10 أسباب لتحقيق الأمن النفسي والمجتمعي
- طاعة شياطين الإنس والجن تقود إلى العصيان والكفر والوقوع في سخط الله عز وجل
- من نجا بدينه فقد نجا فكل فائت سواه يمكن تعويضه ولكن من افتقده فقد خسر نفسه
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه درء الشر والفساد عن الدين من قِبَل الصادين عن سبيل الله تعالى
حصول الأمن والسلامة للفرد والمجتمع إنما يتحقق بتطبيق الأحكام الشرعية التي شرعها الحكيم العليم البر الرحيم، وهذا الأمر من الوضوح؛ بحيث لا يحتاج إلى عناء واستقصاء، بل مجرد استعراض بعض هذه الأحكام والتشريعات كافٍ لظهور الحكمة العظيمة، والمصالح العميمة التي ينعم بها العبد المسلم، ويستروح في ظلها ويشعر بالأمن والسلام وهو يسير في ضوئها.
ونسوق فيما يلي بعض الأحكام الشرعية التي أنزلها الله -عز وجل- في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - التي من شأنها أن يأمن الفرد في ظلالها على دينه وعلى نفسه وعقله وماله وعرضه.الأمن على الدين
ما ورد من الأحكام الشرعية بقصد الأمن على الدين ودرء الفساد الواقع أو المتوقع عليه: 1- مجانبة الخائضين في آيات الله النهي عن الجلوس مع الخائضين في دين الله -تعالى- المثيرين للشبهات والشهوات، قال الله -تعالى-: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (الأنعام: 68). ومن ذلك تحذيره من جليس السوء الذي يجر جليسه إلى الضلال والانحراف في الاعتقاد والسلوك، قال - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة»، وجليس السوء قد يكون من أهل الشبهات أو أهل الشهوات. 2- الحذر من طاعة الشياطين التحذير من طاعة شياطين الإنس والجن؛ لكونهم يقودون مَن أطاعهم إلى المعاصي والكفر، والوقوع في سخط الله -عز وجل-، قال الله -تعالى-: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (الأنعام: 121)، وقال -تعالى-: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً} (الفرقان: 27-29). ومن ذلك نهي السلف -رحمهم الله تعالى- عن قراءة كتب أهل البدع وأهل الشهوات؛ لما تجر من خلل في عقيدة المسلم وسلوكه وأخلاقه.3- النهي عن الجدال والمراء في الدين
النهي عن الجدال في الدين، والمراء فيه؛ لأن ذلك يقود إلى التعصب والهوى، والتكبر على الحق، ومن ثم الانحراف عن الدين الصحيح، قال الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (غافر: 56). ومن ذلك ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه، وهم يختصمون في القدر، فكأنما يُفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب فقال: «بهذا أمرتم؟ أو لهذا خلقتم؟ تضربون القرآن بعضه ببعض؟ بهذا هلكت الأمم قبلكم» قال عبد الله بن عمرو: ما غبطت نفسي بمجلس تخلفت فيه عن رسول الله ما غبطت نفسي بذلك المجلس وتخلفي عنه»، وعندما رأى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نسخة من التوراة مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- غضب وقال: «أمتهوّكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها بيضاء نقية... الحديث»، ومن ذلك نهي السلف عن مجالسة أهل البدع وقراءة كتبهم. 4- الهجرة إلى الله الأمر بالهجرة من الشرك إلى التوحيد، ومن البدعة إلى السنة؛ حتى يأمن العبد على دينه ولا يفتن، قال الله -تعالى-: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (النساء:100)، وقال -تعالى- معنفا على من تمَكَّن من الهجرة بدينه فلم يهاجر ففتن في دينه: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء: 97)، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القَطْر، يفر بدينه من الفتن». 5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك لما في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من درء الشر والفساد عن الدين من قِبَل الصادين عن سبيل الله -تعالى-، ولولا ذلك لفسد على الناس دينهم، قال الله -تعالى-: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: 40). 6- الوعيد للمضلين والصادّين الوعيد الشديد لمن يضل الناس ويصد عن سبيل الله -تعالى-، قال الله -عز وجل-: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} (النحل:25). وقال - صلى الله عليه وسلم - «من سَنَّ في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء». 7- تحريم الوسائل المفضية إلى الشرك كتحريم التماثيل، والتبرك بالقبور وتشييدها، وبناء القبب عليها، أو التبرك بالصالحين وآثارهم، والغلوّ فيهم، وغير ذلك من الوسائل الشركية، ومن هذا الباب: النهي عن سب آلهة المشركين حتى لا يسبوا الله -عز وجل-، أو يسبوا دین الإسلام. قال -تعالى-: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام: 108). 8- تحريم القول على الله بلا علم لما في ذلك من نشر للشرك والبدع، ومن هذا الباب التحذير من الفتوى بلا علم أو الفتوى بهوى. 9- التحذير من الركون إلى الدنيا التحذير الشديد والمتكرر في الكتاب والسنة من الركون إلى الدنيا، والغفلة عن الآخرة؛ لأن ذلك يؤدي إلى قسوة القلب، ورِقة الدين، وعدم الاستعداد للرحيل، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (فاطر: 5). 10- الحث على طلب العلم الحث على طلب العلم، والتفقه في الدين، والتحذير من الجهل، والتقليد الأعمى، والهوى والكبر التي هي أصل الانحراف عن الدين والزيغ عن الحق وأهله، قال الله -عز وجل-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} (الحج: 3-4).خلاصة القول
من نجا بدينه فقد نجا، فكل فائت سواه يمكن تعويضه، ولكن من افتقده فقد خسر نفسه، وماذا يكسب العبد إذا خسر نفسه..؟ {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (الزمر: 15).
لاتوجد تعليقات