رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 18 نوفمبر، 2014 0 تعليق

وفي السماء رزقكم وما توعدون

 تعرضت أسواق النفط إلى هزة قوية جدا في الأسعار فهبطت إلى مستويات تنذر بالخطر؛ مما دفع بعض الدول إلى مناشدة شعوبها بربط الحزام وخفض الامتيازات ورفع أسعار الوقود وفرض ضرائب، وغيرها من الإجراءات..

     للأسف أصبح إيمان الكثير بقضية الرزق لا تعدو كلاما باللسان، ويقال وقت السعة والرخاء، فنحن في أمسِّ الحاجة أن نذكر أنفسنا، ونعظ قلوبنا ليرسخ فيها أن الرزق لا يملكه أحد سوى الله، والرزق محفوظ للعبد، ففي الحديث: «لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها» وأعجب من ذلك حديث: «لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت» حسنه الألباني.

فالله -عز وجل- هو الكريم الجواد المعطي فلا تخاف من زوال رزقك أبدا، فها هو حاتم الأصم -رحمه الله- يقول: «إن لي أربعة نسوة وتسعة أولاد، ما طمع الشيطان أن يوسوس إليّ في أرزاقهم.

وقيل لحاتم: على ما بنيت أمرك في التوكل على الله؟ قال: على خصال أربعة: علمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأنت نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتي بغتة فأنا أبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله فأنا أستحي منه.

فالزراعة تزيد وتنقص، والصناعة كذلك، وسبق أن أسعار العملات انخفضت والاقتصاد العالمي تعرض لهزات ولكن الله -سبحانه وتعالى- حفظ رزق العباد.

     فعلينا جميعا أن نأخذ بالأسباب الجالبة للرزق ومنها: العمل بإخلاص وأمانة، والتورع عن أكل الحرام أو المشبوه وشكر الله -سبحانه وتعالى- دائما على رزقه وفضله وحسن التوكل على الله -عز وجل- والابتعاد تماما عن الغش والربا والرشوة واستباحة الأموال العامة، ولندعو دوما الله -عز وجل- أن يبارك لنا فيما رزقنا ونؤدي حق المال وهو الزكاة، وليكن عندنا اليقين أن الرازق هو الله تبارك وتعالى، ولا تجعل الدنيا أكبر همك ولا مبلغ علمك، قال تعالى: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ}(طه: 131).

فإذا كان الله -سبحانه وتعالى- يرزق البهائم والطيور والحشرات التي نراها والتي لا نراها والتي في البحر أو على الأرض أو في السماء فكيف لا يكون رزق البشر على الله تبارك وتعالى؟ {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } (هود:6).

وقال تعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم..).

     فقضية الآجال والأرزاق محسومة ولا يزاد فيها ولا ينقص منها ولن يموت أحد حتى يستكمل ما له من رزق وما له من عمر وبناء على تدبير الحكيم الخبير لخلقه وقسمته لأرزاقهم، وضربه لآجالهم، فإن الخلق متفاوتون في الرزق وفي الأجل وفي العمل، كما قال صلى الله عليه وسلم : «الناس أربعة، والأعمال ستة: موجبتان، ومثل بمثل، وحسنة بعشرة أمثالها، وحسنة بسبعمائة ضعف، والناس موسع عليه في الدنيا والآخرة، وموسع عليه في الدنيا مقتور عليه في الآخرة، ومقتور عليه في الدنيا موسع عليه في الآخرة، ومقتور عليه في الدنيا والآخرة، وشقي في الدنيا وشقي في الآخرة» رواه أحمدوصححه ابن حبان من حديث خريم بن فاتك الأسدي وصححه الألباني.

     ومن استعجل الرزق بالحرام منع الحلال، روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه دخل مسجد الكوفة فأعطى غلاما دابته حتى يصلي، فلما فرغ من صلاته أخرج دينارا ليعطيه الغلام، فوجده قد أخذ خطام الدابة وانصرف، فأرسل رجلا ليشتري له خطاما بدينار، فاشترى له الرجل الخطام، ثم أتى فلما رآه علي  رضي الله عنه ، قال: سبحان الله! إنه خطام دابتي، فقال الرجل: اشتريته من غلام بدينار، فقال علي  رضي الله عنه : سبحان الله أردت أن أعطيه إياه حلالا، فأبى إلا أن يأخذه حراما.

وأخيرا على المسلم أن يكثر من الاستغفار، وطلب المغفرة يفرج الهم ويزيد في الرزق فقد روي في الحديث: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي.

والحمد لله رب العالمين

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك