يا أمة الإسلام.. عودوا إلى القرآن
القرآن كتاب الله الخالد، وقانونه الدائم، وتشريعه القائم، ومنبع الهداية، ومورد السعادة، وملاذ الدين الأعلى منه تستنبط العبادات، وتؤخذ الأحكام، وبه يُعرف الحلال والحرام، لا تنقضي عجائبه، ولا تنتهي غرائبه، {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}(هود:1)، نزل به الروح الأمين، وبلَّغه رسول رب العالمين، بلسان عربي مبين.
فالقرآن روح الأمة وحياتها ونورها: قال -تعالى-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} (الشورى:52).
والقرآن دستور الأمة، وحارسها، وباعثها: قال -تعالى-: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (العنكبوت:51)، والقرآن يهدي إلى أقوم العقائد والأخلاق والأحوال والأعمال: قال -تعالى-: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء:9)، والقرآن هو رفعة الأمة، وعزتها، وكرامتها: قال -تعالى-: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}(الزخرف:44)، والقرآن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الخالدة، إذا عادت الأمة للقرآن عاد إليها عزها ومجدها، وسعادتها ورفعتها، وريادتها وقيادتها.
بيان عظمة القرآن
فهذه مقالة مختصرة في بيان عظمة القرآن، وفضل تلاوته وتدبره، والقيام به بالليل، والعمل به بالليل والنهار؛ كتبتها حبًّا للقرآن، وحبًّا للخير لنفسي ولإخواني المسلمين، أبيِّن لهم عظمة القرآن وبركته وهدايته، وأنه حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، وهو المخرج عند الفتن -فتن الشبهات والشهوات-، قال -تعالى-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} (الإسراء:82).
شفاء لما في الصدور
هو شفاء لما في الصدور مِن أمراض القلوب، وشفاء للأبدان بالرقية به، وهو أفضل الذكر، وقد قال الله -تعالى-: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد:28)، وهو سبب للرفعة للأفراد والأمم، كما قال -تعالى-: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (الأنبياء:10)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» (رواه مسلم).
ثواب تلاوته
والثواب الذي ترتب على تلاوته لم يترتب على غيره مِن الأعمال، كما قال خباب بن الأرت -صاحب رسول الله[- لرجل: «تَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتَ، واعلم أنَّكَ لَنْ تَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلامِهِ».
وقال صلى الله عليه وسلم : «اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنّكمْ تُؤْجَرُونَ عَلَيْهِ، أما إنِّي لَا أقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ ألِفٌ عَشْرٌ، ولامٌ عَشْرٌ، وَمِيمٌ عَشْرٌ، فَتِلْكَ ثلاثونَ» (أخرجه الخطيب في التاريخ، وصححه الألباني).
أخاطب بهذه المقالة المختصرة المسلمين عموماً، والشباب خصوصاً الذين يضيعون الأوقات في غير الطاعات، ويجلسون الساعات ذوات العدد أمام بالشابكة، ولو سلموا مِن الشبهات والشهوات؛ فإضاعة الوقت -كما يقولون- مِن علامة المقت، ومِن خذلان الله -عز وجل- للعبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه -أي: لا يعود عليه بالخير-!
أقول: أين أنتم مِن الورد القرآني؟! وأين أنتم مِن قيام الليل؟! أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟! القرآن خير لكم لو كنتم تعلمون، كيف ترقَّى الصحابة الكرام بالقرآن؟ وكيف سادوا الدنيا، وحكموا العالم؟ بحبهم للقرآن واعتصامهم به
أسباب العزة
فيا أمة الإسلام، عودوا إلى أسباب العزة، واعتصموا بكتاب الله -عز وجل-، يرفعكم الله -عز وجل- كما قال -تعالى-: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (الزخرف:44)، طالما كانت الأمة متعززة بدينها، تعمل بكتاب ربها لا يقدر عليها أعداء الإسلام، بل تكون لهما الرفعة في الدنيا والآخرة.
يا شباب الأمة, استثمروا أوقاتكم مع القرآن، طهِّروا قلوبكم به، وأشغلوا قلوبكم وجوارحكم بالقرآن، يحفظكم الله -عز وجل- به في الدنيا، ويشفع لكم به يوم القيامة.
أهل القرآن هم أهل الله وخاصته، وخيركم مَن تعلم القرآن وعلَّمه؛ فالله الله يا أهل الإسلام في القرآن! لا تكونوا ممَن يقول عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (الفرقان:30).
أفضل الكلام
القرآن هو أفضل الكلام، وقد نزل به أكرم ملك وهو جبريل -عليه السلام- على أكرم رسول وهو نبينا صلى الله عليه وسلم إلى أكرم الأمم وهي أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، في أشرف زمان في ليلة القدر في رمضان، وفي أشرف مكان في مكة أو المدينة، بأعظم لسان {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء:195)، هذه نصيحة مشفق محب، يريد لكم الخير في الدنيا والآخرة، وسوف ترون بركة القرآن في حياتكم، وفي أرزاقكم، وفي أولادكم؛ فعودة الأمة إلى القرآن رجوع إلى أسباب العزة والكرامة والرفعة في الدنيا والآخرة.
لاتوجد تعليقات