رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: بدرية الفيلكاوي 15 يناير، 2019 0 تعليق

وصايا من ذهب – لا تدخلوا بيتا حتى يؤذن لكم

لقد جعل الله البيوت سكنا ومأوى، يأوي أهلها إليها؛  فترتاح فيها نفوسهم، ويأمنون فيها على حرماتهم، يتخففون فيها من أعباء الحرص والحذر، وقد شرع الله -سبحانه وتعالى- الاستئذان؛ حيث إنه يحقق للبيوت حُرمتَها، ويجنبُ أهلَها الحرجَ الواقعَ من المفاجأة والمباغتة، والتأذي بانكشاف العورات، وعورات البيوت كثيرة، قد تشمل إلى غيرَ ما يتبادر إلى الذهن من عورة البدن وحدها، بل إنها تمتد إلى كل ما يمكن أن يكون عورة؛ فللأثاث عورة، وللطعام عورة، وللباس عورة، وكل إنسان يحب أن يطلع عليه الآخرون وهو في حالة تجمل متهيئاً لنظرهم، ولا يحب أن يفاجئه الآخرون  دون تجمل وتهيؤ  وإعداد .

 

      وقد شرع الاستئذان في الكتاب والسنة، فمنه قول الله -سبحانه وتعالى-: {ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها}(النور: ٢٧-٢٨)، تأملوا قوله -سبحانه وتعالى-: {حتى تستأنسوا} إنه استئذان في استئناس، يعبر عن اللطف الذي يجب أن يكون عليه الطارق، والزائر، ومراعاة لأحوال الناس، وظروفهم في بيوتهم وعوراتهم .

وقد بسطت السنة المطهرة العديد من آداب الاستئذان؛ فقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن، أو الأيسر، ويقول: «السلام عليكم، السلام عليكم». أخرجة البخاري بالأدب المفرد ١٠٧٨ .

كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النظر في بيوت الآخرين؛ ففي الصحيحين من حديث سهل ابن سعد الساعدي رضي الله عنه اطلع رجل من حجرة من حجز النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدرى (أي: مشط) يحك به رأسه؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو أعلم أنك تنظر لطعنت بها عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر». أخرجه البخاري ٦٢٤١ و مسلم ٢١٥٦ .

     ومن آداب الاستئذان التي تجب على المسلم فعلها، أنه إذا سئل عن اسمه؛ فليبينه، وليذكر ما يعرف به، ولا يُجب ما فيه لبس أو غموض، يقول جابر رضي الله عنه :  أتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي؛ فدققت الباب؛ فقال: «من ذا؟»؛ فقلت: أنا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أنا أنا!»، كأنه كرهها. أخرجه البخاري ٦٢٥٠ ومسلم ٢١٥٥ .

وإذا قرع المسلم الباب لابد أن يقرعه بلين ورفق، ولا يفتح الباب بنفسه، وإذا أُذن له في الدخول فلا يستعجل وليتريث، ولا يلقي ببصره هنا وهناك؛ فقد جُعل الاستئذان من أجل البصر، والاستئذان يجب على كل زائر من قريب أو بعيد، رجلا كان أم امرأة .

ومن حق صاحب المنزل أن يقول للزائر: ارجع؛ فللناس ظروفهم وأعذارهم، وعلى المستأذن أن يرجع من غير حرج، وحسبه أن ينال التزكية القرآنية في قوله -تعالى-: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم}(النور: ٢٨).

ومن الخير لصاحب المنزل، أن يعتذر عن استقبال الزائر  في حال عدم قدرته على الاستقبال؛ وذلك خير من الإذن له على كراهية و مضض، ولابد من تخير أوقات الزيارات، وتقدير أحوال الآخرين وظروفهم، والتماس الأعذار لهم، والتمسك بهذا الأدب

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك