{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (الحج: 25)
مركز الأرض وأطهر البقاع التي اختصها الله -عز وجل- بالتشريف والتكريم، ومهبط الوحي، وملتقى الرسل، وأول بيت وضع للناس، وأم القرى وقبلة المسلمين (مكة المكرمة)؛ فمن واجب المسلمين نحوها تعظيمها وتكريمها والذود عنها، والدخول فيها محرما لحج أو عمرة، متجردا من لباس الدنيا وزينتها إلى لباس الإحرام ليظهر المسلم بمظهر الافتقار والتواضع والخشوع لله -عز وجل.
لقد حرم الله -تبارك وتعالى- فيها إشهار السلاح، وإثارة الفتنة، وتنفير الصيد؛ ليشعر الجميع بالأمن والأمان؛ فكيف بمن قذفها بصواريخ لترويع الآمنين واستباحة الدماء وانتهاك حرمتها في جريمة شنعاء، وحادثة استنكرها القاصي والداني من قبل عصابة الحوثي والمخلوع في هوس وجنون وبغي وعدوان؟! فذلك إن دل فإنما يدل على مدى غيهم وبعدهم تماما عن أدنى إيجابيات الاستقامة.
فالله -سبحانه وتعالى- أمرنا جميعا بالمحافظة على أمن هذا المكان، قال تعالى: {ومن دخله كان آمناً}، وكان دعاء إبراهيم -عليه السلام- لما انتهى من بناء البيت العتيق: {رب اجعل هذا البلد آمنا}، وقال جل في علاه: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا}، وشدد على من يحدث إخلالا في منظومته الآمنة:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ}(العنكبوت: 67).
فالمسلم هو الذي يحافظ على أمن مكة المكرمة وما جاورها استجابة لأمر الله الذي حرمها: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(النمل: 91).
فقد جعلها ربي مكاناً للعبادة والسلم {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ}، وقال سبحانه: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَطُورِ سِينِينَ. وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}.
فمابالك بهذه الفئات الباغية الفاجرة التي اعتدت على حرمة بيت الله الحرام في تحد صارخ، وتعمد فاجر، وإصرار جاهل! ففي الحديث: «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد فيها شجراً»، وفي الحديث: «إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم لحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا»، وفي الحديث: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض».
فلابد لهؤلاء البغاة ومَنْ وراءهم أن يعلموا تماما أن هناك حدوداً للصبر عند المسلمين؛ فإذا نفدت فلا يلومون إلا أنفسهم؛ لأن المسلم يفتدي المسجد الحرام بنفسه ليبقى في أمان، وأي جريمة أعظم من استباحة دماء المسلمين في قبلتهم، في بيت الله الحرام الآمن؟! فهذه جريمة لا تُسوغ؛ فالسيئة في حرم الله أكبر وأعظم من السيئة في أي مكان آخر، قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (الحج: 25).
اللهم اجعل هذا البلد آمنا، وعليك اللهم بكل من يرد به سوءاً أو بأهله، وكف شره عن المسلمين، واجعل كيده في نحره، واشغله بنفسه عن المسلمين.
لاتوجد تعليقات