هل خرج الشيخ محمد بن عبدالوهاب على الدولة العثمانية؟
إن الدارس لحال نجد يلاحظ أنها منذ القرن الثالث الهجري كانت تنازعها سلطات مختلفة، فصلتها عن التبعية المباشرة لدولة الخلافة العباسية ثم العثمانية،فمنذ سنة «251هجري» استقلت دولة بني الأخيضر الزيدية في الحجاز عن الدولة العباسية وضمت إليها نجداً واليمامة، ثم خضعت نجد واليمامة لنفوذ القرامطة إلى منتصف القرن الخامس الهجري.
وبعدها بقيت هذه الديار مهملة تتنازع عليها الدويلات وفيها زعامات ورئاسات محلية إلى أن جاء الأتراك إلى الأحساء واليمن والحجاز فكانت نجد تحت إشراف الولاة الأتراك في الأحساء أو الحجاز، وفي كل الأحوال كان هذا الإشراف غير مباشر بل هو إلى الشكلي والرمزي أقرب منه إلى الفعلي ومع ذلك انقطع.
هذا الإشراف كلية حين استقل زعيم بني خالد بالأحساء عام «1080هجري».
وحين بدأ الشيخ محمد بن عبدالوهاب دعوته قبيل منتصف القرن الثاني عشر الهجري كان الحكم في نجد كلها لإمارات ومشيخات صغيرة متنازعة، وليس لها تبعية لحكومات أخرى، إلا التبعية الرمزية لحاكم الأحساء، وهو مستقل عن الدولة العثمانية عملياً، وكان كل أمير وشيخ في نجد يشعر بالاستقلالية المطلقة.
ومن عقيدة الشيخ: «أرى السمع والطاعةلأئمة المسلمين برهم وفاجرهم مالم يأمروابمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوابه وغلبهم بسيفه حتى صارخليفة وجبت طاعته وحرم الخروج عليه».
وهل يخالف الشيخ فعله قوله وهو مشهود له بالعلم والعمل والإمامة في الدين، هذا من إحسان الظن بعلمائنا رضي الله عنهم.
وعلى كل حال فما يدل من كلام الشيخ على أن الدولة العثمانية ليس لها سلطان على نجد مايلي:
يقول: إن هذا الأمرالذي أنكروا عليَّ، وأبغضوني وعادوني من أجله، إذا سألوا عنه كل عالم في الشام واليمن أو غيرهم، يقولون هذا حق وهو دين الله ورسوله، ولكن ما أقدر أظهره في مكاني لأجل أن الدولة ماترضى وابن عبد الوهاب أظهره؛ لأن الحاكم عنده في بلده ما أنكره، بل لما عرف الحق اتبعه.
وقوله للأمير ابن معمر في بداية الدعوة: أرجو إن نصرت التوحيد أن يملكك الله نجداً وأعرابها.
نجد قبل الشيخ لم تكن تابعة للدولة العثمانية وبالرجوع إلى (قوانين آل عثمان مضامين دفترالديوان)، وهو عبارة عن التقسيمات الإدارية للدولة العثمانية تثبت أنه لا والي لنجد ولانفوذ عليها من قبل العثمانيين كبقية العالم الإسلامي؛ لأنه معلوم ليس كل الدول الإسلامية تابعة للدولة العثمانية.
وقبل الدعوة ليس هناك نفوذ واضح لبني خالد، بل قتال بين الدرعية وبني خالد وكذلك الدولة الجبرية ولا الأشراف في مكة، بل هي مسرح للصراع القبلي. ويقول أمين سعيد حاولنا أن نبحث عن اسم والي نجد فلم تسعفنا المصادر العثمانية بذلك.
يقول حسين خزعل لما ظهر العثمانيون على المسرح السياسي لم يكن لهم عليها نفوذ.
ويقول جاكلبن بيرين الجزيرة العربية ظلت ممتنعة على العثمانيين لم يخضعوها بسبب صحرائها الممتدة.
قال الشيخ ابن باز لم يخرج الشيخ ابن عبدالوهاب على الدولة العثمانية فيما أعلم؛ فلم يكن فيها رئاسة ولا إمارة للعثمانيين، إنما خرج على الأوضاع الفاسده في بلده.
ويقول نسيب الرفاعي: إن المتصوفة هم من أوغر صدر الخليفة العثماني على دولة آل سعود وقلبوا له الأمور.
ويقول الدكتورعجيل النشمي: لم نعثر على فتوى له تكفر الدولة العثمانية: بل حصر افتاءاته في البوادي القريبة منه التي كان على علم بأنها على شرك.
وقال أيضاً النشمي: نجد وماجاورها لم تعرها دولة الخلافة أهمية تذكر، ولم تحرك ساكناً أو امتعاضاً يذكر، رغم توالي أربعة سلاطين في حياة الشيخ.
وقد صرحت بريطانيا على لسان مندوبها الكابتن (سادلير) الذي بعثته لإبراهيم باشا عندما أسقط الدولة السعودية الأولى تهنئه على هذا النصر، وطلبت إليه التعاون لسحق نفوذ الوهابيين سحقا كاملا.
لاتوجد تعليقات