رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 22 أغسطس، 2016 0 تعليق

يتضمن رؤية للعديد من المخالفات شرعية – بيان الهيئة العالمية للعلماء المسلمين حول أجندة التحضـر الجديدة

 

أصدرت الهيئة العالمية للعلماء المسلمين المنبثقة عن رابطة العالم الإسلامي بيانًا، أوضحت فيه الرؤية الشرعية حول البيان الصادر من هيئات العلماء والمنظمات الإسلامية حول مسودة (أجندة التحضر الجديدة) المطروحة في الاجتماع التحضيري لمؤتمر (هابيتات III) ، الذي عقد من قبل هيئة الأمم المتحدة في (سورابايا) بإندونيسيا في الفترة من 25-27 يوليو لعام 2016م،  والمتضمنة للعديد من القضايا والموضوعات التي فيها مخالفات شرعية، وذكرت الهيئة أن البيان جاء إعذارًا إلى الله وأداءً للأمانة المعلقة في رقابنا، ومن ثم تبين الهيئة العالمية للعلماء المسلمين ما يأتي:-

الإنسان من صنع الخالق

     (1) إن الإنسان من صنع الخالق -جل وعلا- وهو أعلم بكينونته الإنسانية وطبيعته البشرية، وقد شرع له من الأحكام والتشريعات ما فيه سعادته الدنيوية والأخروية، يقول الله تعالى: { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}(الملك:14). وأي حيدة عن تعاليمه وتشريعاته هي خروج عن الفطرة الإنسانية والجبلة البشرية، وتؤدي إلى اضطراب  وضنك في الحياة. يقول الله تعالى: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}(طه:124)،  ويقول تعالى: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}(فاطر: ١٤).

الأسرة في الإسلام

(2) إن الأسرة في الإسلام التي تتكون من الزواج بين الرجل والمرأة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، والرباط الأسري فيها أمر تنظيمي حرص الإسلام كل الحرص على تحقيقه، وقد امتن الله على البشرية بنعمة هذا الرباط الأسري، قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}(النحل: 72)، وقال تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(الروم: 21). ومكونات الرباط الأسري التي نصت عليها هذه الآيات هي السكن والمودة والرحمة، والقرابة بالبنوة، والنسب، والمصاهرة، تعطي الأسرة تماسكاً، وتحمي نسيجها من الوهن والآفات؛ وإذ منَّ الله على المسلمين بنظام أسري مبني على القيم والأخلاق فهم مسؤولون عن حمايته وترسيخ جذوره ورعاية أغصانه، وتقديم ثماره إلى من ينشد الاستقرار الاجتماعي والتقدم والنماء في العالم كله، ولا يتحقق الأمر الرشيد إلا بذلك.

الدعوة إلى الإباحية

(3) إن الدعوة إلى الإباحية، والانفلات الجنسي، وتوفير وسائل منع الحمل للمراهقين والمراهقات ، وتدريبهن على استخدامها، وإتاحة الإجهاض للتخلص من الحمل غير المرغوب به ، هذا باب واسع يدعو إلى تدمير العفة والفضيلة وإشاعة الفساد والرذيلة، ومثل هذه الأمور لا شك في خطرها وتحريمها. إن الشذوذ الجنسي حرام في دين الاسلام، سواء منه اللواط بين الذكور، أم السحاق بين الإناث؛ فاللواط محرم؛ لأنه من أغلظ الفواحش، وقد ذمه الله -تعالى- في كتابه الكريم وعاب على فعله، فقال تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُون}(الأعراف)ـ وقال تعالى:{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}(الشعراء)ـ وقد ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط» (أخرجه الحاكم في المستدرك).

     إن الله- سبحانه وتعالى- خسف بقوم لوط الأرض، وأمطر عليهم حجارة من السماء، وجعل من النتائج الطبيعية لممارسة الشذوذ الجنسي تفشي الأمراض الخبيثة، ومنها مرض الإيدز، ذلك الشبح المخيف الذي يهدد أمن البشرية الآن، وعالمنا المعاصر في بقاع كثيرة من الأرض يشهد إصاباتٍ مذهلة من هذا الوباء المخيف، وقد أثبتت الإحصائيات الدقيقة أن 90٪‏ من حالات هذا المرض سببها الشذوذ الجنسي، والزنا، وتعاطي المخدرات بواسطة الحقن، ولا يوجد إلى الآن دواء ناجع لمعالجته، ولاشك أن هذه عقوبات إلهية عاجلة منه -تعالى- للمخالفين لحدوده، المتجاوزين لأوامره وللفطرة التي خلقهم عليها؛ ففي الحديث { عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه  أنه قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمِ الَّذِينَ مَضَوْا» (رواه بن ماجة بإسناد حسن). فأيُّ انحرافٍ في علاقة الرجل بالمرأة، أو بغيرها فمصيرُه هذا المصير الحالك المُهلك الذي تئنَّ تحت وطأته نفوس الملايين من البشر الذين خالفوا أوامر الخالق -جل وعلا-.

تحريم المظالم

(4) إن الإسلام يحرم كل أنواع المظالم البشرية التي يتعرض الإنسان لها ذكراً كان أم أنثى؛ ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا»(أخرجه مسلم في صحيحه). وإذا كانت العلاقة داخل الأسرة تقوم على المودة والرحمة، والتشاور، والتعاون، والاحترام المتبادل، فالظلم داخل الأسرة هو مما يحرمه الدين، وترفضه الفطرة السوية. ونرفض تماماً التوسع في مفهوم (العنف الأسري) وتحميله أموراً تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، ولا يعد كلا مما يأتي عنفا أسرياً:

أ-  الالتزام بالأحكام الشرعية المنظمة للمعاشرة الزوجية، والحق الشرعي بين الزوجين في الإعفاف والإحصان حتى في حال عدم توافر الرغبة لدى أحدهما.

ب-   تحريم الزنا والشذوذ الجنسي.

ت-   استئذان الزوجة لزوجها في العمل والسفر وسائر الشؤون الأسرية.

ث-  قيام المرأة بدورها الأساس في الأمومة ورعاية بيت الزوجية وقيام الرجل بمسؤوليات القوامة والإنفاق.

جـ-    ما قررته الشريعة من أنصبة الميراث والوصايا.

د-    الطلاق ضمن ضوابطه الشرعية.

هـ-   تعدد الزوجات المبني على العدل.

وعليه فإن الهيئة العالمية للعلماء المسلمين تؤكد على ما جاء في بيان هيئات العلماء والمنظمات الإسلامية في بيانها وهي:-

 (1) دعوة الدول الإسلامية لاتخاذ موقف موحد حاسم إزاء هذه الوثائق الدولية المتعلقة بالسكان والمرأة والطفل، ورفض كل ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية الغراء في المسودة المُعنْوَنة بأجندة التحضر الجديدة ، وأي وثيقة لاحقة تطرح للنقاش والتوقيع .

     فالأمة الإسلامية لا تحيد عن كتاب ربها الذي: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِه تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}(فصلت: 42)، ولا تقبل المساومة في هذا المجال مهما زُينت لها السبل، وقُدمت لها المغريات، يقول تعالى: {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا(73) وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)} (الإسراء)

(2) مطالبة الحكومات والشعوب بعدم السماح بانتهاك سيادتها من قبل أي منظمة دولية .

(3) مطالبة منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها باحترام المرجعيات الدينية وإرادات الشعوب والمنظمات القيمية والأخلاقية التي تستند إليها، وأكد عليها ميثاق الأمم المتحدة، التي من شأنها التأثير الفعلي لتعزيز الأمن والسلام الدوليين.

(4) تعزيز موقف الحكومات في التمسك بالتحفظات التي وضعتها عند التوقيع على المواثيق، حفاظاً على الهوية الإسلامية، والسيادة الوطنية.

(5) مطالبة منظمة الأمم المتحدة باتخاذ خطوات جادة وعملية؛ لرفع العنف الحقيقي عن النساء والفتيات في كل المناطق التي يتعرضن فيها للقتل ، والحرق ، والاعتقال ، والتعذيب، والاغتصاب الممنهج.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك