وائل الحساوي.. مدرسة فكرية إعلامية
- في منتصف السبعينيات وتحديدا في يوم السبت 8/5/1975 في مدينة (سيراكيوس) بوسط ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، اجتمع عدد من الطلبة الكويتيين؛ لإقامة عمل دعوي ينظم نشاطهم، وكان من ضمن أهدافه إصدار مجلة إسلامية شهرية، تهتم بالدعوة للعودة إلى التقيد بالكتاب والسنة الصحيحة، وفهمهما على النهج الذي كان عليه السلف الصالح، هذه المجلة سميت: (مجلة الهجرة)، واستمرت حتى عام 1991.
- وفي الوقت ذاته اهتم مجموعة من الشباب في الكويت بالكتابة الصحفية في الصحف المحلية؛ فكانت بدايتهم يوم الخميس 1/10/1976 من خلال (صفحة الشؤون الدينية) في جريدة الوطن الكويتية، التي كانت تنشر يوم الجمعة، وقد حملت الصفحة على عاتقها نشر العقيدة السليمة، وتصفية الإسلام من البدع والخرافات، واستمرت هذه الصفحة على مدى ثماني سنوات، لخصتها في كتاب من 42 صفحة، وطبع عام 1985، وكان يرصد ما نشر من مواد، والكتاب الذين ساهموا في الكتابة.
- هذان المنبران، منبر (مجلة الهجرة) في أمريكا، ومنبر (الصفحة الدينية بجريدة الوطن)، خرج منهما مجموعة من الكتاب على منهج الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وكان من أبرزهم د. وائل محمد الحساوي، الذي أصبح كاتبا معروفا ومرموقا بكتاباته الرصينة، وبقلمة المهني المحترف؛ فكتب على مدار 45 عاما، أكثر من 3000 مقال ومادة صحفية، فضلا عن المقابلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية.
- هذه البدايات الصحفية كانت النواة لانطلاق (مجلة الفرقان) في عام 1989، واستمرارها إلى اليوم، وقد كان للدكتور وائل الحساوي الفضل في تأسيس المجلة وانتشارها، من خلال الكتابة والإشراف عليها حتى عام 2020، واستقطاب الكتاب من العلماء والمشايخ ودكاترة الشريعة للكتابة فيها.
- ثم انتقل د. وائل الحساوي إلى مجال آخر من الكتابة؛ فكتب عمودا صحفيا في جريدة الأنباء، ومن ثم جريدة الرأي، مع استمراره في الكتابة في مجلة الفرقان، ولا سيما كتابة الافتتاحية الرئيسية لها. ثم تطور الفكر الإعلامي عند د.وائل الحساوي إلى مساحة أكبر وأشمل من الإعلام؛ فعمل على إنشاء (قناة المعالي)؛ حيث كان أول بث لها في عام 2009، وكان من أهداف قناة المعالي التركيز على المحتوى الإسلامي المبني على كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وتعزيز عقيدة التوحيد والاتباع، ونشر المحتويات المرتبطة بالعلم الشرعي.
- ولم يقف د. وائل الحساوي عند هذا الحد، بل أسس (مركز ابن خلدون للدراسات الاستراتيجية) الذي يعد إضافة فكرية تقدم اهتمامات د. وائل وتطلعه لوضع حلول لمشكلات الأمة الإسلامية، من خلال طرح قضايا فكرية معاصرة.
- استغربت -وأنا أبحث في مقالاته- أنه كان يكتب مقالين على الأقل في كل أسبوع في إحدى الجرائد المحلية على مدى 30 عاما، فضلا عن اللقاءات الصحفية والتلفزيونية، وعمله الأكاديمي. لقد كان د. وائل شعلة نشاط، وطاقة من المحبة والتقدير لمن حوله لا تنضب، وعملا مهنيا وصحافة إعلامية لاتتوقف، وعلاقة متميزة مع أسرته وأهله، وعلاقات اجتماعية وثقافية ودعوية مع العلماء والمشايخ والمفكرين، وقد شارك في العديد من المؤتمرات العلمية في داخل الكويت وخارجها.
- إنني أجد صعوبة في الحديث عن الأخ د. وائل الحساوي (أبوالمنذر)؛ فهو من أخص اصدقائي وإخواني في الله، لم أسمع منه طيلة 50 عاما كلمة تسيء لأحد أو تضايق أحدا، بل كان شخصا محترما مقدرا من الجميع.. إذا تكلم فله هيبة داخلية، تفرض نفسها على الآخرين؛ فهو يعمل دون كلل أو ملل.. ولا يتذمر من أحد، كما أنه يبذل كل شيء لإنجاح العمل دون تأفف.
- وبناء على ما سبق وما استعرضته في هذه المقالة الموجزة فإنني أعتقد بحكم معرفتي بالأخ العزيز د. وائل الحساوي أنه مدرسة فكرية جديدة في الإعلام الإسلامي الهادف؛ تستحق الدراسة والرصد والمتابعة، وأسال الله له الشفاء والاستمرار في العطاء
لاتوجد تعليقات