واجبنا نحو الأقصى!
أتساءل كما يتساءل غيري، هل نصرة القضية الفلسطينية تكون بتفريغ شحنة الغضب بحرق العلم الإسرائيلي أو بهتافاتٍ وشعاراتٍ رنانة، أو مظاهرات ووقفات احتجاجية، أو استنكارات وشجب وتنديد وبيانات، أو المطالبة بطرد السفراء وقطع العلاقات الدبلوماسية مع العدو الصهيوني والأمريكي أو في المقاطعة الاقتصادية للمنتجات اليهودية والأمريكية، وعدم التطبيع معهم وفقط؟! هل هذا هو الحل؟ أم أن هناك واجبًا أعظم نحو مقدساتنا وثوابتنا الدينية في وسع كل فردٍ مِن أفراد أمتنا الإسلامية؟!
الإجابة بلا شك أوسع من ذلك بكثير، فمجالات النصرة متعددة، وأنواع الدعم الواجبة التي في استطاعتنا كثيرة، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ومن ذلك:
إحياء القضية
إحياء القضية وإذكاؤها، وغرس مكانة القدس والأقصى في نفوس أبنائنا وشبابنا والأجيال القادمة؛ حتى لا تُنسى.
التألم لآلام المسلمين
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (رواه مسلم).
الدعاء
قال الله -تعالى-: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر:60)، (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} (البقرة:186)، وقال صلى الله عليه وسلم : «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ» (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)؛ فالله هو القوي القدير العزيز الذي لا يعجزه شيء.
التوكل على الله
التوكل على الله والافتقار والذل، والانكسار له والتضرع، وطلب العز منه، وليس مِن الشرق أو الغرب: قال الله -تعالى-: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (المنافقون:8)، وقال -تعالى-: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (المائدة:23)، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام؛ فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله».
الطاعة
الطاعة والصلاة والإخلاص: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا: بِدَعْوَتِهِمْ، وَصَلَاتِهِمْ، وَإِخْلَاصِهِمْ» (رواه النسائي، وصححه الألباني)، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «إننا ننتصر على عدونا بطاعتنا لله ومعصية عدونا له، فإذا استوينا في المعصية كانت لعدونا الغلبة بالعدد والعدة»، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد:7).
الأمل والرجاء
بث روح الأمل والرجاء والثقة في أن المستقبل للإسلام واليقين في وعد الله وعدم اليأس والإحباط ودفع روح الهزيمة النفسية: قال -تعالى-: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَاد}، وقال -تعالى-:{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
بث روح الجهاد
إحياء روح الجهاد: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : «لا يَدَعُ قَوْمٌ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ إلا ضَرَبَهُم اللهُ بِالذُّلِّ»، وقال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ»(رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ» (رواه مسلم).
مجاهدة النفس قبْل مجاهدة العدو، فمن خان حيَّ على الصلاة، خان حيَّ على الكفاح، خان حي على الجهاد: قال الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}(العنكبوت:69)، وقال صلى الله عليه وسلم : «وَأَفْضَلُ الْجِهَادِ: مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ وَهَوَاهُ فِي ذَاتِ اللهِ» (رواه الطبراني، وصححه الألباني)، وذكر ابن القيم -رحمه الله- الجهاد على ثلاث عشرة مرتبة: جهاد النفس أربع مراتب، وجهاد الشيطان، والشبهات والشهوات.
وقال الشيخ أبو بكر الجزائري: «لا ينتصر المسلمون على اليهود إلا عندما يكون عدد المسلمين في صلاه الفجر كعددهم في صلاه الجمعة!»، فإن ميدانكم الأول أنفسكم إن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر، وإن أخفقتم فيها كنتم على غيرها أعجز، وكما قيل: أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم وفي بيوتكم، تقم على أرضكم، قال صلى الله عليه وسلم : «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِه» (متفق عليه).ِ
ترك الذنوب
لابد من ترك الذنوب والمعاصي؛ فما نزل بلاء إلا بذنبٍ، وما رفع إلاّ بتوبة، قال الله -تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} (الشورى:30)، ألا نستحيي مِن أنفسنا على ما يحدث في مجتمعنا مِن إدمان الخمر والمخدرات، والتدخين والشيشة، وسماع الموسيقى ومشاهده القنوات الإباحية، و تضييع الصلوات ومعاكسة الفتيات، والرقص والمجون، ثم نقول أين النصر؟!
القدس إسلامية وليست قضيه قومية أو جنس بعينه؛ فهي لعباد الله الموحدين المؤمنين الصادقين: قال الله -تعالى-: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (الأنبياء:105).
طبيعة اليهود
تذكير المسلمين بطبيعة اليهود وصفاتهم في القرآن والسُّنة مِن: الغدر والخيانة، وقتل الأنبياء، ونقض العهود، وسب الله والفساد في الأرض، وأكل الربا، والسحر، ونشر الفواحش، وتاريخهم الأسود عبْر الزمان.
الولاء والبراء
إحياء قضية الولاء والبراء، والحب والبغض على أساس العقيدة والدين، وليس الأرض والتراب: قال الله -تعالى-: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (البقرة:120)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} (المائدة:51).
غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم
لابد من تذكير الشباب بغزوات الرسول ومعارك الإسلام، مثل: فتح الأندلس، وموقعة حطين، وعين جالوت، والزلاقة، وأبطال الإسلام، مثل: خالد بن الوليد والقعقاع بن عمرو، وعقبة بن نافع، وقتيبة بن مسلم، وطارق بن زياد، وصلاح الدين، وسيف الدين قطز، ومحمد الفاتح، فهؤلاء هم القدوة والأسوة؛ فتشبهوا بهم إن لم تكونوا مثلهم، إن التشبه بالكرام فلاح، وقال -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب:21).
الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله والعمل للدين وحمل همّ الإسلام، والشعور بالتحدي والمسؤولية، والبذل والتضحية بالنفس، والمال، والوقت، وترك الدعة والكسل، وترك الانشغال بالدنيا والشهوات.
لاتوجد تعليقات