رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: القاهرة - الفرقان: أحمد عبد الرحمن 23 سبتمبر، 2010 0 تعليق

«وصال» الفارسية قناة لفضح الأبواق الشيطانية وسدنة الطائفية

 

 

«أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي مطلقًا» لعل هذا القول هو ما ينطبق بشكل دقيق مع إعلان قناة «وصال» الفضائية تبنيها دعوة رئيس رابطة أهل السنة في إيران أبو منتصر البلوشي الرامية إلى تدشين قناة دعوية سنية ناطقة باللغة الفارسية لمخاطبة الإيرانيين الناطقين بالفارسية لتكون منبرًا دعويًا لتنمية الوعي الديني لحوالي 18 مليونا من أهل السنة في إيران الذين يواجهون عقودًا من التهميش والإذلال والتصفية الجسدية والتعامل معهم كطابور خامس من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية عبر إطلاق قناة «وصال» الفارسية.

وأطلقت القناة حملة تبرعات داعية  ملايين المسلمين لدعم هذا الجهد المتواضع والذي سيركز بحسب الداعية البلوشي على العقيدة والعلوم الشرعية وخدمة الدين وإصلاح المجتمع وصناعة جيل يعرف الإسلام الصحيح، فضلاً عن فضح  الخطة الممنهجة التي يتبناها أصحاب المشروع الطائفي لصبغ الفضاء الإعلامي بصبغته وملئه بالعديد من أدواته التحريضية من قنوات تلفزيونية وإذاعية لا شأن لها إلا التبشير بدولة المهدي، والتي لا يرى أصحاب العمائم السوداء والقلوب كذلك أي وجود لها إلا بسيادة الخطاب الطائفي الإلغائي لما سواه.

وستعمل هذه القناة على التصدي للمشروع المشبوه الذي يتبناه أصحاب العمائم السوداء  بهدف  ضرب المفهوم الحقيقي والنقي للإسلام، واستبداله بشكل جديد يقوم على عقائد شوهاء من شعوذات ولطميات وخزعبلات تصل في كثير منها إلى حد الإسفاف والدونية، بل إلى درجة أقرب إلى البهيمية التي يأباها ويترفع عنها العقل البشري السوي.

- مد طائفي

وقد أعلن البلوشي ومن دون مواربة أن هذا المد الإعلامي والفضائي الطائفي الأسود قد خلق  حاجة ملحة لإيجاد واجهات إعلامية تفضح زيفه وتظهر مدى تهافت ما يدعيه وإزالة القناع عن وجهه القبيح، هذا الوجه الذي أصبح معول هدم وخراب، فضلاً عن دوره في صرف الأنظار عن الأخطار الأساسية التي تواجه الأمة ليبقى انشغالها في دوامات من الشبهات والهرطقات التي لا تستند إلى حق ولا يقبلها عقل.

ويعتقد على نطاق واسع أن هذه القناة ستحاول مواجهة عشرات من القنوات الطائفية المنتشرة على الأقمار الصناعية «نايل سات» و«عرب سات» و«هوت بيرد» ولا هم لها إلا توجيه خطابها لأهل السنة والجماعة والعمل على إفساد عقائدهم، خصوصًا أن الساحة الإعلامية مليئة بعشرات القنوات التي عملت لمدة طويلة على تذويب هوية 18 مليون سني ينتشرون في عديد من المحافظات الإيرانية دون أن تجد أي منافسة إلا من إحدى القنوات الفضائية الجديدة التي تبث من خارج إيران غير أنها لم تحقق النجاح المطلوب بسبب ضعف مستواها.

ويعول الكثيرون على هذه القناة الوليدة لتكون منبرًا دعويًا يعمل على نشر مبادئ الإسلام الصحيحة وفكر أهل السنة والجماعة والسلف الصالح وتتصدى لعقود من التخريب المتعمد لعقول سنة إيران ومحاولات تشويه صفحة الإسلام الناصعة عبر إعلام ضال مضل ومناهج تعليمية فاسدة لا تستهدف إلا إذابة سنة إيران في المجتمع الطائفي وإغراقهم في وحل الإساءة للصحابة الكرام وأمهات المؤمنين رضي الله عن الجميع، خصوصًا أن سنة إيران يفتقدون أي مؤسسات علمية أو تعليمية قادرة على مواجهة هذا الفكر الضال اللهم إلا في بعض المساجد وعلي يد بعض الأئمة الذين يتعرضون لحملات تحرش واضطهاد وصولاً إلى التصفية الجسدية لبعضهم على يد أجهزة الأمنية الإيرانية، ناهيك عن أن المحتوى العلمي الذي تقدمه المدارس السنية في إيران ليس كما ينبغي بسبب الضغط الذي يمارس عليها من قبل السلطات  التي تتدخل في تعيين معلمي تلك المدارس والقائمين عليها.

- استعدادات طيبة

ويعتقد على نطاق واسع أن هدف هذا المنبر الإعلامي يجب ألا يكون أسيرًا لمخاطبة أهل السنة في إيران، بل عليه أن يتبني نهجًا تبشيرياً بمنهج أهل السنة في أوساط عرب منطقة الأحواز ومحاولة إنقاذهم من الضلال الذي حاولت السلطات هناك  إغراقهم فيه منذ عديد من القرون، والعمل على نشر صورة الإسلام النقية الصحيحة ولاسيما أن بعض التجارب أثبتت وجود استعدادات طيبة من عرب الأحواز للتعاطي الإيجابي مع محاولات إعادتهم للنهج السني السلفي الصحيح، وهو أمر أزعج أحد سدنة قم عندما حذر من هبوب رياح «التسنن» في مناطق الأحواز القريبة من الحدود العراقية – الإيرانية، داعيًا من سماهم مراجع قم للتصدي لهذه الظاهرة التي تهدد بلاد الملالي.

والواقع أن التحديات الشديدة التي واجهت سنة إيران ومحاولات تذويب هويتهم وإغراقهم في بحر الضلالات توفر أجواء ملائمة  لتدشين  قناة «وصال» باللغة الفارسية باعتبارها واجهة إعلامية تستطيـع أن توصـل الخطاب الإسلامي بمعانيه السامية والنقية إلى الجمهور الإيراني وبالذات منه «الشيعي» الذي سممت أفكاره وحرفت بوصلته عن دينه الحق أبواقه الشيطانية المضللة، فضلاً عن أن هذه القناة الوليدة تعد ضربة موجعة للقبضة الحديدية، واختراقًا للجدار السميك الذي تفرضه الحكومة الشعوبية الطائفية في إيران على وسائل الإعلام وخصوصاً تلك التي تتبنى خطابًا مغايرًا لخطاب نظام الملالي الطائفي الجاثم على صدر الشعب الإيراني.

- دحض الافتراءات

 وتفرض الأوضاع الحالية أن تتبنى القناة الوليدة توجيه رسالة واضحة للشعب الإيراني الشيعي والسني كما يؤكد د. عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ الإسلامي والإعلامي المعروف  بكشف زيف الخطاب الديني والإعلامي الذي تتناوله وسائل الإعلام الطائفية، وتتولى تفنيد اتهاماته لصحابة رسول الله[ خصوصًا الخلفاء الراشدين وفي مقدمتها سادتنا أبو بكر وعمر وعثمان، وتقديم الأسباب الحقيقية لبغض نظام الملالي للخليفين الأول والثاني وإظهار انتفاء العلاقة بين هذه الكراهية وسيدنا علي رضي الله عنه، فضلاً عن التركيز على مبادئ الإسلام الصحيحة وعلى نهج رسول الله[ وخلفائه الراشدين والسلف الصالح ومحاولة ترميم عقيدة هؤلاء التي تعرضت للتذويب والإفساد لمدد طويلة، وإظهار مدى تهافت الاتهامات لأمهات المؤمنين مثل السيدة عائشة والسيدة حفصة رضي الله عن الجميع، فضلاً عن العمل على توضيح مدى العلاقات الوثيقة والصلات الحميمة التي ربطت بين خلفاء النبي[ ونفي وجود أي خلافات أو ضغائن كما يحاول سدنة الإعلام الضال المضل تكريسه في خيال سنة وشيعة إيران على حد سواء.

ولفت د.عويس إلى أن هناك تحديات ستجابه القائمين على القناة ستتمثل في اختيار العلماء ومقدمي البرامج، حيث يجب أن يتمتع مقدمو البرامج بالمؤهلات الإعلامية اللازمة للتقديم هذه الرسالة فضلاً عن تمتعهم بالمادة العلمية الشرعية ومعها القدرة على صياغته بأسلوب مشوق يراعي ثقافة المشاهدين وإمكاناتهم، فالبعد عن الرتابة والنمطية مهم لجذب انتباه ملايين المشاهدين باعتبار أن تجربة إعلامية مماثلة ناطقة باللغة الفارسية لم يكتب لها النجاح لاعتمادها على تقنيات قديمة لم تصادف هوى لدى المتلقين رغم انفرادها باستخدام الفارسية كلغة واستهداف الجمهور الإسلامي السني  في إيران.

وتابع د.عويس: هناك تعقيدات ستحول بين إدارة القناة والتواصل مع الشعب السني في إيران، حيث ستضع السلطات الإيرانية قيودًا صارمة  على التعامل مع القناة وربما تعاقب أي شخص يتعاطى معها حتى بالاتصال الهاتفي بالإحالة للمحاكمة رغبة في إضعاف هذه القناة وإفشال مساعيها في التواصل مع جمهورها، وهي مشكلة يجب على القائمين علي القناة البحث عن حلول لها، بل إن التكنولوجيا الحديثة قد تجعل السلطات الإيرانية تقوم بالتشويش عليها وحرمان جمهورها ولاسيما إذا وجدت تعاطفًا مع القناة من قبل سنة إيران.

ومن المهم في هذا المجال الإشارة إلى ضرورة تخصيص هذه القناة  مساحات واسعة لإلقاء الضوء على المأساة التي يعيشها ملايين السنة في إيران وإظهار مدى التمييز الذي يمارس ضدهم حسب الدستور الإيراني وحرمانهم من أبسط حقوقهم ومنعهم من إنشاء مساجد لهم في العاصمة طهران، رغم وجود كنائس وبيع ومعابد لأصحاب النحل المختلفة، فضلاً عن إظهار عداء النظام الإيراني للسنة وقيامه منذ مدة باعتقال علمائهم وهدم مساجدهم وعلى رأسها هدم مسجد الإمام أبي حنيفة التابع لأهل السنة في مدينة زابل، حيث قامت جرافات بدهس المصاحف وكتب الفقه والعبادات الخاصة بالسنة، وذلك كنوع من إظهار التضامن مع سنة إيران والتأكيد لهم بوجود داعم لهم لاسترداد حقوقهم  ومعها عقيدتهم الصحيحة من بين أنياب الملالي.

- الكيد للطائفيين

ويجب ألا يغيب عن مهمة هذه القناة الوليدة تخصيص مساحات زمنية لإظهار مدى تهافت الفكر الضال والمضل الذي يتسربل به النظام الطائفي في طهران وفساده على المستوى العقدي، والتأكيد على أن أجداد الإيرانيين كانوا يدينون بمذهب أهل السنة والجماعة حتى قيام الدولة الصفوية وإجبارهم على تبني المذهب الشيعي عبر استخدام حمامات الدم والإرهاب والترهيب، فربما يصادف ذلك هوى لدى فئات واسعة في المجتمع الإيراني سواء أكانوا إيرانيين أم عربًا ولاسيما أن آلة الإعلام الطائفي تدوام منذ عقود على الكيد لأهل السنة والنيل من القرآن الكريم والسنة النبوية عبر عشرات من الفضائيات المشبوهة؛ مما يفرض على الإعلام الإسلامي مواجهته وعدم ترك الساحة خالية أمامه ليفعل فيها ما يشاء.

- وقف إسلامي

ومن البديهي التأكيد أن سخاء الدعم المالي المقدم لهذه القناة قد يسهل من مهمتها ومن قدراتها على الاستعانة بإمكانات تكنولوجية وبشرية متقدمة، فضلاً عن الاستعانة بمجموعة من العلماء الثقات الملمين بالنهج الإسلامي والسليم ومن المجيدين للغة الفارسية والقادرين على إيصال رسالة إعلامية وشرعية نقية، وهي مهمة ليست سهلة على الإطلاق وتحتاج لجهد جبار، غير أن عظمة الهدف من وراء هذه الرسالة يجعل بذل الغالي والنفيس لإنجاحها واجبًا شرعيًا كما يؤكد د.محمد عبد المنعم البري الرئيس السابق لجبهة علماء الأزهر، حيث يرى أن هذه القناة المباركة بعون الله تأخرت طويلاً وكان يجب أن يتم التفكير في إطلاقها منذ عدة سنوات خصوصًا بعد تعالي غربان الطائفية وسعيهم لنشر فكرهم الضال والمضل ولاسيما أن سدنة الطائفية استغلوا التطورات السياسية في العراق ولبنان لنشر فكرهم واكتساب أرضيات بين أهل السنة والجماعة مستخدمين سيف المعز وذهبه.

واعتبر الرئيس السابق لجبهة علماء الأزهر أن تجاهل سنة إيران ولاسيما من الناحية الشرعية شكل خطأ لا يغتفر نرجو أن تنجح القناة الوليدة في معالجته وبث الصورة النقية للإسلام، خصوصًا أنهم يتعرضون لعصف إعلامي وشرعي منذ عدة عقود دون أن تمتد إليهم يد الإنقاذ لانتشالهم من هذه الهوة السحيقة، بل تركناهم يتعرضون لموجات التشيع و«الفرسنة»، مشيرًا إلى أن هذه القناة تحمل مسؤولية مركبة تتمثل في إسعاف سنة إيران دون تجاهل محاولة لفت أنظار المواطنين الإيرانيين الذين يتعرضون لعمليات تزييف رهيبة للتاريخ الإسلامي الناصع والمعتقدات المضلة، فهؤلاء أيضًا يجب أن يجدوا من يفند لهم معالم هذا الفكر الضال ويضعهم على الطريق الصحيح.

وطالب د. البري جميع الميسورين ورجال الأعمال وعلماء المسلمين بدعم هذه القناة ماليًا وشرعيًا وتخصيص أموال وقف لهذه القناة حتى تظهر في أبهى حلة وتنجح في مهمتها، باعتبار أن الأمر يشكل فرض عين يجب على كل مسلم القيام به كل في مجاله؛ حتى لا يترك سدنة الفكر الطائفي وحدهم في الساحة يأكلون الأخضر واليابس.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك