رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 22 أكتوبر، 2019 0 تعليق

هل يمنع الإسلام التقدم؟

 

21/10/2019

- المسلم الحق  قوي الإيمان، مدرك لسنن الله في الكون، يعلم أن للتمكين والقوة أسباباً؛ فالأمة الإسلامية عندما كانت متمسكة بدينها فيما مضى عاملة بكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، صحيحة في عقائدها، صالحة في أعمالها، حسنة في معاملاتها وعاداتها، كريمة في أخلاقها، بصيرة في أمر دينها ودنياها، وراقية في آدابها وعلومها؛ كانت عزيزة الجانب، قوية الشوكة، صاحبة سلطان وصولة، وممسكة بأدوات التطور والعلم، قوية أمام التحديات التي واجهتها، ومسيطرة على مكونات الحياة؛ فاستطاعت في فترة قصيرة أن ترتقي وتتطور في شتى العلوم، حتى أن الغرب أخذ من حضارة الإسلام الشيء الكثير.

- ولكن عندما ضعفت الأمة الإسلامية وتخلفت عن دينها، وابتدعت في دين الله ما ليس منه: عقيدة، وقولاً، وفعلاً؛ تأخرت كثيرًا، وتخلفت عن الأمم، بل تسلط عليها الغرب والشرق وأضعفها، ومنع عنها أسباب التقدم والرقي، ولو رجعت الأمة إلى ما كان عليه السلف الصالح من التمسك بالدين، ونبذ الجهل والخرافات، لعادت لها القوة، والكرامة، والظهور في شتى المجالات.

- دعا هِرَقْلُ - وهو أحد زعماء الدول العظمى في وقته - أبَا سُفْيَانَ بنَ حَرْبٍ في مَجْلِسِهِ، وحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، فسأله تسعة أسئلة عن الدين الجديد وعن النبي - صلى الله عليه وسلم- ومنها: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ فقال أبو سفيان: يقولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وحْدَهُ ولَا تُشْرِكُوا به شيئًا، واتْرُكُوا ما يقولُ آبَاؤُكُمْ، ويَأْمُرُنَا بالصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصِّدْقِ والعَفَافِ والصِّلَةِ.

- ومما استنتجه هرقل بعد هذه المقابلة وتلك الأسئلة قوله: «فإنْ كانَ ما تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وقدْ كُنْتُ أعْلَمُ أنَّه خَارِجٌ، لَمْ أكُنْ أظُنُّ أنَّه مِنكُمْ، فلوْ أنِّي أعْلَمُ أنِّي أخْلُصُ إلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، ولو كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عن قَدَمِهِ».

- ثم قال هرقل لمن في مجلسه: «يا مَعْشَرَ الرُّومِ، هلْ لَكُمْ في الفلاحِ والرُّشْدِ، وأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هذا النبيَّ؟» فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إلى الأبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وأَيِسَ مِنَ الإيمَانِ، قَالَ: «رُدُّوهُمْ عَلَيَّ»، وقَالَ: «إنِّي قُلتُ مَقالتي آنِفًا أخْتَبِرُ بهَا شِدَّتَكُمْ علَى دِينِكُمْ، فقَدْ رَأَيْتُ»، فَسَجَدُوا له ورَضُوا عنْه، فَكانَ ذلكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ (صحيح البخاري).

- يقول العلامة ابن عثيمين -رحمه الله عما حصل في الدول الغربية التي لاتدين بالإسلام من التقدم في الصناعات وغيرها: «فإن ديننا لا يمنع منه، لو أننا التفتنا إليه، لكن -مع الأسف- ضيعنا هذا وذاك؛ ضيعنا ديننا، وضيعنا دنيانا، وإلا فإن الدين الإسلامي لا يعارض هذا التقدم، بل قال الله -تعالى-: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} الأنفال:60. وقال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} الملك:15. وقال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}».

- فلا عزة للأمة، ولا كرامة، ولا ظهور، ولا سيادة إلا إذا رجعت إلى دين الإسلام، رجوعًا حقيقيًا يصدقه القول والفعل، وعملت بأسباب القوة والتقدم المادية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك