رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 20 مايو، 2014 0 تعليق

وزارة الأوقاف تختتم مؤتمر الخليج الثالث لصناعة الحلال وخدماته تحت عنوان: مستجـدات صناعـة الحـلال


 

بلغ حجم صناعة الحلال ومنتجاتها أكثر من تريليون دولار أمريكي، ويبلغ نصيب السوق الأوروبية منها 66مليار دولار

من الحلول لمشكلة الغذاء الحلال:  إنشاء شركات تغذية تقوم بالذبح والتصنيع، ويكون لها هيئة شرعية مشرفة

بحضور كوكبة من المتخصصين في صناعة الحلال وخدماته من شتى بلدان العالم، اختتمت وزارة الأوقاف الكويتية الأسبوع الماضي فعاليات مؤتمر (الخليج الثالث لصناعة الحلال وخدماته) برعاية نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد الخالد، وجاء المؤتمر هذا العام مميزًا، حيث أشرفت عليه إدارة الإفتاء بالوزارة برئاسة الدكتور تركي المطيري ومشاركة معهد الكويت للأبحاث العلمية. 

مرونة الشريعة الإسلامية

     في البداية أكد الدكتور عادل الفلاح وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن هذا المؤتمر جاء بعنوان: (مستجدات صناعة الحلال) ، ليؤكد أن الشريعة الإسلامية بمرونتها تواكب المستجدات التي تطرأ على صناع الحلال وخدماته، وهي في الوقت نفسه تراقب هذه المستجدات وتقوم هذه المستجدات وفق قواعد الشريعة وضوابطها الراسخة المتينة، المستمدة من نصوص الوحي المعصوم، مؤكدًا أن هذه أمانة عظيمة؛ حيث مشقة البحث والتنقيب عما يحقق للمسلمين الحلال الطيب في شؤون معاشهم، ويجنبهم الخبيث الضار الذي يفسد عليهم دينهم، ويضعف أبدانهم، فالمسلمون ينتظرون سد الثغرات في صناعة الحلال وخدماته، وأن توضع الحلول المناسبة لها وإيجاد الوسائل التي تكفل تكامل صناعة الحلال لجودتها، كما أنه لابد من الانتقال بالطرح من حال التنظير إلى حال التطبيق والتنفيذ، من خلال تفعيل التوصيات التي خرجت وتخرج بها مثل هذه المؤتمرات.

صناعة عالمية

     من جانبه قال مدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور ناجي المطيري إن منتجات الحلال في عصرنا الحالي نالت حيزاً كبيراً من الاهتمام حتى بلغ حجم صناعة الحلال ومنتجاتها أكثر من تريليون دولار أمريكي، ويبلغ نصيب السوق الأوروبية منها 66مليار دولار تخص فقط الأطعمة الحلال دون المنتجات الأخرى، وهذا التداول الكبير في صناعة الحلال ومنتجاته يفتح المجال واسعاً أمام استثمار نوعي، وهو ما يتطلب أيضاً عناية أكبر بآليات الارتقاء بهذه الصناعة لزيادة تنافسيتها للمنتجات المثيلة الأخرى، وإيجاد صيغة عالمية عبر اتفاقيات دولية لتسهيل مرور هذه المنتجات عبر الدول الأعضاء وتداولها بموجب أسس ومعايير ثابتة غير مختلف عليها حسب الرأي الشرعي والفقهي،

ويتطلب ذلك ايضاً إيلاء البحث العلمي أهمية قصوى ليسهم في توحيد الأسس والمعايير ويقدم النتائج العلمية المرتبطة بصناعة الحلال.

المؤتمر ضرورة شرعية

     ومن جانبه قال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المساعد للشؤون الإدارية والمالية ونائب رئيس اللجنة العليا للمؤتمر المهندس فريد العمادي إن قيام هذه المؤتمرات في هذا المجال ضرورة شرعية، لوضع القوانين الضابطة، وإيجاد البدائل والحلول الشرعية، وتقريب النظرات الفقهية، ومعرفة مدى تطابق الأوضاع الحالية مع المعايير الشرعية والقوانين الفقهية.

الحلول لمشكلة الغذاء الحلال

     ومن جانبه قال أستاذ الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية الدكتور عبد الله الطريقي في هذا العصر كثرت الأمور الدخيلة على الأغذية ولاسيما الأغذية الحيوانية وذلك كالأطعمة المهجنة، والمهرمنة، والمعدلة وراثياً، والمهدرجة، والمعالجة بالأشعة، والمعالجة بالمضادات الحيوية، والأطعمة المتأثرة بالمبيدات الحشرية، والمواد الغذائية الحيوانية، والذبائح المذبوحة على خلاف الطرق الشرعية.

وتابع من الحلول لمشكلة الغذاء الحلال:

     إنشاء شركات تغذية تقوم بالذبح والتصنيع، ويكون لها هيئة شرعية مشرفة على إنشاء شركات زراعية في البلاد الإسلامية التي يتوافر فيها الماء والأنهار والتربة الخصبة لتقوم بتربية الحيوانات، وتشجيع استيراد الحلال، والتضييق على استيراد المتشابه، وترشيد الاستهلاك ولاسيما ما يحدث في الحفلات والولائم والمناسبات، على أن تصحب ذلك نية صادقة من التاجر والمستورد والمستهلك.

اللحوم الحيوانية التي جهل أصلها

     وأما الباحث الأول في الدراسات الإسلامية بإدارة الإفتاء التابعة لوزارة الأوقاف الدكتور أيمن العمر فقد تناول مسألة مهمة تتعلق باللحوم الحيوانية التي جهل أصلها، أو تلك اللحوم التي أباحت الشريعة أكلها، وجهل حال ذابحها؛ هل الأصل فيها الحلُّ، أو الحرمة؟ وبناء عليه قسمت الدراسة اللحوم من حيث الحلُّ والحرمة، إلى قسمين: القسم الأول: ما يحلُّ ويحرم من الذبائح واللحوم باعتبار نوع الحيوان، وتابع أما قاعدة الأصل في اللحوم، فمحلّ تطبيقها عند تعذّر معرفة حكم الذبيحة من حيث الحلُّ أو الحرمة؛ لانعدام الدليل المبيِّن لحكمها، أو للاشتباه بحلّها وحرمتها، وقد بينت الدراسة أن جماهير أهل العلم من المذاهب الأربعة وغيرهم على تقرير أن الأصل في اللحوم التحريم مدلِّلين لهذه القاعدة بالعديد من الأدلة النقليَّة من القرآن والسُّنة والمعقول. 

الإشكالات التي تواجهها صناعة الحلال

     ومن جانبها قدمت  الدكتورة عائدة غانم أمين عام مؤسسة (أزكى حلال) والباحثة في الفقه والتشريع الإسلامي وأصوله بكلية الدعوة وأصول الدين، بجامعة القدس في فلسطين ورقة تناولت فيها جوانب من الإشكالات التي تواجهها صناعة الحلال ومراجعتها من منظور شرعي، ومن هذه الإشكالات: عدم ضمان تكامل سلسلة الحلال بدءاً من المكونات الأولية ووصولا للمستهلك، في ظل عالمية التصنيع وعالمية الإنتاج ما يفتح الأبواب على مصارعيها لكل الإشكالات المرافقة في غياب التدقيق والتوجيه المتوافق مع متطلبات الشريعة الإسلامية.

ومن الإشكالات التي تناولتها أيضًا ما يتعلق بالذبائح ومدى تحقق شروط التذكية الشرعية لاعتبارها حلالاً  في ظل استخدام أساليب الصعق والتدويخ الحديثة من حيث إشكالية فهم وتطبيق ما يتعلق ببعض الشروط الشرعية للذبيحة الحلال.

تحويرات سوق الحلال في أوروبا والعالم

     ومن جانبها قالت رئيسة، جمعية حماية المستهلك المسلم في فرنسا الدكتورة حنان رزقي إن نمو سوق الحلال في أوروبا والعالم واكب تحويرات عديدة للقوانين والنظم الأوربية المتعلقة بالذبيحة الدينية، وهي ما تعرف بالذبيحة  الحلال وإن كانت السلطات الأوروبية اعتمدت في تغييرها لهذه القوانين على تقارير وأبحاث تم تمويلها من قبل الحكومات والمفوضية الأوروبية، رغم عدم تحقيق رغبة منع الذبيحة الدينية.

      وأضافت أن التحويرات الجديدة تشجع الدول الأعضاء على اتخاذ اجراءات على الصعيد الوطني لفرض قيود إضافية قد تؤدي إلى منع الذبيحة الحلال. ولكن وفرة النصوص والتقارير الحكومية الخاصة بالأضحية لم توفر حتى اليوم تعريفا قانونيا واضحا للذبح الحلال، أما بالنسبة لكلمة حلال فهي تكاد لا تذكر في النصوص القانونية الأوروبية.

التفسير العلمي لكلمة ( حلال)

     من جانبه قال مدير أبحاث البروتين بجامعة (تكساس) في الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور ميان محمد نديم رياض إن المقصود بـ (الحلال) هو المواد الغذائية المسموح بها والتي تم الحصول عليها بطريقة (طيبة)، على أن يكون الطعام مفيداً وجيداً وصحياً وآمناً ونظيفــا. وأضاف إن مفهوم (المفيد) هو الطعام الجيد من الناحية المعنويـة الذي يعزز الصحة للعقل أو الروح والجسم. وقد تم العثور على مخاطر تتعلق بسلامة الأغذية على امتداد سلسلة الإمدادات الغذائية ويمكن وصفها بأنها: «أدوات  بيولوجية وفيزيائية وكيميائية وأدوات تتعلق بالحساسية الغذائية التي يمكن بشكل عقلاني أن  تسبب المرض أو الإصابة في غياب سيطرتها والمخاطر البيولوجية الناجمة عن البكتيريا أو الفيروسات أو الطفيليات موجودة في الهواء والغذاء والماء والتربة والحيوانات والبشر.

توصيات المؤتمر

وقد خلص المؤتمرون إلى عدد من التوصيات كالتالي:

1 - الاستثمار في صناعة الحلال في الدول الإسلامية التي تتوافر فيها البيئة المناسبة منوفرة المياه والتربة الخصبة والمراعي الطبيعية، للحد من الاعتماد على الاستيراد الأجنبي على أن تقومتلك الدول بتوفير المناخ الاستثماري؛ وذلك بتطوير البنية التحتية والتشريعات والوسائل والأدوات التي تسهم في نجاح صناعة الحلال.

2 - دعوة المعنيين بدول مجلس التعاون الخليجي إلى إنشاء مركز اعتماد خليجي موحد على أن يوكل إلى الجهات الشرعية الرسمية في كل دولة من الدول الأعضاء في المجلس بالمتابعة والمراقبة والتحقق من إجراءات اعتماد الأغذية الحلال.

3 - ضرورة إعادة النظر في التاوى الشرعية في القضايا التي تتصل بصناعة الحلال، وفقا للدراسات المتخصصة للمستجدات العلمية.

4 - دعوة الهيئات والمؤسسات ذات العلاقة بصناعة الحلال ومراقبته إلى وضع البرامج التثقيفية والعلمية، لتوعية المستهلك المسلم في ثقافة الحلال.

5 - تعزيزا لمفهوم التوافق بين الرأي الشرعي والدليل العلمي؛ يدعو المؤتمرون إلى إنشاء مركز علمي متخصص يعني بالدراسات العلمية التقنية، والشرعية الفقهية التي تخدم المستجدات في صناعة الحلال.

6 - دعم صناعة الجلاتين الحلال في الدول الإسلامية، والسعي نحو الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في هذا المجال؛ وذلك لأهمية هذه المادة التي يحتاج إليها في صناعة الغذاء والدواء ومواد التجميل والعناية بالبشرة.

7 - الاستفادة من التقنيات الحديثة، كتقنية  النانو، للكشف عن الأعيان النجسة التي يتم إقحامها في صناعة الحلال.

8 - رفع برقيات شكر إلى مقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وولي عهده سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ورئيس مجلس الوزراء الشيخ مبارك الجابر الأحمد الصباح.

9 - وضع آلية مناسبة لمراقبة صناعة الحلال في الخارج، والعمل على توفير الكاودر اللازمة لذلك، وتدريبهم من الناحية الشرعية والفنية.

10 - بناء على البحوث والدراسات التي قدمت في مؤتمر الخليج الثالث لصناعة الحلال وخدماته المتعقد بدولة الكويت بتاريخ 13-15 مايو لعام 2014م، يوصي المؤتمرون بمخاطبة مجمع الفقه الإسلامي الدولي، المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي بخصوص إعادة النظر في القرار الصادر في دورته الحادية والعشرين بمدينة الرياض، برقم (198) (4/21) بشأن الاستحالة والاستهلاك والمواد ارضافية، والذي نص على أن بلازما الدم، التي تعد بديلا رخيصا لزلال البيض، وقد تستخدم في الفطائر والحساء والنقانق والهامبرجر، وصنوف المعجنات؛ كالكعك، والبسكويت، والعصائد، والخبز، ومشتقات الألبان، وأدوية الأطفال وأغذيتهم، والتي تضاف إلى الدقيق، فإنها حلال مختلفة عن الدم في الاسم والخصائص والصفات، فليس لها حكم الدم. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك