رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 21 نوفمبر، 2018 0 تعليق

وقفات مع آيات الله في المطر

 

- نعمة المطر نعمة يفرح بها الكبير والصغير، وينتفع منها الإنسان والحيوان، وتنتعش بسببها الأرض، وتدب فيها الحياة من جديد؛ ولهذا يحسن بنا أن نقف مع نعمة المطر وقفات عدة، يقول -تعالى-:  {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا}(الفرقان: 50)؛ فالله يلفت أنظارنا وعقولنا للتفكر في هذه النعمة العظيمة؛ ولهذا يتوجب علينا أن نتفكر في هذه النعمة؛ لأن المسلم له في كل حدث وقفة تأمل، ونظرة تعقل وعبرة وتبصر، وليس كالكثير من البشر الذين اقتصرت أنظارهم على الماديات، من الذين لا يعلمون من الحياة إلا ظاهرها، يقول -تعالى-: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}(الروم: 7).

- يجب التفكر بإحياء الله للأرض بعد نزول الغيث، يقول -تعالى-:  {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}، يقول -سبحانه-: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيد}(ق: 9)، ويقول: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}(الفرقان: 48)، وغير ذلك من الآيات؛ فالبركة والطهر وإحياء الأرض في هذا المطر، عَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم  قَالَ: «لَيسَتِ السَّنَةُ بِأَلا تُمطَرُوا، وَلَكِنَّ السَّنَةَ أَن تُمطَرُوا وَتُمطَرُوا وَلا تُنبِتَ الأَرضُ شَيئًا». أخرجه مسلم.

- التفكر في أن هذا المطر قد يكون نقمة، كما يكون نعمة، ويكون عذابا كما يكون رحمة؛ فالمطر من جنود الله التي لا يعلمها إلا هو، قال -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}(سبأ: 15)، قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره: «كانوا في نعمة وغبطة في بلادهم وعيشهم واتساع أرزاقهم وزروعهم وثمارهم»؛ فلما أعرضوا عما أمروا به، وكفروا ولم يشكروا ربهم على نعمه المتتالية عليهم ماذا حدث؟ {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} أغرقهم الله بالسيل، الذي هو من المطر؛ فهذا كان نقمة ولم يكن عليهم نعمة.

-  ومن آيات الله -تعالى- تغير الجو من حال إلى حال؛ حيث تصبح الدنيا مشمسة، وفي لحظات إذا بالغيوم تحجب الشمس، وننتقل من حال الجفاف إلى حال الرطوبة، وإذا بكل ما حولك من أجواء قد تغير، هذا التقلب فيه عبرة لأولي الأبصار؛ ففيه درس عملي بأن هذه الدنيا لا تدوم على حال، وأنها متقلبة بأهلها، وهي عبرة تتكرر يوميًا؛ فيأتيك بعد ضوء النهار وحركته هدوء الليل وهجعته، وفيه درس يومي بانتقال المرء من الدنيا وبهرجها وزينتها، للقبر وظلمته ووحشته، وقد بين لنا الباري -جلت قدرته- ذلك في كتابه؛ حيث قال:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(164)}(البقرة)؛ وفيه درس ألا يغتر الإنسان  بصحته، ولا بماله، ولا بجاهه، فيه درس لكل من يعيش حال رخاء ونعمة، أن يستغلها في طاعة المولى -جلت قدرته- قبل أن يبدل عليه الحال، قال -تعالى-: {أَلَمْ تَر أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ(43)}(النور).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك