رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر السياسي 17 أبريل، 2012 0 تعليق

هل يتمكن النظام السوري من تفريغ مهمة عنان من مضمونها؟

 

تفاقمت الأزمة السورية تصعيديًا إلى الأسوأ، نتيجة استمرار النظام في وعوده بوقف إطلاق النار ضد المحتجين السوريين وسحب قواته من المدن السورية، فرغم قبوله خطة المبعوث الأممي ـ العربي لسوريا «كوفي عنان» بوقف إطلاق النار، إلا أن قواته كعادتها تواصل عمليات القتل ضد المحتجين العزل، وفي ردود الفعل الدولية على تصرفات النظام مع هذه الخطة قال الرئيس التركي عبدالله جول: إن خطة كوفي عنان المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا فرصة عظيمة لدمشق، وأضاف: إن نجاح خطة عنان سيجعلها بمثابة فرصة مهمة للجميع، حيث قال: إنه من الضروري استغلال هذه الفرصة بشكل طيب، وأضاف: إن الخطة فرصة طيبة لسوريا والذين يحكمونها، ربما تكون الفرصة الأخيرة.

       وفي السياق نفسه أعلن موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان أن على سوريا السماح بإقامة «ممرات إنسانية»، حسبما أفاد المتحدث باسمه أحمد فوزي.

       وأضاف المتحدث: إن «عنان مدرك أن الوضع ليس مثاليا في هذا البلد في الوقت الحالي... هناك معتقلون يجب الإفراج عنهم ولا بد من إقامة ممرات إنسانية»، مذكرا بأن أكثر من مليون شخص هم بحاجة إلى مساعدات غذائية في سوريا بحسب الأمم المتحدة.

جاء ذلك متزامنا مع تحرك مجلس الأمن على وجه السرعة للاستجابة لدعوة عنان إلى نشر سريع لقوة دولية لمراقبة الهدنة في سورية.

       وينص مشروع قرار صاغته بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وطرح على مجلس الأمن الدولي على إرسال نحو ثلاثين مراقبا إلى سورية للإشراف على وقف إطلاق النار ويطالب بإعادة القوات السورية إلى ثكناتها.

       ويشير المشروع إلى البنود العسكرية في خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان التي التزمت دمشق بتطبيقها ليطلب منها تطبيقها «بطريقة واضحة». ويطالب النص كذلك «بأن تسحب الحكومة السورية قواتها وأسلحتها الثقيلة من التجمعات السكنية وتبقيها في ثكناتها».

وفي حال لم تلتزم دمشق بتعهداتها، «سيدرس مجلس الأمن كل التدابير الأخرى التي يراها مناسبة».

وقد تطرح هذه الفقرة مشكلة بالنسبة لروسيا التي ترفض توجيه إنذارات لحليفتها سوريا.

       وفي حديث ذي صلة قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: إن وقف إطلاق النار في سورية مجرد خطوة أولى وإن الولايات المتحدة تدعم إرسالة فريق مبكر إلى سورية على الفور قبل إرسال الأمم المتحدة المحتمل لبعثة مراقبين.

       وقالت كلينتون: إن وزراء خارجية «مجموعة الثماني» يرحبون بتقرير الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان بأن العنف في سوريا تراجع لكن هذه الخطوة مجرد عنصر واحد في خطة عنان، وقالت: إن على دمشق أن تنفذ بقية الالتزامات ومن بينها الانسحاب بقواتها ودباباتها من المدن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

وقالت كلينتون للصحافيين في وزارة الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة تدعم إرسال فريق مبكر فورا لبدء هذا العمل.

       وأضافت أن الفريق المبكر وكذلك بعثة المراقبين التابعة للأمم المتحدة سيحتاجان إلى حرية كاملة في الحركة واتصالات بلا عوائق وإمكانية للوصول إلى كل أنحاء البلاد وإلى كل السوريين إلى جانب ضمانات أمنية قوية من كل الأطراف.

إلى ذلك أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أنه لا يثق بصدقية نظيره السوري بشار الأسد ولا بفرص نجاح وقف إطلاق النار.

       وقال ساركوزي في لقاء مع قناة «ايه تيليه»:  لا أثق بصدقية بشار الأسد ولا بفرص نجاح وقف إطلاق النار. أعتقد أنه من الضروري إرسال مراقبين لنعلم ماذا يحصل، وذلك في وقت بدأت فيه أول مواجهات منذ دخول وقف النار حيز التنفيذ.

       وأضاف: يجب أن نعلم أن مدينة حمص وهي مسقط رأس زوجة الرئيس عانت كثيرا، (لا بد) من إرسال مراقبين لمعرفة ما يحصل وأنا مقتنع بأن الأسرة الدولية ستتحمل مسؤولياتها وستوجد الظروف اللازمة لإقامة ممرات إنسانية ليتمكن البؤساء الذين يتعرضون للاضطهاد اليومي من الهرب من الدكتاتور.

       ومن جانبه أعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن فرنسا تملك «قرائن» على قيام نظام الرئيس السوري بشار الأسد بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سورية تتيح اللجوء إلى القضاء الدولي.

       وقال جوبيه في تصريح صحافي أدلى به في ختام اجتماع لمجموعة الدول الثماني في واشنطن: لقد جمعت فرنسا عددا من القرائن التي تتيح، عندما يحين الوقت، خصوصا في الأمم المتحدة، اللجوء إلى القضاء الدولي؛ لأن هناك جرائم ضد الإنسانية ارتكبت بالتأكيد.

       ويعد تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية عدم صدور أي رد فعل دراماتيكي من أي من اللاعبين الرئيسيين على تصعيد عنف النظام السوري خلال الأيام المنصرمة هو أحد الأمور المقلقة، مشدداً على أن النظام عالق في دوامة، حيث زاد القمع رداً على تشدد الحركات الشعبية المعارضة.

       ورأى التقرير أن العالم الخارجي هو الآخر عالق بين أربعة تطورات مكلفة هي: إيران وحزب الله لن يتخليا عن دعم النظام، وروسيا والصين تحملان معارضي النظام مسؤولية عدم التوصل إلى حل وتريدان منهم إلقاء السلاح والدخول في حوار مع النظام، فيما الغرب لا يزال مرتبكاً حيث إنه استنفد كل الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية، فضلاً عن السجال الدائر في دوائره عن جدوى التدخل العسكري، وأخيراً السعودية وقطر اللتين أعلنتا نيتهما تسليح المعارضة من الصعب عليهما إيجاد خطوط لنقلها، فضلاً عن أن النظام الذي يملك جيشاً مدرباً ومسلحاً للغاية لن يركع.

       وأشار التقرير الذي حمل عنوان «مرحلة التشدد في سورية» إلى أن جميع السوريين صعقوا من مستوى العنف والكراهية الذي ولدته الأزمة، مبيناً أن المعارضة منقسمة بشكل جوهري بين أولئك الذين لديهم آمال زائفة بأن النظام سيوافق على مطلبها بالتخلي عن الحل الأمني، وأولئك الذين يدعون لتسليح المعارضة على الأرض وتدخل عسكري دولي.

       وقال التقرير: إن مهمة عنان على الرغم من أنها محبطة، إلا أنها الخيار الوحيد المطروح لبعض الوقت، مؤكداً أن الأولوية اليوم هي لخفض العنف ونشر المراقبين الدوليين مستدركاً بالإشارة إلى أن وجود المراقبين العرب قبل أشهر لم يوقف العنف نهائياً، وقال: إن وجود المراقبين الدوليين قد يحد من عنف النظام ويؤمن فسحة للتظاهرات السلمية، محذراً من أن عدم منح المراقبين تفويضاً واضحاً ونشرهم بسرعة في المناطق الحرجة لن يؤدي إلى وقف العنف وتحقق ذلك يعني تقديم دليل مقنع على أن هذه المقاربة ناجحة.

       إلا أن التقرير نبه إلى أن الأسد لن يغير مقاربته للأزمة بشكل جوهري إلا إذا حصل تغيير في موازين القوى سياسياً عبر تغيير موسكو لموقفها أو عسكرياً عبر تغيير على الأرض.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك