رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان 22 فبراير، 2021 0 تعليق

يوم الحب – من الأعياد التي حرمها الإسلام

من الأعياد المحرمة التي انتشرت في هذا الزمن، ما يعرف بعيد الحب، عيدٍ سموه بغير اسمه تدليسًا وتلبيسًا، سمّوه باسم شريف، ليروج على التقي النقي العفيف، سموه عيد الحب وهو في الحقيقة عيدٌ للرذيلة، ينشرون الرذائل في أثواب الفضائل، وهذه سنة إبليسية قديمة، فضحها الله في كتابه، وكشف أمرها لعباده، فقال عن مكر إبليس بأبينا آدم وأمنا حواء: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ}.

قصة يوم الحب

     وقصة هذا اليوم -كما تقول كتب التاريخ-: أن الرومان الوثنية كانت تحتفل في يوم 15 فبراير من كل عام، وكان هذا اليوم عندهم يوافق عطلة الربيع، وفي تلك الآونة -والنصرانية في بداية دعوتها- أصدر الإمبراطور (كلايديس) الثاني قرارا بمنع الزواج على الجنود، وكان هناك رجل نصراني راهب يدعى (فالنتاين) تصدى لهذا القرار، فكان يبرم عقود الزواج خُفيةَ، فلما افتضح أمرُه حُكم عليه بالإعدام، وفي السجن وقع في حب ابنة السجّان، وكان هذا سرًّا، لأنَّ شريعة النصارى تحرّم على القساوسة والرهبان الزواج وإقامة علاقات عاطفية، ولكن شفع له لديهم ثباتُه على النصرانية؛ حيث عرض عليه الإمبراطور أن يعفوَ عنه على أن يترك النصرانية ويعبُد آلهة الرومان، ويكون لديه من المقربين، ويجعله صهرًا له، إلا أنه رفض هذا العرض وآثر النصرانية، فأُعدم يوم 14 فبراير عام 270 ميلادي ليلةَ 15 فبراير عيد الرومان، ومن ذلك الحين أطلق عليه لقب القديس، وبعدما انتشرت النصرانية في أوربا أصبح العيد يوم 14 فبراير، وسمي بعيد القديس فالنتاين، إحياءً لذكراه؛ لأنه فدى النصرانية بروحه، وقام برعاية المحبين -زعموا.

التغرير بالشباب المسلم

     هذه هي قصة هذا اليوم، ومع الأسف الشديد غُرِّر بكثير من الشباب والفتيات لضعف إيمان بعضهم وجهلهم وغفلتهم، ونقص توجيهٍ وإرشادٍ من الأهل والمجتمع، غُرّر بهم فاغترّوا بهذا اليوم، وراحوا يحتفلون به وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولقد أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمر سيقع في الأمة لنحذر منه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب، لدخلتموه، قال الصحابة: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟» أي: مَنْ أعني غيرَ اليهود والنصارى؟ وفي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلاً بمثلٍ، حذو النعل بالنعل، حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية، كان في أمتي مثله». أخرجه الحاكم.

الاحتفال بعيد الحب

      لا يجوز للمسلم الاحتفال بشيء من أعياد الكفار؛ لأن العيد من جملة الشرع الذي يجب التقيد فيه بالنص، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك التي قال الله -سبحانه- عنها: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}، وقال: {لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} كالقبلة والصلاة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد، وبين مشاركتهم في سائر المناهج؛ فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة، وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية، وإلى هذا الاختصاص أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا»، وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار (لباس كان خاصاً بأهل الذمة) ونحوه من علاماتهم؛ فإن تلك علامة وضعية ليست من الدين، وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر، وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو وأهله، فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه.» انتهى من (اقتضاء الصراط المستقيم).

حرمة التشبه بالكافرين

     وقال - رحمه الله - أيضاً: «لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم، لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران، ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة، ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة.
وبالجملة: ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام، لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم». انتهى من (مجموع الفتاوى).

فتاوى العلماء في تحريم هذا اليوم

أفتى أهل العلم بتحريم الاحتفال بعيد الحب ونذكر من ذلك ما يلي:

فتوى الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله

     سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- ما نصه: انتشر في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحب، ولا سيما بين الطالبات، وهو عيد من أعياد النصارى، ويكون الزي كاملا باللون الأحمر، الملبس والحذاء، ويتبادلن الزهور الحمراء، نأمل من فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد، وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور والله يحفظكم ويرعاكم؟

فأجاب -رحمه الله-: الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه:

- الأول: أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة.

- الثاني: أنه يدعو إلى العشق والغرام.

- الثالث: أنه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح -رضي الله عنهم.

     فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في المآكل، أو المشارب، أو الملابس، أو التهادي، أو غير ذلك، وعلى المسلم أن يكون عزيزا بدينه وألا يكون إمعة يتبع كل ناعق. أسأل الله -تعالى- أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يتولانا بتوليه وتوفيقه. انتهى (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين).

فتوى اللجنة الدائمة

     سئلت اللجنة الدائمة: يحتفل بعض الناس في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير 14/2 من كل سنة ميلادية بيوم الحب (فالنتين داي) ويتهادون الورود الحمراء، ويلبسون اللون الأحمر، ويهنئ بعضهم بعضا، وتقوم بعض محلات الحلويات بصنع حلويات باللون الأحمر، ويرسم عليها قلوب، وتعمل بعض المحلات إعلانات على بضائعها التي تخص هذا اليوم فما هو رأيكم؟

      فأجابت اللجنة: «دلت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة - وعلى ذلك أجمع سلف الأمة - أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما: عيد الفطر وعيد الأضحى، وما عداهما من الأعياد سواء كانت متعلقة بشخصٍ أم جماعة أم حَدَثٍ أم أي معنى من المعاني فهي أعياد مبتدعة، لا يجوز لأهل الإسلام فعلها ولا إقرارها ولا إظهار الفرح بها، ولا الإعانة عليها بشيء؛ لأن ذلك من تعدي حدود الله، {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}، وإذا انضاف إلى العيد المخترع كونه من أعياد الكفار فهذا إثم إلى إثم؛ لأن في ذلك تشبهاً بهم ونوعَ موالاة لهم، وقد نهى الله -سبحانه- المؤمنين عن التشبه بهم، وعن موالاتهم في كتابه العزيز، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم».

من الأعياد الوثنية

      وعيد الحب هو من جنس ما ذكر؛ لأنه من الأعياد الوثنية النصرانية؛ فلا يحل لمسلم -يؤمن بالله واليوم الآخر- أن يفعله أو أن يقره أو أن يهنئ به، بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله، وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته، كما يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكلٍ أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك؛ لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول، والله -جل وعلا- يقول:  {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

الاعتصام بالكتاب والسنة

      ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنة في جميع أحواله ولاسيما في أوقات الفتن وكثرة الفساد، وعليه أن يكون فطناً حذراً من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين الذين لا يرجون لله وقاراً، ولا يرفعون بالإسلام رأساً، وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله -تعالى- بطلب هدايته، والثبات عليها؛ فإنه لا هادي إلا الله، ولا مثبت إلا هو -سبحانه- وبالله التوفيق.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك