-هيلاري كلينتون تقود الضغوط الأمريكية لتكريس ادعاء المساواة بين الرجل والمرأة-الحملة المشبوهة بدعوى تمكين المرأة تتصاعد
في إطار الجهود الأمريكية لتكريس هيمنة المرأة داخل المجتمعات العربية والإسلامية، وفي إشارة واضحة على تصاعد الجهود للوصول إلى ما تطلق عليه واشنطن «إقحام المرأة في ميادين ليست لها»، أدلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بتصريحات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أكدت فيها دعمها للمرأة على مستوى العالم في جهودها الرامية للحصول على المساواة في المعاملة ومخالفتها للفطرة السليمة.
كتبت كلينتون في مقالة نشرتها صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية ": سأكون محامية تجد آذانا مصغية"، مؤكدة أن دعم حقوق المرأة حتى في هذه المرحلة التي تسيطر عليها أزمة اقتصادية عالمية ليست مجرد التزام أخلاقي فحسب، بل ضرورة أيضا، مضيفة: "تشكل النساء النسبة الكبرى من الفقراء والأميين والضعفاء من الناحية الصحية على مستوى العالم".
ولفتت كلينتون وفي تجاهل واضح لأحداث غزة الدموية إلى أن تبوء السيدات المناصب السياسية هو السبيل الوحيد للتخفيف من وطأة الحروب كونها أقدر على مد الأيدي للسلام، وكأنها تناست أن الإجرام الصهيوني على قطاع غزة تم بمباركة من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (كوندوليزا رايس)، ونظيرتها الصهيونية (تسيبي ليفني).
وأشارت الوزيرة الأمريكية إلى أن العديد من المناطق في العالم تشهد تصاعدا للممارسات العنيفة ضد المرأة، لافتة إلى أن هناك ممارسات تمييزية تواجه المرأة في الصين وأفغانستان، كما أن النساء يحصلن في الكثير من الدول على أجر أقل من الرجال في الوظائف نفسها حتى في الدول المتقدمة.
وأكدت كلينتون أنها ستستغل منصبها الجديد بهدف دفع عملية المساواة، مؤكدة أن هذه المسألة ليست مجرد قضية عدالة فحسب، بل قضية ذات صلة بالسلام والتقدم العالمي.
الضرب على وتر تمكين المرأة في العالم لم يتوقف عند هذا الحد؛ حيث دخلت على خط الأزمة مجموعة من خبيرات القانون الأوروبيات وجدن في مؤتمر عقدته اللجنة الاتحادية السويسرية لشؤون المرأة بالعاصمة برن، أن هناك فرقًا شاسعًا بين الواقع وما طالبت به المنظمات الأممية والدولية وغير الحكومية.
وأكدت الرئيسة السابقة للجنة الدولية لمكافحة القمع ضد المرأة الخبيرة البرتغالية ماريا داسيلفيا أن "تلك الهوة الكبيرة تعود إلى عدم تحويل الالتزامات المنصوص عليها في المعاهدات الدولية إلى خطوات عملية سواء في القوانين التي تتعامل مع مشكلات المرأة أمام القضاء أم في الضمانات التي يجب تقديمها للحصول على حقوقها".
وأشارت إلى أن دراسة عن أوضاع المرأة في مئة دولة أثبتت أن مشكلات النساء "متشابهة مهما اختلفت الثقافات، وتنقسم إلى أربع مجموعات أساسية، أولاها تعرضها للعنف بأشكال مختلفة سواء في الأسرة أم في المجتمع، والثانية غياب دورها في ممارسة حقوقها السياسية مثل المشاركة في الانتخابات والحصول على مناصب حكومية".
أما المشكلة الثالثة فهي تتركز في وضع المرأة العاملة وعدم مساواتها في الرواتب مع الرجل، وتضييق الخناق على الأم التي لا تحصل على حقوق تتيح لها الجمع بين رعاية الأطفال والتقدم الوظيفي، في حين تبقى المشكلة الرابعة في الصور النمطية السلبية المنتشرة في كل المجتمعات عن المرأة الضعيفة التي يمكن استغلالها في كل شيء؛ لأنها بلا حقوق.
يأتي هذا في الوقت الذي وزعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» اتهامات للعديد من الدول العربية بمخالفة حقوق الإنسان فيما يخص المرأة، وكانت الكويت أولى الدول التي نالتها الانتقادات فيما يخص منع تشبه الرجال بالنساء، وهو ما عدته المنظمة مخالفًا للحريات العامة.
وكذلك انتقد التقرير الأخير لـ«هيومان رايتس ووتش» السعودية، واتهمها بمعاداة المرأة ومنعها من ممارسة حقوقها ولاسيما حرمانها من الخروج من المنزل دون محرم ومنعها من تبوؤ منصب القضاء.
وقد تزامنت تصريحات كلينتون ونتائج مؤتمر الناشطات الأوروبيات في مجال المرأة مع حزمة من التحركات العربية الساعية لتكريس تمكين المرأة، بدأت في مصر مع تنظيم المجلس القومي للمرأة مؤتمرًا دوليًا حول المرأة في المناصب القيادية، وتصاعد المساعي لإقرار قانون جديد للأحوال الشخصية يصب في خانة رفع الظلم الواقع على المرأة بحسب مزاعمها، ويضمن حق المرأة في رعاية أسرتها مع ضمان حقها في الترقي في المناصب وحظر كافة أشكال التمييز والعنف ضد المرأة.
وفي المغرب صعّد «اللوبي» النسوي من ضغوطه لتمكين المرأة من ولوج المناصب القيادية وتعزيز ثقافة المساواة بحسب تصريحات لوزيرة التضامن الاجتماعي والأسرة نزهة الصقلي.
أما على الجانب الأردني فهناك مساعٍ لإقرار تعديلات تصب في الإطار نفسه، وعلى رأسها إجراء تعديلات قانونية تعطي أبناء المرأة الأردنية الحق في الحصول على الجنسية ومناهضة العنف ضد المرأة عبر إقرار حزمة من التعديلات تنسجم مع الحقوق التي يوفرها ما يطلق عليه مدونة المرأة، ومنها «الكوتا» الانتخابية التي تفعّل من دور المرأة في الحياة السياسية والبرلمانية.
وما من شك أن هذه التحركات العربية تأتي استجابة لكم هائل من الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية لتفعيل ما يمكن أن نطلق عليه اصطلاحًا تمكين المرأة من تكريس نفوذها في العالمين العربي والإسلامي في السنوات الأخيرة التي أصبحت المرأة فيها تشكل معلمًا أساسيًا في مناقشات سياسية واقتصادية واجتماعية، فلا يمكن أن يمر يوم واحد دون أن تجد مؤتمرًا أو ندوة أو ورشة عمل تناقش حقوق المرأة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وضرورة إنقاذها من ظلم المجتمعات الذكورية التي يؤدي فيها الموروث الديني - بحسب زعمهم - دورًا في تكريس التمييز ضد المرأة. ولا يبدو خفيًا مدى الدعم الأمريكي والأوروبي الذي تحصل عليه آلاف من المنظمات النسوية أو المتعاطفة مع المرأة لكل الفعاليات التي تقوم بها هذه المنظمات، لدرجة أن إحدى هذه المنظمات، وهي منظمة قضائية عربية، قد اعترفت بتلقي مبلغ 100 ألف دولار لعقد مؤتمر إقليمي يشارك فيه نشطاء وناشطات من معظم الدول العربية لمناقشة ما دعوه بحق المرأة في أن تصبح قاضية في مختلف أنواع المحاكم العربية، وعدم قصر ذلك على محاكم الأحوال الشخصية والأسرة.
ولم تكتف واشنطن وحلفاؤها بذلك، بل إنها ربطت المعونات الاقتصادية والدعم السياسي الذي تقدمه للدول والأنظمة الحليفة بما تحققه من نجاح في إطار تمكين المرأة ومساعدتها في الحصول على حقوقها المزعومة، وتغدق واشنطن المساعدات على العديد من المنظمات غير الحكومية لإيجاد ما يشبه «اللوبي» لدعم مكانة المرأة.
ويتردد بقوة أن هذه الضغوط وقفت وراء طرح مسألة الولاية العامة للمرأة على أعلى المستويات في العالم العربي، وخروج فتاوى من المؤسسات العامة الرسمية العربية تؤيد حق المرأة المزعوم في الولاية العامة وحقها في الحصول على منصب رئيس الجمهورية ومناصب القضاء، وحديث بعضهم عن رد الاعتبار للمرأة في جميع مؤسسات المجتمع، وطرح مسألة إعطائها «كوتا» في جميع المجالس النيابية والتشريعية وفي مؤسسات العمل النقابي لتصير شريكًا فاعلاً في كل هذه المؤسسات.
وقد أدى المعهد الديمقراطي لنشر الديمقراطية ومقره واشنطن دورًا مهمًا في تقديم دعم مالي سخي لمنظمة المرأة العربية لطرح مسألة دور المرأة البرلماني ومناقشتها من خلال أنشطتها المختلفة والمطالبة بإيجاد نسبة نسائية داخل البرلمانات العربية بمعدل 25% من أعضاء هذه البرلمانات وإعادة العمل بنظام «الكوتا» الذي ألغي في بعض الدول العربية.
ومما زاد الطين بلة أن تصريحات كلينتون الأخيرة ومقررات مؤتمر الاتحاد الأوروبي الخاص بالمرأة تأتي في إطار عودة الحديث عن الربط بين عمليات التطوير والتغيير في العالم العربي وبين تمكين المرأة، وهو أمر استساغته أغلب الأنظمة العربية خصوصًا أن هذا التمكين لا يضر بمصالح حيوية لهذه الأنظمة، ولا يقلل أبدًا من هيمنتها على السلطة؛ لذا فلا بأس من مجاراة الأمريكان وحلفائهم الأوروبيين في هذا الشأن إذا كان ذلك سيخفف ضغوط هذه الدول على الأنظمة فيما يتعلق بتخفيف قبضتها على السلطة.
وينتظر بحسب مختصين أن تتصاعد المرحلة القادمة، خصوصا بعد تصريحات كلينتون الأخيرة، المساعي الأمريكية لتهيئة التربة لهذا التمكين عبر استغلال حالة الضعف التي تمر بها الأنظمة العربية، التي تجعلها لا تبدي معارضة لكل ما يطرح عليها رغم خطورته الشديدة على الخصوصية الثقافية والدينية لهذه المجتمعات، وإدراكها كذلك للمخطط الأمريكي الذي يسعى من وراء تمكين المرأة إلى تذويب هوية المنطقة وإشاعة الانحراف الأخلاقي في المجتمع وصولاً إلى الهدف الأهم، وهو تدمير الكيان الأسري الإسلامي عن طريق شغل المرأة بأمور مخالفة لفطرتها الإنسانية الرقيقة الحانية، وعن رسالتها الأهم وهي إخراج النشء المسلم القادر على الدفاع عن أمته المسلمة والرد عنها ضد الأعداء انطلاقًا من منظومة عقدية ودينية قوية، وهو أمر فشلت في تحقيقه في السنوات الأخيرة وخلال مؤتمرات السكان المختلفة التي رعتها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المشبوهة، وسعيًا لتحقيق هذا الهدف تستخدم واشنطن جميع الأساليب، فهي لا تكف عن تنظيم دورات ومؤتمرات لتأهيل هذه الكوادر النسائية: إما باستضافة شخصيات نسائية عربية تتبنى الفكر التغريبي في العاصمة واشنطن، وتقديم دعم مالي كبير لها والضغط لتكليف هذه الشخصيات بمناصب سياسية، أو تمويل هذه المؤتمرات كما حدث خلال المؤتمر الأخير في واشنطن الذي دعيت له عديد من سيدات الأعمال العرب وكذلك سيدات مقربات من دوائر صنع القرار لدعم هذه المخططات.
بل إن واشنطن قد وقفت بقوة خلف قرارات تشكيل مجالس قومية للمرأة في العالم العربي، وهي مجالس لا هدف لها إلا تأكيد هيمنة المرأة على المجتمع واستغلال نفوذها في إعطاء جميع القوانين التي يتم صياغتها بطابع نسوي بحت، متغافلة عن أن العديد من الحقوق التي يحاول الغرب ضمانها للمرأة قد تخالف عقيدة السواد الأعظم من شعوب المنطقة وثقافتهم، فمن ضمن حزمة هذه القوانين ما يسمى بحقها في الحرية الجنسية والإجهاض وممارسة الجنس خارج نطاق الأسرة وإعطائها وظائف تخالف فطرتها الإنسانية وتركيبتها البيولوجية تحت زعم المساواة بين الجنسين.
بل إن واشنطن قد مولت مطبوعات وكتبًا للعديد من الكتاب المعروفين تزعم أن الإسلام هو المسؤول عن المظالم التي تعرضت لها المرأة، وأنه المسؤول عن حبسها في منزلها، وعدم تبوئها المكانة التي تليق بها عبر تفضيل الرجل عليها بآيات القوامة والميراث، واستغلال هذا الأمر لتشويه صورة الإسلام، فضلا عن التقليل من شأنها بحرمانها من المناصب الراقية، وتكريس النفوذ الذكوري، بل إن إحدى الكاتبات المعروفات حاولت التأكيد على أن «عصر الحريم» الذي حاول الإسلام وضع المرأة في إطاره قد انتهى بغير رجعة، وأن هذا العصر هو عصر المرأة. ولم تخجل مجالس المرأة في أن تشدد من ضغوطها لإعطاء المرأة ما تزعم كونه حقوقًا مثل إعطاء المرأة الحق في تطليق نفسها أو الحصول على حق الخلع، غير عابئة بالخسائر المعنوية والمادية التي تصاب بها المرأة عبر هذا النظام، متجاهلة بشكل تام أن الإسلام قد صان حقوقها وساوى بينها وبين الرجل في جميع الحقوق البسيطة مع ميزات أعطاها لكل جنس حسب تركيبته البيولوجية، دون أن يعني هذا تفوق جنس على الآخر إلا بالتقوى والعمل الصالح، فضلاً عن أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي نظر للمرأة نظرة إنصاف وتكريم ككيان مهم في المجتمع ومؤثر، وليس مصدرًا لغضب الله وللشقاء والتعاسة كما امتلأت بذلك العديد من الكتب في النصرانية واليهودية، بل إن الإسلام هو أول من أعطى للمرأة ذمة مالية مستقلة منذ أكثر من 1400 عام، في وقت رفضت أوروبا فيه لعقود وقرون طويلة إعطاءها هذه الذمة باعتبارها تابعة ماديًا للرجل.
وإمعانًا في تكريم الإسلام للمرأة فقد أعطاها الحق في أن تحتفظ باسمها، وألا يلحق اسمها باسم زوجها؛ فهي ليست كائنًا مهملاً، بل إنه صان عفتها وشرفها وعرضها، فاحتفاء الإسلام بالمرأة كان كبيرًا؛ فقد أكرمها وصانها ووضعها في الموضع الذي يليق بها بوصفها عاملا من عوامل الاستقرار والرشاد في المجتمع، فهي المسؤولة عن تربية النشء وتهذيب الأخلاق، وهي مهمة ومعلم أساسي من معالم الإسلام.
وإذا كانت الحملة لتكريس نفوذ المرأة قد أحدث طابعًا نظريًا وثقافيًا في السطور السابقة؛ فإننا نرى حاليًا أبعادًا أخرى لهذا الأمر يرصدها المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض في مصر، بالإشارة لوجود تصميم على اقتحام المرأة المسلمة مجالات تخالف الفطرة الإنسانية وتخدش حياءها الأخلاقي ومعتقداتها، وليس بعيدًا عنا ما حدث في محاولة تكريس الغزو النسائي للساحة القضائية؛ حيث أعلن عن تأهيل أكثر من 400 امرأة من العاملات في النيابة والرقابة الإدارية للتعيين في السلك القضائي في مجاملة مفضوحة لشخصيات مقربة من السلطة، ضاربين بعرض الحائط مخاطر هذا الأمر على مكانة القضاء وهيبته.
وأوضح المستشار مكي أن حديث وزير الخارجية الأمريكية عن إنصاف المرأة وتمكينها حديث أجوف ولا هدف له إلا تخريب المجتمعات الإسلامية وتدمير الكيان الأسري الإسلامي بشغل المرأة عن وظيفتها الأهم وهي تربية أجيال محترمة وملتزمة بتعاليم دينهم وجرها إلي مخططات الانحلال والقذارة الأخلاقية، وهو الأمر الذي يكشف قذارة المشروع الغربي الساعي لإفساد المرأة المسلمة.
واستغرب نائب رئيس محكمة النفض حديث الغرب عن الحفاظ علي حقوق المرأة رغم أضراره على ضمان تعرية المرأة وتحويلها إلى سلعة جنسية بحتة تخاطب الغرائز المنحطة فقط، وذلك بإصرار الغرب على وضع معايير لتعرية المرأة وإشاعة الفاحشة وخلق حالة من الجرأة من جانب المرأة على مخالفة تعاليم ديننا الحنيف الذي يحث على الحشمة والاستقامة والبعد عن كل ما يغضب الله.
وفي الإطار نفسه يرى الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب - أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة - أن الغرب ولتحقيق مساعيه لتخريب المجتمعات الإسلامية قد بدأ أولاً بوضع المرأة على رأس المناصب السياسية الحساسة لديه، وهو ما ظهر في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول، ثم مارس ضغوطا شديدة لنقل هذا السيناريو إلى دول العالم العربي التي تعاطت تعاطيا إيجابيا وإن كان بوتيرة أقل؛ حيث سجلت المرأة حضورًا لافتًا في معظم المناصب السياسية، وإن لم تكن الرئيسة التي تخطو المرأة خطوات حثيثة للوصول إليها مدفوعة بالضغوط الشديدة التي تمارس على الدول العربية لإقرار نظام: «الكوتا» للنساء داخل البرلمانات لضمان حد أدنى لهن في هذه المجالس لأداء دور في تنفيذ أجندة الانحراف والتفسخ الأخلاقي التي يسعى الغرب لاستخدام المرأة «حصان طراودة» لتنفيذها في دولنا.
ويرجح د.عبد المطلب أن تتصاعد الحملة المسعورة للغرب خلال المرحلة المقبلة مع إشارة كلينتون إلى تحولها لمحامي للمرأة في العالم، وانسجام ذلك الأمر مع رغبات «اللوبيات» النسائية واسعة النفوذ والساعية لتمكين المرأة من الحصول على مناصب رفيعة وتسخيرها لإعلان الحرب على تعاليم الإسلام والقضاء على الكيان الأسري الإسلامي، الذي شكل خلال العقود الأخيرة حائط صد لتذويب الهوية الإسلامية لشعوب المنطقة، مشددا على أهمية وجود مقاومة عربية رسمية وشعبية لهذا المد النسائي، بدلا من الانتظار حتى ينجح الغرب في أن يهلك الحرث والنسل.
وحمل أستاذ الشريعة الإسلامية بشدة على انتقادات منظمات حقوق الإنسان لعديد من الدول العربية، معتبرًا هذا تجاهلاً لخصوصية المرأة المسلمة وتدخلاً غير مسوّغ في شؤون تخص سيادة دول، منتقدًا عدم اهتمام هذا التقرير بانتشار وباء الشذوذ واللواط في المجتمعات الغربية، وهو ما يأتي في سياق سياسة ازدواج المعايير التي تطل علينا من آن لآخر في وقت نسعى للحفاظ على كرامة المرأة المسلمة وإبعادها عما يخالف دينها وعقيدتها، وليس الانجرار للهوة السحيقة التي يسعى الغرب لإيقاعنا فيها.
هناك من يستهدف المرأة المسلمة عامة والمرأة الخليجية بصفة خاصة بقصد إخراجها من بيتها وشغلها عن القيام بمهمتها في تربية الأجيال والوقوف بجانب زوجها وأبنائها.
والأنكى من ذلك أن نجد بعض الجمعيات النسائية تتسابق في الركض وراء الدعوات الغربية، والمطالبة بتغيير حتى قوانين الأحوال الشخصية التي تمثل الشيء الوحيد الذي بقي تطبيقه من الأحكام الشرعية، فإلى متى تكون المرأة المسلمة مخدوعة ببريق الحضارة الغربية التي أثبتت فشلها في الكثير من الجوانب وأفسدت الأسرة والمجتمع؟!
وفي الكويت تم تخريج الدفعة الأولى لضباط (الشرطة النسائية) حتى تلقي التحية وتترجل في وسط الشوارع وتقتحم الشقق والمحلات وأماكن الجرائم وسكن العزاب، ولا بد للشرطي الرجل الذي هو أقل منها رتبة أن يلقي التحية!
إنها مساواة حقيقية تخالف الشرع وضعف المرأة وفطرتها الأنثوية التي فطرها ربها عليها ..
ومن حكمة الله - عز وجل - العادل اللطيف بعباده أن خلق المرأة من ضلع آدم وكلفها بأمور تنسجم مع فطرتها وأنوثتها وتتناغم مع عزتها وحيائها، فأمرها بتوحيد الله - عز وجل - والصلاة والزكاة وطاعة الزوج وتحصين الفرج: «المرأة إذا صلت خمسها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت جنة ربها»، وحرم عليها أن تتمنى وظيفة الرجل: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً}(النساء:32)، وعليه نقول للأخت وللأم وللزوجة وللبنت: لا تغريكن هذه العناوين البراقة والعبارات الجذابة، فهم لا يريدون للأمة إلا الانحدار والانغماس في الشهوات والملذات حتى يؤول أمر الأمة إلى الضياع بعد نشر العداوة والبغضاء والخصام في المجتمع، وإيجاد جيل متمرد على الدين والقيم والأخلاق؛ لتستمر لهم الغلبة؛ ففي الحديث: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».
لاتوجد تعليقات