رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 25 أكتوبر، 2022 0 تعليق

وداع مهيب من آلاف الإثيوبيين لأحد أكبر علماء الحبشة – وفاة الداعية المعمّر (آدم تولا) مفتي أوروميا

 

انتقل الثلاثاء الماضي 22 من ربيع الأول 1444ه، الموافق 18 أكتوبر 2022 إلى -رحمة الله تعالى- بإذن الله مفتي أوروميا بإثيوبيا الداعية الشيخ آدم تولا عن عمر يناهز 110 أعوام، وفي مشهد مهيب صلى عليه عشرات الآلاف من الأثيوبيين صلاة الجنازة في ملعب إمام أحمد لكرة القدم في مدينة هرر، وبعدها انتقل جثمانه لمسقط رأسه بمدينة (Suqul)، وأصدر كل من المجلس الأعلى لمسلمي أثيوبيا والمجلس الأعلى لمسلمي أوروميا فضلا عن هيئة كبار علماء أوروميا بيان نعي للداعية الشيخ آدم تولا مفتي أوروميا.

نسبه ومولده

     التولي نسبة إلى (تُوْلَا) اسم ناحية تقع بضواحي مدينة (هَرَرْ) شمالا منها ولد الشيخ عام (1339 هـ) أو (1334 هـ) تقريبا في قرية عثمان، وهي قرية نسبت إلى جده عثمان الجد الثالث، ويعود نسبه إلى قبيلة (غُرْغُرَا)، وهي بضم الغين الأولى والثانية وسكون الراء الأولى وفتح الثانية: اسم قبيلة تنتمي إلى الصومال نسبا وإلى أورومو حِلْفًا.

دراسته وطلبه للعلم

     تتلمذ الشيخ على عدد من علماء بلده؛ حيث أكمل معهم طور التعلم والتحصيل العلمي والدراسة الشرعية واللغوية والعقلية، وانتقل بعده إلى طور التبليغ والأداء والتعليم فرجع الشيخ إلى منطقته (تولا)؛ فبدأ تدريس العلوم الشرعية: الحديث والفقه والتفسير وعلوم اللغة؛ حيث درس على الشيخ محمد بن إبراهيم الصومالي الهَوِيي الكَوْرْكَوْرِي، ثم قرأ على الشيخ علي العروسي، ثم قرأ على الشيخ عبدالله بصيرة الدَوْلي، ثم قرأ على الشيخ عبدالمجيد بن عبدالله مُوْمِّنا التَّوْرْتَوْري الآنِّي، وقرأ على الشيخ محمد توشيح القاضي، ثم قرأ على الشيخ إبراهيم بن عثمان الجَيْكِي القَيْرَنْسِي (قَطْرَوْ)، ثم قرأ على الشيخ موسى بن محمد الأدَّيْلي الألوي، ثم قرأ على الشيخ عبدالله اليَكِّي نزيل بَابَا، ثم قرأ التفسير على الشيخ سعيد بن محمد بن أبي بكر بن كَتَبَي الشريف الهرري الألوي الكونبلشي، ثم قرأ التفسير بتمامه على الشيخ موسى الأيْلأوْدي، ثم قرأ جزءا من صحيح البخاري على الشيخ علي بن وَدَّوْ الهرمايي وهو على الشيخ أحمد الكروي، ثم قرأ بقية صحيح البخاري على الشيخ إبراهيم بن عثمان الجيكي، ثم قرأ صحيح مسلم بتمامه على الشيخ سعيد بن إسماعيل الخُرَّوِي، واستمع عليه البخاري بقراءة الشيخ قاسم الأديلي كاملا.

جهوده في نشر العلم الشرعي

     للشيخ -رحمه الله- جهود مشكورة موفقة في نشر العلم الشرعي ليلا ونهارا، ونشر السنة النبوية وعلم الحديث ومنهج السلف الصالح؛ فهو ملحق الأصاغر بالأكابر، وقام بتدريس الجد ثم ابنه ثم ابن ابنه، ولم يزل يقوم بالتدريس في حلقته التي تقع بقرية جده عثمان بتولا منذ ما يزيد على ستين سنة، وقد استمر في طلب العلم أكثر من عشرين سنة، وقد نفع الله به خلقا كثيرا، ولم يزل على هذه الحال إلى قبل وفاته مع تجاوزه المائة سنة، فكان يقوم بالتدريس طول النهار للطلبة دون كلل ولا ملل؛ فكان يقسم أوقاته للطلبة، فهناك وقت للأمهات والفتيات، ثم وقت للفلاحين العاملين في الحقل ثم لطلبة العلم الغرباء وغيرهم، وكان يقبل الحق، ويرجع إليه، ويترك رأى ما عليه مشايخه إذا رأى الدليل وظهر له الصواب، ولا يتعصب لرأيه ولا لطريقة المشايخ والآباء، هذا ما أعرفه عنه، ولا أزكي على الله -تعالى- أحدا.

جهوده الإصلاحية

     كان للشيخ  التولي -رحمه الله- ممن له جهود دعوية إصلاحية بارزة في منطقة هرر، وكان يقوم بالدعوة إلى الله -تعالى- وإلقاء المحاضرات والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من أبرز الدعاة في هذا البلد؛ فقد دعا إلى التوحيد الخالص والتمسك بالسنة المحضة؛ وحذر من الشرك والبدع والمعاصي والأخلاق السيئة.

صفات الشيخ ومزاياه

- كان الشيخ -رحمه الله- يشبه علماء السلف الصالح، في هديه وسمته وأخلاقه، وهو يقتدي بهم في أخلاقهم وهديهم ومنهجهم، كما كان يقتدي بهم في مذهبهم وعقيدتهم.

- استغناؤه عن الحاجة إلى الناس مما يمنع كثيرا من العلماء من إعلان الحق خوفا من غضب الناس وقطع الأرزاق.

- الجمع بين فنون شتى، ومن أهمها التخصص في الحديث مع الفقه واللغة العربية؛ فقد درس في أول طلبه الفقه الشافعي دراسة متعمقة مع علوم اللغة العربية.

- العناية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا بدأه مبكرا؛ حيث قام -وهو في مرحلة الطلب- بالإنكار لما يقع في قريته من الاعتقاد الفاسد في القبور والأضرحة ومن العادات المنكرة كالمآتم، ومنذ ذلك الحين اشتهر بالدعوة إلى التوحيد الخالص والسنة النبوية المطهرة.

- صفاء سريرته وحسن سيرته وتواضعه وزهده وعدم تكبره إلى غير ذلك من الأخلاق الحسنة؛ مما صار سببا لمحبة الناس له وقبولهم له، ولاسيما في هذه الأيام التي طال عمره.

تلامذته

     كان للشيخ -رحمه الله- تلامذة كثيرون؛ فهو ألحق الأبناء بالأجداد والأصاغر بالأكابر؛ ولهذا يصعب حصرهم، ونذكر منهم ما تيسر منهم: الشيخ أحمد بن عثمان الوتري، قرأ عليه صحيح مسلم، كما اشترك في صحيح البخاري مع الشيخ جمال بن محمد بن بُلَيْ الجلولي، والشيخ محمد بن على التائي العروسي قرأ هؤلاء الثلاثة عليه البخاري في وقت واحد، ومنهم الشيخ محمد كبيرا الآلوي، والشيخ علي بن شيخ عمر الآني الساكن بغورو واجُّو والشيخ يوسف بن آدم الجروي الأساسي، فقد أخبرني الجروي أنه درس عليه صحيح مسلم مع(11) طالبا وقال: كنت القارئ لهم، ولم يكن لي فيه فوت إلا درس يوم واحد.

 

من هو الشيخ آدم هَمَّرَّوْ

 

     هو آدم بن أحمد بن هَمَّرَّوْ بن شَنْكَوْر بن مُوْمَد (محرف محمد) بن عثمان بن هَلَّوْ الهرري الغُرْغُري قبيلةً، النَّوْلِي حِلْفا، المعروف بآدم التولي بضم التاء وواو ساكنة، وهو عالم علامة فقيه محدث معمر متواضع شجاع صابر، ونشر السنة والتوحيد والعلم الشرعي، مسموع الكلمة، جعل الله له القبول لدى العامة والخاصة؛ فنفع الله به خلقا كثيرا، ومن طول عمره استطاع أن يدرس عليه الجد ثم ابنه ثم ابن ابنه؛ فهو ملحق الأصاغر بالأكابر وملحق الأبناء بالأجداد مع صحة تامة وعافية ونشاط وكمال عقل، عاش مائة وأربعة عشر عامًا، بارك الله في هذا العمر المديد ونفع به العباد والبلاد، وقد عين أخيرا رئيسا لمجلس كبار علماء أوروميا للفتوى عام 1442 هـ.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك