعل الأسر الكويتية جميعها تهبّ لنصرة بعضها بعضًا مقتدين بما كان يفعله أجدادهم وآباؤهم من عادات وتقاليد حسنة، فقد شارك الكثير منهم في توزيع الغذاء، والملابس، والنقود، على المحتاجين.

التحرير وعودة الشرعية

     وقفت دول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية، ودول العالم الصديقة مع الكويت ضدّ الاحتلال وأدانته؛ حيث طلبت انسحاب القوات العراقية من الكويت، وعودة الحكم بقيادة صاحب السمو أمير البلاد، وولي عهده الأمين وحكومته الرشيدة، ولكن لم يستجب الحاكم العراقي لطلب الانسحاب؛ لذلك قرّر مجلس الأمن استخدام القوة ضد النظام العراقي لرفضه الانسحاب، وفي 17 يناير عام 1991م بدأت حرب تحرير دولة الكويت بتعاون قوات التحالف الصديقة والشقيقة، وتمّ تحرير دولة الكويت من براثن الغزو العراقي الغاشم في يوم 26 فبراير عام 1991م.

 الكويت والعالم العربي

     إيمانا منها بانتمائها للأمة العربية أدت الكويت دورا مهمًا وبارزًا منذ استقلالها وحتى الآن؛ حيث ساهمت على امتداد سنوات الاستقلال بكل ما يفرض عليها واجبها وضميرها العربي والإسلامي تجاه أشقائها حتى في أحلك الظروف، ومع انطلاق الدعوة لعقد مؤتمرات القمة العربية وانعقاد أولها في عام 1964  ظهر الدور العربي للكويت واضحًا ومتميزا؛ فقد حرصت القيادة الكويتية على المشاركة في المؤتمرات دون استثناء وترأس الأميران الراحلان عبدالله السالم، وصباح السالم، وسمو الأمير الراحل جابر الأحمد، وصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، وفود الكويت إلى هذه المؤتمرات، كما حرصت الكويت على الالتزام التام بالمقررات التي أصدرتها وتصدرها مؤتمرات القمة وكانت الكويت داخل المؤتمرات حريصة دائماً على وحدة الصف العربي وعلى وحدة الكلمة العربية وحصر الخلافات بين بعض الأطراف لمواجهة الأخطار التي انطلقت مؤتمرات القمة أساسا لمواجهتها. وعندما قررت مؤتمرات القمة العربية التزامات مالية على عدد من الدول العربية القادرة لمواجهة مخططات إسرائيل العسكرية والاقتصادية ومشروعاتها كان للكويت دور كبير في تلك المواقف المشرفة، وقد سطر التاريخ بأحرف من ذهب الدور الكويتي المشهود ومآثرها ومساعداتها وعطاءاتها لنهضة تلك الدول ودعمها بكل ما كانت تطلبه.

أول دعوة بتاريخ النضال العربي

     فقد تزعمت الكويت أول دعوة في تاريخ النضال العربي لمقاطعة الدول المعتدية نفطيا وذلك أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956؛ حيث انتشرت اللافتات التي تحرض على مقاطعة السلع البريطانية والفرنسية ووزعت لجنة الأندية شعارات كتبت باللغتين العربية والإنجليزية تم إلصاقها في الأماكن العامة تحض على مقاطعة دول العدوان.

الحروب العربية

     آمنت الكويت عبر تاريخها بدورها العربي وبنصرة أشقائها فكانت أن نشبت الحرب بين إسرائيل والعرب في 5 يونيو من عام 1967؛ حيث قررت الحكومة الكويتية إرسال قوات عسكرية إلى مصر بناء على اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وقد صدر مرسوم أميري بإرسال لواء برئاسة العميد الشيخ صالح محمد الصباح الذي كان يشغل في وقتها نائب رئيس الأركان، وتمت الاستعانة بطائرات الخطوط الجوية الكويتية في ذلك الوقت لنقل القوة وقامت طائرات النقل العسكرية بنقل المعدات العسكرية، وتم نقل بعض المعدات عن طريق البر، وسجل التاريخ وصول أول قوة عسكرية إلى مصر، وقد سبق القوة الكويتية قوة المغاوير الكويتية بقيادة الرائد ناصر عبدالعزيز إسماعيل ومساعدة النقيب علي النصار.

     وفي يوم 6 يونيو قرر مجلس الوزراء وقف تصدير النفط إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا لمساندتهما دولة العصابات الصهيونية الباغية، كما تقرر تطبيق ذلك على كل دولة قد تشترك معهما في هذه المساندة وأشرف وزير المالية والنفط وقتها على وضع القرار موضع التنفيذ.

حرب أكتوبر

     ثم كانت حرب أكتوبر أو ما يعرف بحرب العاشر من رمضان التي شارك بها الجيش الكويتي في عام 1973 بلوايئن: (اليرموك الموجود في مصر، والجهراء الذي تم إرساله للجبهة السورية)، وشاركت القوة الكويتية بفاعلية على الجبهتين ولم تفقد القوة الكويتية في الجبهة السورية أيا من جنودها، وبعد توقف حرب أكتوبر المجيدة في سبتمبر عام 1974 تم الاحتفال بعودتها في الكويت.

القضية الفلسطينية

     شكلت القضية الفلسطينية قلب الاهتمام الكويتي- العربي وكان للقضية الفلسطينية دور مؤثر في تطور العلاقات الكويتية - الفلسطينية وفي تطور الوعي القومي بين أبناء الشعب الكويتي، ومنذ منتصف العقد الثاني من الثلاثينيات أيد الشعب الكويتي الانتفاضات المسلحة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية ضد سلطات الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية، وقد عبر الكويتيون عن هذا التأييد كما ذكر د. فلاح المديرس في دراسة عن تاريخ العلاقات بتشكيل لجان تضامنية مع الحركة الوطنية الفلسطينية، كذلك عبروا عن احتجاجهم بكل الوسائل على السياسة البريطانية عن طريق إقامة المهرجانات الخطابية وإرسال برقيات للحكومة البريطانية، وبعد نكبة فلسطين 1948 استقبلت الكويت عشرات الألوف من الفلسطينيين النازحين من أراضيهم الذين ساهموا في بناء الكويت الحديثة مع الكويتيين.

     وبعد استقلال الكويت عن بريطانيا عام 1961 تعززت العلاقة بين الشعبين واحتضنت الحكومة الكويتية منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل المقاومة وقدمت لهما المساعدات المادية والمعنوية، كما تضامنت الحكومة الكويتية ومؤسسات المجتمع المدني مع الشعب الفلسطيني في رفضه للحلول الاستسلامية ووقفت معه في جميع معاركه التي خاضها، كما تعد الكويت من أكثر الدول المانحة للمساعدات للشعب الفلسطيني على مدى الــ65 عاما الماضية على مستوى القيادة السياسية والحكومية والشعب الكويتي على السواء.

الدعم الاقتصادي

     وغني عن القول والتذكير بدور الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية الذي أنشئ في الوقت الذي كانت فيه الكويت تشهد نهضة في كل المجالات، وأرادت بهذه السياسة أن تمتد هذه النهضة التنموية إلى البلاد العربية، وقد لاقت هذه السياسة الحكومية الدعم من مجلس الأمة، فكان المسؤولون الكويتيون في السلطتين التنفيذية والتشريعية قد اتفقوا في تلك الفترة على بذل الدعم للبلاد العربية وذلك لمساعدتها في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وكما أشرنا فقد أنشئ الصندوق قبل قيام مجلس الأمة؛ وقد رحب الأعضاء بنشاطه وأظهروا اعتزازهم بهدف إنشائه، وكانوا يحثون الحكومة على أن تولي هذا الهدف المزيد من الاهتمام.

 

 كلمة عبد الله السالم في الاحتفال بيوم الاستقلال الأول

      نستقبل الذكرى الأولى ليوم الكويت الوطني بقلوب ملؤها البهجة والسرور لما حبا الله هذا الشعب من عزة وكرامة، ونفوس كلها عزيمة في السير قدمًا في بناء هذا الوطن والعمل بروح وثابة بما يحقق لأبنائه من رفعة ورفاهية وعدالة اجتماعية لجميع المواطنين وبهذه العزيمة وهذا المضي تتابع دولة الكويت سيرها دولة عربية مستقلة متضامنة مع شقيقاتها العربيات في جمعة الدول العربية محافظة على استقلالها ويسعدني أن أعرب باسمي واسم حكومتي وشعبي عن عظيم تقديرنا وامتنانا عن الموقف المشرف الذي وقفته شقيقاتنا الدول العربية ودول العالم الصديقة التي وقفت مع الكويت في قضيته العادلة.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك