رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد جمال 29 نوفمبر، 2016 0 تعليق

وحـدة الأُمَّـة .. مطلب مُلِحّ

إن واقع أمتنا الإسلامية اليوم واقع يندى له الجبين؛ فالأمة متفرقة بكل ما تعنيه كلمة تفرق من معنى، وقد حذرنا الله من ذلك كله، فقال تعالى: {وَأَنَّ هَـذَا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} سورة الأنعام(153). ولذلك فقد كانت الوحدة من الأوليات التي دعت إليها الرسل بعد الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونبذ الأوثان والأنداد.

مطلب شرعي

     بل إن توحيد الأمة مطلب شرعي، وفريضة ثابتة، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران: 103)، وقال تعالى أيضاً: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(الأنفال: 46). وقال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(آل عمران: 107).

أمة واحدة

     وقد بين -سبحانه- في كتابه أننا أمة واحدة، ربها واحد، ونبيها واحد، وقبلتها واحدة، وكتابها واحد، فقال -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ هَـذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء: 92). وإننا في وقت أحوج ما نكون فيه إلى الوحدة الإسلامية، وحدة العقيدة، وحدة الهدف، وحدة إسلامية شعار أبنائها: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(الفاتحة: 5)، وحدة قائمة على أسس ثابتة، وقواعد متينة، وحدة القلوب قبل وحدة الأقوال، وحدة لا تؤمن بالحدود التي اصطنعها الاستعمار، وحدة أبناؤها سواسية لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى؛ كما قال ربنا-جل وتعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}(الحجرات: 13). وقول النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم : «أيها الناس: إن ربكم واحد, وإن أباكم واحد, كلكم لآدم و آدم من تراب, إن أكرمكم عند الله اتقاكم, لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى».

إننا بحاجة ماسة إلى الوحدة الإسلامية، وجمع الكلمة؛ أكثر من حاجتنا إلى الطعام والشراب؛ لأن في ذلك قوتنا وعزتنا، وتحقيق الأمن والأمان، وما أحسن ما قاله أحد الحكماء وهو ينصح لأبنائه:

وذلك أنَّ الأمم الأخرى قد تداعت علينا كما تداعت الأمم على قصعتها.

أسس الوحدة

     إن هذه الوحدة التي ندعو إليها لابد أن تكون وفق أسس  صحيحة سليمة تجتمع عليها كلمة المسلمين، ومن هذه الأسس: أن تكون الوحدة قائمة على الاعتصام بالكتاب والسنة، في العقيدة والمنهج والسلوك، والأقوال والأفعال؛ لأن الاعتصام بالكتاب والسنة عصمة من الخلاف والنزاع والشقاق.

     وهذه الوحدة لابد أن يكون لها إمام مطاع تجتمع عليه الكلمة، تتوفر فيه صفات القائد الإسلامي من الذكاء والفطنة، والتقوى والورع، والحزم والعلم والمال، وغير ذلك من صفات القادة؛ وذلك أنَّ الإمام عصمة للأمة من الخلاف والشقاق، وهو أمل الأمة وملاذها- بعد الله-، ولذلك فقد أمرنا بالصبر عليه مع ظلمه، وعدم شق عصا الطاعة له مع انحرافه، وعدم الخروج عليه بالسيف إلا إذا كفر كفراً بواحاً لا تأويل له، وهو الآلة الوحيدة التي بها تتحقق الأسس السابقة.

البعد عن البغي والحسد

     ومن الأسس، البعد عن البغي والحسد والهوى، وذلك أن التحاسد والتباغض، والحرص على أمور الدنيا من الأمور التي أفسدت على أتباع الرسل، وبذرت الشرور فيما بينهم، وجعلتهم يختلفون، قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(البقرة: 213).

الإخوة الإيمانية

ومن أسس وحدة الأمة، أن تتحلى الأمة بضوابط الأخوة، وأن تضعها موضع التطبيق، فإذا أرادت الأمة وحدتها، ورأب صدعها، وجمع كلمتها؛ فلابدَّ لها من أن تتحلى بالأخوة الإيمانية الحقة، بكل معاينها ولوازمها.

نسأل الله أن يجمع المسلمين على كلمة سواء.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك