رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد سعد الأزهري 13 يونيو، 2016 0 تعليق

وقفــات تربويـة مع الدعاة إلى الله

على العاملين في الدعوة إلى الله -عز وجل- ولاسيما في المؤسسات والكيانات الدعوية، أن يتربواْ على معانٍ عدة مهمة، لا ينبغي التفريط فيها بحال؛ لأن عُمق التربية له أكبر الأثر في الاستمرار والانتشار وحُسن الخاتمة ومن هذه المعاني:

رد الصغير على الكبير

     لابد أن نتربى على معنى جليل ألا وهو أن السن أو ارتفاع القدر الظاهر لا يمنع بحال من رد الصغير على الكبير علانية، وأمام الشباب العاملين، ولا يمكن لعاقل أن يعد هذا انتقاصاً أو قلة أدب -كما يحلو لبعضهم أن يسميه- أو ما شابه ذلك؛ فهذا دأب العقلاء في كل زمان، ومن أهمل ذلك من الكبار؛ فإنه قد فاته خير كثير ولكن لن يدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان!

محاورة الصغير

على من هو كبير في السن وكبير في الشأن -عند الناس- ألا يترفّع عن محاورة الأصغر منه، بل ويصبر عليه إن اشتد قليلاً حتى يعلمه ويربيه، وإلا فكيف يتربى الشباب على معاني الرفق والصبر وحُسن الخُلق إلا من الأمور العملية لا النظرية؟

علم الصغير

لا مانع أبداً أن يكون الصغير أعلم من الكبير في مسألة أو أكثر، بل ولا مانع أن يكون أعلم منه في الجملة، بل ولا مانع أن يكون أعلم منه بكثير! فلا ينبغي للعقلاء أن يجعلوا موضوع السِّن عقبة أمام النقاش والأخذ والرد.

التعالي على الناس

التعالي على الناس والنظر إليهم بعين الفوقية يعلمهم النفرة من الكبار، والتسلط على الأصغر منه عندما يكبر ليفرّغ الشحنة السلبية التي التقطها من الكبير يوم أن كان صغيراً!

     فلا ينبغي أن نحدث الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ألين الناس، وأن الجارية كانت تأخذ بيديه لتطوف به في طُرقات المدينة لا ينزع يده من يدها حتى تنزع هي -عليه الصلاة والسلام-، ثم ينزع الكبير يده من الأصغر منه؛ لأنه تجرأ عليه وناقشه في مسالة خلافية!

واجب الصغير

     واجب على الصغير أن يحترم الكبير، وأن يناديه بأحب الأسماء إليه، وأن يتلطف معه في العبارة، وأن يعطيه قدره المناسب دون مغالاة، والأفضل له عندما يناقشه في مسألة علمية أن يقول له على لسان الآخرين: إنهم يقولون كذا وكذا بدلاً من قوله: أنا أقول كذا وكذا.

لا تتشبع بما لم تعط

     على الصغير ألا يتشبّع بمالم يُعط، أو أن يتسوّر محراباً ليس له، فهناك فرق بين الأهلية فى النقاش وبين السؤال؛ فالسائل محتاج والمجيب مُحسن، وليس من العقل فى شيء أن يتعامل المحتاج بلغة أعطني من مال الله لا من مال أبيك! ولا يكون كالعائل المستكبر! بل على السائل أن يتلطف عند حاجته، وعلى المجيب أن يرفُق عند إجابته، وبذلك تتوازن معاني التربية والتعليم فى إطار من المحبة ليزداد الذين آمنوا إيمانا.

احذروا العواطف

     التعامل بالعواطف في المسائل الشرعية يجعلك تنحرف عن الصراط المستقيم، فأكثر الكفر كان مقروناً بقولهم: {وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}(الزخرف: 23)؛ وكذلك أكثر البدع، أمّا أهل السنة فيفقهون مناطات الأدلة ودرجات الخلاف وطريقة الإنكار وكيفية إدارة كل أنواع الخلاف، وإلا فأنت قد تتهم غيرك بأنه وقع فى الفتنة الحادثة فى مصر بسبب أنه تعامل مع المواقف بالعاطفة ثم تقع فيما وقع فيه!

الزموا كباركم

     الزموا كباركم في العلم والعمل، واختلفوا فيما يجوز لكم أن تختلفوا فيه، وما كان فوق طاقتكم -حقيقةً- فضعه في رقبة عالم واخرج سالماً، أمّا أن تظن أنّك إن وضعتها في رقبة عالم أنك بذلك مفرّط؟ فأقول إنما التفريط في اقتحامك لحصن لا تعرف عنه شيئاً؛ لأنك لا تملك أدوات الدفاع، بل ولا تدرك عنها الكثير!

لا تحمل دلوًا ليس لك

الردود يحسنها كل أحد، وليس معنى أن هناك موضوعاً ما مُثاراً في مكان ما أنه لابد لي أن أدلو بدلوي حتى ولو كان ليس معي دلو!، فيلبّس عليّ الشيطان بأن أحمل دلواً ليس لي ثم ألوّنه بألواني وأملؤه بكلمات كثيرة ومتنوعة لكي تدل على عظمة دلوي.

إياكم وتحريش الشيطان

     أخيرًا لا تسمحوا للشيطان أن يحرّش بينكم؛ فإن لُحمة الإيمان أقوى بكثير من قطمير الشيطان، وأوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبغض فى الله، وما يُضعف هذه العروة مصائد الخنّاس من الحسد والغل والحقد الذي يبثه في الصدور لأجل أمور هي من الدنيا الحقيرة، وأنتم -والحمد لله- أحسب أن ما جُمعتم عليه الآخرة الأثيرة؛ فلا تكونوا من أبناء الدنيا وكونوا من أبناء الآخرة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك