وقفة صادقة
فى ظل دوامة الحياة والأحداث المتلاحقة وكثرة المشكلات والهموم والكروب والانشغالات، دعوية كانت أم دنيوية؛ يحتاج المرء أن يجلس فى خلوة بينه وبين الله، متفكرًا فى حاله وعلاقته مع ربه، وبالقرآن ساعة يناجى فيها ربه متضرعًا منكسرًا، يقف مع نفسه وقفه مصارحة، وقفة محاسبة، هل أنت تسير في طريقك نحو الهدف الذي خلقك الله من أجله؟ أم أنك حدت عن هذا الطريق والهدف؟ هل أنت راضٍ عن وقتك وحالك وقلبـك أم لا؟ تدبَّر في أحوال الكون والناس من حولك متذكرا إخوانك وجيرانك الذين كانوا حولك يمشون على الأرض يضحكون وقد فارقوا الدنيا ورحلوا عنها، وأصبحوا تحت التراب طي النسيان، وهكذا سيكون مصيرنا يوما ما. قال تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ. وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بعَزِيزٍ}(فاطر: 15-17)، لقد ذهب الله بأقوام وأتى بآخرين، وسيذهب بنا ويأتي بغيرنا، فاعلم أن الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة، وأنها زائلة فانية، ولا يستحق شيء فيها أن يضحى بالجنة من أجله، لا زوجة ولا ولداً ولا أصدقاء ولا رئيساً في العمل...، وأنه لن ينفعك في قبرك إلا عملك الصالح؛ فإنها تذكرة وموعظة، فهل من معتبر؟ هل تذكر يوم كنت تواظب على ورد القرآن ومصحفك في جيبك تقرأ في المواصلات؟ ويوم كنت تواظب على أذكار الصباح والمساء وفي جيبك السواك، وكنت تصوم الاثنين والخميس؟ هل تذكرت الدرس الأسبوعي الذى كنت تواظب عليه فى مسجدك الذي تربيت فيه؟ والدور الدعوي الذي كنت تقوم به؟ هل أصبح ذلك ماضيًّا ولا يمكن أن يعود؟ لا تستسلم للظروف والواقع الجديد، وجاهد نفسك، وحاول مرة تلو المرة، وأعد ترتيب أولوياتك واهتماماتك، وأعد تنظيم وقتك، واطلب النصح من أحد المربين أو الدعاة، وقل لنفسك: : {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}(الحديد: 16)
وقُل: آن يا رب، وابدأ صفحة جديدة مع الله، واعلم أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، قال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ -تَعَالَى- أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ»، نسأل الله -عز وجل- أن يجدد الإيمان في قلوبنا، وأن يرفع عنا القسوة والغفلة..
اللهم آمين
لاتوجد تعليقات