رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 18 مايو، 2015 0 تعليق

هل سحر السحرة المشرِّعين؟!

كلما طرح موضوع تشريعات أشد صرامة على السحرة والكهنة والعرافين اختلف نواب مجلس الأمة، وسحب المشروع إلى غير رجعة!!

     يا ترى ما السبب؟ رغم أن بيانات وزارة الداخلية أن أعدادهم في زيادة وخطورتهم واضحة، وأحكام العلماء فيها جاءت بالأدلة والبراهين الثابتة والقطعية، وشكاوى الناس فاقت الوصف، فلماذا لم يكن نواب المجلس بمستوى التفاعل الشعبي في الحق والباطل ومستوى الخطر والآثار السلبية؟

وجود السحرة والكهنة والعرافين وسؤالهم ضرر محض على دين الناس ودنياهم، وكبيرة من الكبائر، ففي الحديث: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم يقبل له صلاة أربعين ليلة» رواه مسلم.

ومن آتاهم وصدقهم بما يزعمون من علم الغيب والنفع والضر، فهذا كفر مخرج من ملة الإسلام، لحديث أبي هريرة مرفوعا: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » رواه أحمد.

ومن صدقهم معتقدا أن هذا الساحر يتلقى ممن يسترق السمع من الجن، ولم يعتقد معرفتهم الغيب وقدرتهم على ما لا يقدر عليه إلا الله، فهو على خطر عظيم جدا.

     والسحر أنواع متعددة، منها: ما يسمى بالصرف أي صرف المحبة إلى البغض، قال تعالى: { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (البقرة:102)، وسبب البغض الشك والريبة، أو استقباح الهيئة  فيراه بهيئة قبيحة على خلاف الواقع، وانقلاب الحال معهم وعدم الراحة لمجالستهم ومحادثتهم وسوء الظن بهم، ووقوع المشكلات معهم لأتفه الأسباب!

وسحر العطف: وهو سحر المحبة، وهو ضد الصرف، ويستخدمه الفجار للتوصل إلى ما يريدون وصاله وصالا محرما.

     ومنه ما يتسبب في مرض المسحور في جسده أو عقله أو كليهما، والدافع لديه في الغالب الانتقام! والساحر لا يكون ساحرا إلا عندما يتقرب بعبادته للشياطين، قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ} (الشعراء: 221-223).

     إن السحر إذا انتشر وشاع وذاع وراج في مجتمع طغى فيه الفساد والكفر، وقست القلوب، وجفت منابع الخير، وأصيب الناس بالعقد النفسية والمشكلات الوهمية وارتفاع القلق وزيادة معدلات الخوف والأرق والابتعاد عن الدين والصلاة، قال تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (الزخرف:36).

     والمسحور يعلم  بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ولا يكشف كربته إلا الله -عز وجل- فيصبر ويحتسب، ويخلص في الدعاء والعبادة، ويأخذ بالأسباب المشروعة في العلاج مثل الرقية الشرعية، ويذكر ابن القيم رحمه الله: «واستعمال الحجامة على ذلك المكان الذي تضررت أفعاله بالسحر من أنفع العلاج».

أما الذهاب إلى السحرة وغيرهم من أجل الاستشفاء أو معرفة المستقبل أو تسليطهم على الناس فهذا لا يسلم من الوقوع في كبيرة من الكبائر.

     ففي حديث عمران بن حصين مرفوعا: «ليس منا من تطير أو تُطير له، أو تكهن أو تُكهن له، أو سحر أو سُحر له، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » أخرجه البزار بسند جيد، وفي الحديث: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» قال النووي: معناه أنه لا ثواب له فيها.

وللأسف حتى الفضائيات تنقل السحر وكيفية استخدامه وبعض المواقع عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

     فهذا باب شر كبير، كنا نتوقع أن يجتمع نواب المجلس على كلمة واحدة في إنزال أشد العقوبات على هؤلاء المجرمين لمصلحة الأمة العامة، ويسنون سنة حسنة، تتأسى بهم الدول، لا أن يتفرقوا ويختلفوا على حساب الناس؛ فالشريعة الإسلامية جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها.

وإن  كان سحب المشروع لاستكمال النواقص وجعله أشد على السحرة والمشعوذين فيكون هذا أفضل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك