رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ياسر برهامي 27 يونيو، 2016 0 تعليق

وقتــك فـــي رمضـان

قال النبي صلى الله عليه وسلم : «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ» (رواه البخاري)، وقال  صلى الله عليه وسلم : «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ» (رواه الحاكم، وصححه الألباني).

     فالمسلمُ في عموم حياته بخيل بزمانه، مدرك لأهمية الوقت وسرعة مروره، وإن كل ساعة، بل كل دقيقة تنقص مِن عمره المقدَّر المعلوم عند الله -تعالى-؛ فلا يترك ساعة تمر بغير فائدة، فوقته رأس ماله، وهو حياته التي يأخذ منها لحياته الحقيقية في الآخرة، فإذا كان هذا على سبيل العموم؛ فكيف بآخر الزمان الذي يتقارب فيه الزمان كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام-؟  فتمر الشهور كأنها أيام، بل لحظات!

هل استشعرنا -مثلاً- أن رمضان قد أوشك على الانتهاء، والأوقات الفاضلة المباركة أولى بأن نحرص عليها، ولا نفرط في شيء منها؟!

الحقيقة التي لابد أن ندركها

     والحقيقة التي لا بد أن ندركها أن نمط حياتنا اليوم قد دخل فيه مِن مستهلكات الأوقات، بل الأعمار قدرًا هائلاً؛ بسبب وسائل التواصل بيْن الناس، ومع سوء الاستخدام المقصود أو غير المقصود تفترس هذه الوسائل أوقاتنا، ونحن الذين نشارك في ذلك؛ فلا نجد فرصة لعبادة فيها الخشوع، أو لطلب علم نافع، أو لتربية ودعوة حقيقية، أو لجلسات أُسرية مفقودة؛ ضاعت مع غيابها معالم الشخصية المسلمة المتكاملة المستقرة؛ فحدثت هذه الكمية مِن الأمراض المستعصية على العلاج في العمل الإسلامي إلا مَن رحم الله.

صفحات التواصل

     ولا أشك أن سوء استخدام المسلمين لصفحات (الفيس) ومجموعاته ومنتدياته، وكذا الواتساب، وغيرها مِن وسائل التواصل؛ هو مِن أكبر الخلل في سُلم أولوياتنا، فقد تصل الرسائل في اليوم الواحد إلى مئات عدة، والكل يُعد مِن حقه على الآخر أن يقرأ ويسمع كل ما يرسله!

     إذا أضفنا إلى ذلك أن الذي يكتب أو يرسل رسالة مرئية أو صوتية أو مقطعًا في لحظة ينفق في متابعتها مئاتُ الأشخاص آلافَ الدقائق وربما الساعات في هذه المتابعة، إذا أضفنا ذلك علمنا كيف تُقتل الأوقات، وتُغتال الأعمار، وتضمحل أحوال القلوب، وتضعف معالجة الأمراض، وتدمر العلاقات الاجتماعية الحقيقية بيْن الأزواج والزوجات، وبين الآباء والأمهات، والأبناء والبنات، وبين الإخوة الصادقين الناصحين.

ويتضاعف الأمر حين تكون هذه الرسائل تحمل وراء كلماتها وبيْن سطورها معاني محتملة؛ تشغل مزيدًا مِن الوقت في فهم احتمالاتها، ومناقشة مقاصدها، وتفتح أبواب سوء الظن وإيغار الصدور، وإخراج الأضغان.

فهلا وقفنا في رمضان (شهر القرآن) انطلاقًا منه لما بعده - وقفة مع هذا الخطر الكبير، وتوقفنا عن إرسال ما لا فائدة فيه؛ ولاسيما كلمات المزاح ونحوها؛ ضنًا بوقتنا وعمرنا، وبخلاً باللحظات المباركة سريعة المرور؟!

وأقترح على الجميع إغلاق كل هذه الوسائل في العشر الأواخر مِن هذا الشهر المبارك؛ لنتعلم الخلوة مع أنفسنا، ومراقبة قلوبنا، وإصلاح أمراضنا، ونتدرب على الاقتصاد والتوسط بدل إسهال التواصلات التي ضررها أكثر مِن نفعها. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك