رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 18 أغسطس، 2020 0 تعليق

5 مقومات لبقاء المجتمعات

 

     حديث عظيم حدد فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - مقومات المجتمع، وأساس استمراريته وقوته، ألا وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: « خمسٌ بخمسٍ، ما نَقَضَ قومٌ العهدَ إلَّا سُلِّطَ عليهمْ عدوُّهمْ، ومَا حكموا بغيرِ ما أنزلَ اللهُ إلا فشَا فيهمُ الفقرُ، ولا ظهرتْ فيهمُ الفاحشةُ إلا فشَا فيهمُ الموتُ، ولا طفَّفَوا المكيالَ إلا مُنِعُوا النباتَ، وأُخذوا بالسنينَ، ولا منَعُوا الزكاةَ إلا حُبِسَ عنهمُ القَطْرُ». فمن هذا الحديث النبوي الشريف نستخلص تلك المقومات وهي:

أولا: الأمانة وحفظ العهود والمواثيق

     وهي حفظ العهود مع الله -جل وعلا-، ومع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومع الناس، كما جاء في حديث آخر: «ولا نَقَضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ عليهِم عدُوًّا من غيرهِم، فأَخَذُوا بعضَ ما في أيدِيهِم»، والعهد الذي مع الله هو الدين، الذي أساسه التوحيد وعدم الشرك بالله، واتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو أيضا عهد رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (المائدة-1)، وقيل العقود يعني العهود، أي: «أوفوا، يا أيها الذين آمنوا، بعقود الله التي أوجبَهَا عليكم، وعقدها فيما أحلَّ لكم وحرم عليكم, وألزمكم فرضه, وبيَّن لكم حدوده» (ابن عباس). وعقوبة ترك هذا أن يسلط الله عدوا خارجيا (من غيرهم) على الأمة يستنفد جهدها وطاقتها.

ثانيا: الحكم بما أنزل الله في شؤون حياتنا

     فإن عقوبة الحكم بغير ما أنزل الله هي الفقر، أو أن تكون الفتنة والشدة بين أبناء الأمة الواحدة، كما جاء في حديث آخر: «وما لم تَحكُم أئِمَّتُهم بِكتابِ اللهِ، ويَتَخَيَّرُوا فِيما أنْزلَ اللهُ؛ إلا جَعلَ اللهُ بأسَهُم بينَهُمْ». قال -تعالى-: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة:44)، وقال أيضا: {فَأُولَئِكَ هُمُ الظالمون} (المائدة:45) {فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسقون} (المائدة: 47). قال ابن عباس تفسيرا للآية: «من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق».

ثالثا: نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة

     المجتمعات الحية تقوم على الفضائل، لا على الرذائل، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ولا ظهرتْ فيهمُ الفاحشةُ إلا فشَا فيهمُ الموتُ» عقوبة لهم.. وفي حديث آخر: « لم تَظْهرِ الفاحِشةُ في قومٍ قطُّ حتى يُعلِنُوا بِها؛ إلا فَشَا فِيهمُ الطاعونُ والأَوجاعُ التِي لم تكنْ مَضتْ في أسلافِهمُ الَّذين مَضَوَا»؛ لذا ينبغي محاربة الفاحشة وما يؤدي إليها؛ حتى لا تفشوَ في المجتمع؛ فتكون سببا في انتشار الأوبئة والأمراض.

رابعا: العدل الاقتصادي والاجتماعي

     إن الغش التجاري نموذج لبخس الناس حقوقهم، والتعدي على ممتلكاتهم؛ فالاحتكار ورفع الأسعار دون مسوغ، والغش في الأوزان والمواد، كلها أسباب لمنع الخير والنماء، كما جاء في الحديث الشريف: «ولا طفَّفَوا المكيالَ إلا مُنِعُوا النباتَ، وأُخذوا بالسنينَ»، «ولم ينقُصُوا المِكيالَ والمِيزانَ إلا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنةِ وجَورِ السُّلطانِ»، وقد أنزلت سورة كاملة تحذر هذا الغش، وهي سورة (المطففين)، التي افتتحها ربنا -جل وعلا- بالتهديد والوعيد والدعاء على هؤلاء المفسدين بقوله -سبحانه-: {ويل}، وقيل هو وادٍ في جهنَّم.

خامسا: أداء الزكاة والتكافل بين طبقات المجتمع

     ولا شك أن الزكاة هي حق الفقراء، وقد سماها النبي - صلى الله عليه وسلم - صدقة؛ وذلك عندما بعث النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- مُعَاذًا - رضي الله عنه - إلى اليَمَنِ، فَقالَ - صلى الله عليه وسلم -: «.. فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ»، وذلك حتى يعيش الجميع في مجتمع متماسك متحابٍّ، فإن لم يفعلوا ذلك -«ولم يَمنعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السَّماءِ، ولولا البهائِمُ لم يُمطَرُوا»- فإن الله سيمسك السماء أن تمطر؛ فتهلك الزروع، وتشح الثمار، وتفسد الحبوب؛ فتضعف المجتمعات وتموت.

17/8/2020م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك