واحة الفرقان – 958 –
من مشكاة النبوة
أتاني الليلة ربي -تبارك وتعالى- في أحسن صورة ؛ فقال: يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا؛ فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي؛ فعلمت ما في السموات وما في الأرض؛ فقال : يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : نعم، في الكفارات والدرجات، والكفارات: المكث في المساجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكاره، قال: صدقت يا محمد! ومن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه، وقال: يا محمد ، إذا صليت فقل : اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني وتتوب علي ، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون، والدرجات: إفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والصلاة بالليل والناس نيام .
من أسباب النزول
عن ابن عباس: أن بلالا لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلح عليها، وكان عبدا لعبد الله بن جدعان؛ فشكا إليه المشركون ما فعل؛ فوهبه لهم ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم؛ فأخذوه، وجعلوا يعذبونه في الرمضاء وهو يقول: «أَحَدٌ أَحَدٌ»؛ فمرّ به رسول الله[؛ فقال: «ينجيك أحدٌ أحدٌ»، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن بلالا يعذّب في الله؛ فحمل أبو بكر رطلا من ذهب فابتاعه به؛ فقال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك إلا ليد كانت لبلال عنده؛ فأنـزل الله -تعالى-: {وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى}.
ما قل ودل
قال عمر: «لا أملّ ثوبي ما وسعني، ولا أملّ زوجتي ما أحسنت صحبتي، ولا أملّ دابتي ما حملتني، إن الملال من سيء الأخلاق». قال داود الطائي: «كفى باليقين زهداً، وكفى بالعلم عبادة، وكفى بالعبادة شغلاً».
قال سفيان: «استوصوا بأهل السنة خيراً؛ فإنهم غرباء».
قال أبو عمر الزاهد: «ترك قضاء حقوق الإخوان مذلة، وفي قضاء حقوقهم رفعة».
قال الفضيل: «المؤمن يغبط ولا يحسد، والغبطة من الإيمان، والحسد من النفاق».
كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة
ما أعظم الصحابة الكرام وأجلهم؛ فقد كانوا أحرص الناس على آخرتهم حرصا لا يضاهيه حرص. لا يعلمون شيئا يقربهم إلى الله إلا وسارعوا إليه؛ فصدق فيهم قول ربنا -جل وعلا-: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}، كانوا أحرص الناس على الجنة؛ فباعوا أنفسهم وأموالهم، واشتروا بهما جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين؛ إنها سلعة الله الغالية، التي من أجلها يُبذل الغالي والنفيس، ونحن الآن مع نموذج من هؤلاء الصحب الكرام، قال فيه نبي الهدى صلى الله عليه وسلم: « كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة»! روى أحمد وابن حبان والحاكم- وصححه الحاكم ووافقه الذهبي عن أنس بن مالك : «أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لفلان نخلة، وأنا أقيم حائطي بها؛ فمره أن يعطيني أقيم حائطي بها؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أعطها إياه بنخلة في الجنة، فأبى! وأتاه أبو الدحداح؛ فقال بعني نخلك بحائطي قال: ففعل، قال: فأتى النبي[؛ فقال: يا رسول الله إني قد ابتعت النخلة بحائطي؛ فجعلها له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة مرارا؛ فأتى امرأته؛ فقال: يا أم الدحداح، اخرجي من الحائط؛ فإني بعته بنخلة في الجنة؛ فقالت: قد ربحت البيع أو كلمة نحوها. -رضي الله عنك- يا أبا الدحداح .
تراجم الأعلام
ترجمة الإمام الزهري:
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله المنتهي نسبه إلى فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي الزهري أبو بكر المدني، سكن الشام، ولد سنة ثمان وخمسين بعد الهجرة، أسند الزهري أكثر من ألف حديث عن الثقات ومجموع أحاديثه كلها 2200 حديث.
نشأ فقيراً فأكب على العلم، ولازم بعض صغار الصحابة وعلماء التابعين، فمن الصحابة أمثال: أنس بن مالك، وسهل بن سعد الساعدي، ومن التابعين، فقهاء المدينة السبعة، وعبيد الله بن عمر، وغيرهم من كبار التابعين. قال أحمد بن حنبل: أصح الأسانيد الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه. من شيوخه أبان بن عثمان بن عفان إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص أنس بن مالك
من تلاميذه: إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع إبراهيم بن سعد الزهرى إبراهيم بن أبي عبلة إبراهيم بن نشيط الوعلانى.
توفي ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة 124 هـ ودفن بشغب، آخر حّد الحجاز وأول حد فلسطين.
سحر البيان
قال أحد الشعراء:
مالي أراك تقلبُ النظرا
وكأن عينك لا ترى أثرا؟
وكأن قلبك لايحس بما
يجري ولا يستشعرالخطرا
وكأن ما في الكونِ من عبرٍ
ومن المواعظ واجهت حجرا
أو ما ترى شمس الضحى وإذا
جن الظلام، أما ترى القمرا؟
يا هارباً من ثوب فطرته
أو ما ترى الأشواك والحفرا؟
أو ما ترى نار الظـلال رمت
لهباً إليك وأرسلت شررا؟
إن أحسن الناس اقـتديت بهم
وإذا أساؤوا تتبع الأثرا
أتظل بين الناس إمعةً
يسري بك الطوفان حيث سرى؟
يا ساكنا في دار غـفلته
متوارياً وتعاتب القدرا
هذا قطار العمر، ما وقفتْ
عرباته يوماً ولا انتظرا
من طرائفهم
كان للرشيد جارية سوداء، اسمها خالصة، ومرة دخل أبو نواس على الرشيد، ومدحه بأبيات بليغة، وكانت الجارية جالسة عنده، وعليها من الجواهر والدرر ما يذهل الأبصار؛ فلم يلتفت الرشيد إليه؛ فغضب أبو نواس، وكتب لدى خروجه على باب الرشيد:
لقد ضاع شعري على بابكم كما ضاع در على خالصة
ولما وصل الخبر الى الرشيد، حنق وأرسل في طلبه، وعند دخوله من الباب محا تجويف العين من لفظتي (ضاع) فأصبحت (ضاء)، ثم مُثل أمام الرشيد؛ فقال له: ماذا كتبت على الباب ؟ فقال: لقد ضاء شعري على بابكم كما ضاء در على خالصة فأعجب الرشيد بذلك وأجازه؛ فقال أحد الحاضرين: هذا شعر قلعت عيناه فأبصر.
من الأخطاء الشائعة
-الخطأ : تمعَّن في الأمر- الصواب : أمعن النظر، أو أنعم
النظر- السبب: لأن تمعَّن معناها: تصاغر، وتذلل انقياداً،
وهي لاتفيد التدقيق والتمحيص المراد من اللفظ .
-الخطأ: بتَّ في الأمر- الصواب: بتَّ الأمر- السبب: الفعل (بَتَّ) يتعدى بنفسه؛ لذا علينا أن نقول: بتَّ فلان الأمر ، ولانقول : بتَّ فلان في الأمر ، إذا نواه وجزم به .
الخطأ: تخرَّج من كلية - الصواب : تخرَّج في كلية- السبب: تقول: تخرَّج في كلية اللغة العربية؛ لأن تخرج في العلم بمعنى تعلمه وتدرب عليه ، وأنهى مواده ومنهجه ، وتخرج في الكلية بمعنى تعلم فيها وتدرب ودرس مناهجها، ولايفيد ذلك قولنا : تخرج من الكلية.
-الخطأ: تعوَّد على العمل- الصواب: تعوَّد العمل- السبب: الفعل (تعوَّد) يتعدى دون ( على )، كأن تقول : تعوَّدت العمل مبكراً، ولكن كثيرين يعدونه بعلى؛ فيقولون: تعود فلان على العمل ، وهذا غير صحيح ، ومنه قول أبي تمام:
تعوَّد بســـــط الكف حتى لو أنه
ثناهـــــــا لقبضِ لم تُطِعه أناملـــــه
- الخطأ أن يقال: هذا الكتاب عديم الفائدة
والصواب: هذا الكتاب معدوم الفائدة؛ لأن العديم
هو الذي لا يملك المال، وهو الفقير من أعدم
أي افتقر، وقد حمل معنى هذه اللفظة
من المعنى المادي إلى المعنوي
لاتوجد تعليقات